موريتانيا: قادة المعارضة مرتاحون لانفتاح الرئيس ويدعون لحوار شامل

جمعة, 09/20/2019 - 01:26

انفراج كبير هذا الذي تشهده الساحة السياسية الموريتانية هذه الأيام ضمن الانفتاح الذي استحدثه الرئيس محمد الغزواني على معارضه سلفه من خلال سلسلة لقاءات مفتوحة وشاملة.
فقد تابع الرئيس محمد الغزواني، وسط ارتياح كبير للساحة السياسية المحلية، أمس، لقاءاته واستماعه لكبار معارضي سلفه من قادة أحزاب المعارضة، حيث التقى كلاً من محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، وعبد السلام حرمه رئيس حزب الصواب (البعث الموريتاني)، بعد لقائه الأسبوع الماضي بكل من الرئيس أحمد ولد داداه رئيس حزب التكتل، ويحي ولد الوقف رئيس حزب العهد، وإبراهيم بكاي زعيم مؤسسة المعارضة.
وبينما تابع حزب التكتل انتقاده لتسيير الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومطالبته بالتحقيق فيما يعتبره الحزب «قضايا فساد ونهب»، حذر يحي ولد الوقف رئيس حزب العهد الديموقراطي مما سماه عودة الرؤساء السابقين للمشهد السياسي (في إشارة واضحة للرئيس السابق)».
وعن لقاءات الرئيس بالمعارضين، أكد عبد السلام ولد حرمة رئيس حزب الصواب «أن لقاءه مع رئيس الجمهورية كان بطلب من الرئيس ضمن الالتزام السياسي الذي قطعه الرئيس غزواني على نفسه في برنامجه الانتخابي بتفعيل وضبط علاقة النظام وأجهزته بأحزاب المعارضة الديمقراطية وخلق فضاء دائم من التشاور معها حول قضايا البلد وهمومه».
وقال «إن حزب الصواب رحب باللقاء مع الرئيس، واعتبره منعطفاً إيجابياً في نظرة السلطة للمعارضة»، معتبراً «أن هذه الدعوة تجسدت في جميع خطابات الحزب، وعبر عنها بوضوح مرشح كتلته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة النائب بيرام الداه أعبيد، وصدرت في بيان مسترك وقعه مع مرشحي المعارضة الوطنية حتى قبل صدور النتائج الرسمية».
وقال: «أكدت لرئيس الجمهورية أهمية الحوار الآن في مواجهة القضايا الكبرى التي تواجه البلاد والتي تعرقل مسيرة نموه إلى حد الآن، وعلى أهمية تجاوزها خصوصاً الملف الحقوقي والاجتماعي، وقضايا الحكامة، ومواجهة غول الفساد، وتأمين آليات الانتقال الديمقراطي السليم وشروط تحققها»، معتبراً «أن المعارضة اليوم جاهزة للتعاطي الإيجابي متى كانت الدعوة صادقة ومفارقة لما عرفته البلاد من دعوات سابقة للحوار ظلت مخيبة لآمال من شارك فيها».
وفي تصريح صحافي آخر ذي علاقة، قال رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض محمد ولد مولود «إن لقاءه بالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أظهر له وجود استعداد كبير لإحداث تغيير وتفاهم حول القضايا الوطنية».
وقال: «تجاوبت المعارضة عندما تمت دعوتها للقاءات مع الرئيس لأنها لا تريد تضييع فرصة إحداث تطبيع في الساحة السياسية، بعد العشرية العقيمة التي مرت بها علاقة الطرفين».
وأكد ولد مولود «أن الرئيس عبر عن استعداده للانفتاح على المعارضة»، معتبراً «أن هذه اللقاءات لها أهميتها الكبرى في هذه المرحلة، وهي أهمية تكمن في كسر الجدار السياسي والنفسي الذي يشكل عقبة أمام أي تفاعل ديمقراطي وإيجابي ما بين السطلة والمعارضة». ودعا ولد مولود في تصريحاته «الرئيس لإجراء حوار وطني تطرح فيه جميع القضايا الوطنية الأساسية، وخاصة الثوابت الوطنية والمصالح الوطنية الكبرى من أجل التوافق حولها».
وأشار ولد مولود إلى «أن استقرار موريتانيا مهدد بكثير من العوامل الداخلية التي لم تجد حلاً بعد، وبخاصة أزمة الوحدة الوطنية، والأزمة الاجتماعية قابلة، حسب قوله، للانفجار في أي وقتٍ».
وأكد ولد مولود «أن موريتانيا مهددة كذلك بسبب ثروة الغاز الهائلة التي تنتظرها والتي ستجعلها، حسب رأيه، عرضة لتكالب أصحاب المصالح في الخارج والداخل».
وأوضح ولد مولود «أن كل هذه الأمور تجعل السعي الحثيث من أجل الحوار الوطني ضرورة ملحة».
