أطول شهر/ أحمد ولد الشيخ

خميس, 07/18/2019 - 02:57

كنا نعرف “أطول يوم”، وهو فيلم من إنتاج كين أناكين وأندرو مارتون، بمشاركة جون واين وهنري فوندا وبورفيل، ويشكل لوحة جدارية تاريخية هائلة ومذهلة، مقتبسة من كتاب كورنيليوس ريان المسمى به. تم عرضه على الشاشات في عام 1962، ويروي بالتفاصيل الدقيقة، إنزال الحلفاء يوم 6 يونيو 1944 على سواحل نورماندي. لكن لم يكن أحد يتصور عندها أن يعرف هذا العنوان، بعد 75 عامًا، نسخة جديدة مذهلة، وبالأحرى استطالة، في مكان ما من بلاد تجتاحها العواصف الرملية، وتعاني، منذ أحد عشر عامًا، عذابا يعجز اللسان عن وصفه: “أطول شهر”. عمل فني رديء لا يتصور أسوأ منه، بالتأكيد، ولن يجازف أي منتج أفلام على تصويره. يزن شهر يوليو 2019 الحالي أطنانا من التعب، ويتمنى الجميع في موريتانيا أن ينتهي في أسرع وقت ممكن، لكنه يمتد إلى أجل غير مسمى. بالنسبة لغالبية هذا الشعب، إن لم يكن جميعه، سيمثل أغسطس شهرالخلاص، وجميع التوقعات، وكل الآمال. الأمل في رؤية الرئيس الحالي، الذي وصل عدم شعبيته أرقاما قياسية، يفسح المجال لوريثه، دون ضرر يذكر. الأمل في رؤية البلاد تطوي صفحة الأزمة السياسية التي تعيشها منذ أكثر من عشر سنوات. الأمل في أن نرى رئيسًا “عاديًا”، يقود أغلبيته بلباقة ويحترم معارضته، يرأس بلادنا. الأمل في قضاء لا يخضع للسلطة التنفيذية. الأمل في أن نرى التعليم الذي ترك لشأنه والصحة العامة المحتضرة، ينهضان ويعملان بشكل طبيعي. أمل الفاعلين الاقتصاديين في معاملتهم جميعا على قدم المساواة. الأمل في أن لا نرى أنصارا نهماء يستحوذون على البلاد ومواردها. الأمل في تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين. الأمل في ألا نرى زوجة أو ابن أو ابنة أو صهر الرئيس في الصف الأول، مثل الأسرة المالكة. الأمل في أن ترى كل مكونات هذا البلد الفقير تعيش في اتحاد وثيق، دون حقد ولا كراهية. وأخيرا الآمل في أن يكون لدينا رئيس يستمع ويشرح ويبرر خياراته، ويعتذر إذا لزم الأمر، ولا يفعل ما يشاء ولا يعتبر نفسه سوبرمان يريد التحكم في كل شيء، حتى التفاصيل الدقيقة. هل هذا حلم ؟ حذار! حتى الآن، لا يطالب هذا الشعب المسالم بالمستحيل. يريد ببساطة أن يتم احترامه، وأن لا تبدد ثرواته وأن تفي الدولة بالتزاماتها تجاهه؛ وأن يكون أفضل، وأكفأ وأكثر أبنائه تكريسًا للخير، في الصف الأول لخدمته لا لخدمة أنفسهم؛ وأن يوفر له الأمن وأن لا يحسب أبسط طريق وأصغر مدرسة في الريف بأنهما إنجازات “عظيمة”؛ وأن لا تكون “القيادة الوطنية” في المستقبل النقطة الأساسية الوحيدة التي يتوجه الجميع نحوها، للتمتع بأبسط الحقوق. وباختصار، بأن تعمل الدولة التي كلفها شعبنا صاحب السيادة بإدارة مصلحتنا المشتركة، على تحقيق ذلك حقًا، من خلال تحديد ذلك وتقاسمه بإنصاف وعدالة وشعور كبير بالخدمة، مع الاستماع الحقيقي للجميع، ولو كانوا معارضين.