وفي موقف آخر ذي صلة «أكد رئيس حزب العهد الوطني للديمقراطية والتنمية «عادل» النائب البرلماني يحي ولد أحمد الوقف، أن التجربة علمت أن عودة أي رئيس سابق للمشهد السياسي سيزعزع الاستقرار».
وقدم ولد الوقف أمثلة على هذا «بالرئيس السابق الراحل المصطفى ولد محمد السالك، لافتاً إلى أنه سجن عندما أراد ممارسة السياسة، وما حصل لمحمد خونا ولد هيداله خلال ترشحه للانتخابات عام 2003».وأضاف ولد الوقف، في مقابلة مع النسخة الفرنسية لوكالة «الأخبار» المستقلة، «أنه يعتقد أن الرئيس الذي يخرج من السلطة عليه أن يبتعد عن المشهد السياسي.
وأردف قائلاً: «من أجل استقرار هذا البلد يجب ألا يشارك رئيس سابق للجمهورية في الحياة السياسية، وذلك الأمر يتماشى مع مصلحة الرئيس السابق نفسه، ومع مصلحة البلد أيضاً».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يقصد أن عودة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ستزعزع استقرار موريتانيا، قال ولد أحمد الوقف: «لقد سمعتم ما قلت، لم أذكر شخصاً بعينه، ما قلته هو عندما يتدخل الرؤساء السابقون في السياسة في بلدانهم فإن ذلك يزعزع الاستقرار ويجعلهم معرضين أكثر، وذلك غير مرغوب فيه، إذا بقوا في النسيان فسيكون ذلك أفضل لهم وللبلد».
وفي بيان مصاحب لهذه التطورات، تناول الحالة ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ الراهنة، أكد حزب تكتل القوى الديموقراطية المعارض برئاسة أحمد ولد داداه «ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻞ ﻓﺘﻴﻞ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻠﺪ»، داعياً «لتنظيم ﺣﻮﺍﺭ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﻃﻨﻲ ﺟﺎﻣﻊ ﻳﺆﺳﺲ ﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﺪﻧﻴﺔ ﻗﻮﺍﻣﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳّﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ».
كما دعا حزب التكتل في بيانه إلى «وقف اﻠﻤﺘﺎﺑﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺿﺪ جميع ﺍﻟﻤﻮﺭﻳﺘﺎﻧﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ».
وأكد الحزب في بيانه الصادر عن اجتماع قيادته السياسية على «خطورة ما شهدته موريتانيا من ﺗﺮﺍﻛﻢ للفساد ﻭﻣﺎ ﺍﻧﺘﻬﺠﻪ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ السابق ﻃﻴﻠﺔ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻴﻦ، حسب قوله، ﻣﻦ ﺗﺴﻴﻴﺮ ﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻼﻛﺎً ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ، ﻭﺍﺭﺗﺠﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﻤﺎ ﺁﻝ ﺑﺎﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﻖ ﻣﺴﺪﻭﺩ».
وأضاف: «ﻟﻘﺪ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻓﻖ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻓﻜﺮﺓ ﺭﺍﺳﺨﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ، ﺳﻮﺍء ﺗﻌﻠﻖ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺑﻤﺮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻘﻀاء ﺃﻭ ﺑﺎﻹﺩﺍﺭﺓ ﻭﺍﻷﻣﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﻭﺗﻮﻇﻴﻔﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺗﻜﺮﻳﺴﺎً ﻣﻨﻪ لسوء ﺍﻟﺤﻜﺎﻣﺔ، مضافاً للتلاعب ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ، وﺇﻓﺮﺍﻍ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺪﺍﻗﻴﺘﻬﺎ، وﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻨﻬﺐ ﺍﻟﻤﻤﻨﻬﺞ ﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، وﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻭﻧﺸﻴﺪ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﻴﻦ».

«القدس العربي»