موريتانيا: جدل حول حاجة الرئيس غزواني لحزب جديد بديل عن حزب سلفه

اثنين, 10/14/2019 - 12:17

لم تهدأ في موريتانيا لحد الآن الحرب بين فسطاطين يحيطان بالرئيس الغزواني منذ تسلمه للسلطة قبل شهرين، أحدهما يسعى لمسح الطاولة بتغيير سياسات وأشخاص وحزب الرئيس السابق، والآخر يسعى لاستمرار أدوات حكم الرئيس السابق دون تغيير.
ويعتمد الاتجاه الأول في خطابه على أهمية التغيير والإصلاح بالنسبة للرئيس الجديد، بينما يرى الاتجاه الثاني أن كل شيء مهيأ اليوم للرئيس الغزواني، فهذه إنجازات ورثها على الأرض، وهذه أغلبية برلمانية جاهزة، فلا داعي لأي تغيير، بل المطلوب هو مواصلة السير على طريق سالك».
وفيما لم يظهر الرئيس الغزواني أي موقف حتى الآن في هذا الاتجاه أو ذاك، مكتفياً بتدبير الأمور بطريقته الهادئة المتأنية، أثير جدل كبير تواصل أمس حول حاجة الرئيس الغزواني لذراع سياسي يدعم تنفيذه لتعهداته، أي الحاجة لتأسيس حزب جديد بديل عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي أسسه الرئيس السابق ولد عبد العزيز وحكم به لمدة عشر سنوات وساند به الرئيس الغزواني في الوصول للرئاسة في الانتخابات الأخيرة، ويسعى، حسب خصومه، لبقائه تحت قبضته.
وقد جاء هذا الجدل تالياً لاجتماع حضرته مجموعة من الشخصيات المنتمية لمختلف تيارات الطيف السياسي الداعم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ضمت برلمانيين حاليين، ووزراء سابقين، وبرلمانيين قدامى، وقيادات مجتمعية ناشطة في الحقل السياسي.
وأكد بيان صادر عن هذه المجموعة «أن نقاشها تركز حول ضرورة وأهمية وجود أداة حزبية فعالة تشكل ذراعاً سياسياً للنظام وتشكل جسراً متيناً بينه مع الجماهير».
يضيف البيان: «وقررت المجموعة مواصلة نقاشاتها حول هذا الموضوع والعمل على توسيع دائرة اتصالاتها عبر انتظامها في لقاءات دورية من أجل بلورة رؤية موحدة سعياً إلى التوصل لموقف عملي يمكن من استيعاب جميع القوى التي دعمت الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني والتي سبق أن عبرت عن رغبتها في الانخراط في الحزب الذي يتبناه الرئيس والذي يتخذ من الرئيس مرجعيته».
وضمن التعليقات الكثيرة التي نشرت حول هذه الجدلية السياسية، أكد المدون البارز محمد الأمين الفاضل أن «اللقاء الذي نظمته المجموعة المذكورة قد جاء في «التوقيت الخطأ»، وبقيادة «الأشخاص الخطأ»، ووفق «الأسلوب الخطأ»، فعلى من يبحث بجد وصدق عن مصلحة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وعن تثبيت أركان حكمه، أن يعمل في الوقت الحالي من أجل تجديد هيئات الجمعية الوطنية وانتخاب هيئات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (حزب الرئيس السابق)، وأن يكون تجديد تلك الهيئات سواء في الجمعية أو في الحزب لصالح الرئيس غزواني، أي أن يتولى قيادة تلك الهيئات أشخاص يدينون بالولاء للرئيس غزواني لا لغيره، وأن يكونوا في الوقت نفسه يتمتعون بسمعة سياسية مقبولة».
وأضاف: «يجب أن تبقى تلك هي أولوية المرحلة لمن يسعى بصدق لمصلحة الرئيس غزواني، هذا إذا لم تظهر حملة تشويش جديدة، وإذا لم تظهر أي محاولة من الرئيس السابق للتدخل، أما في حالة ظهور أي شيء من ذلك، فإن أولوية المرحلة يجب أن تكون حينها الدعوة لتشكيل حزب سياسي جديد ولحل البرلمان».
وانتقد المدون انعقاد اللقاء السياسي التشاوري في منزل القاضي فضيلي ولد الرايس، الذي كان يدعو، حسب قول المدون، إلى وقت قريب، وبشكل مبتذل، لخرق الدستور وللتمديد للرئيس السابق، وأن يكون أغلب الحاضرين لهذا الاجتماع عبارة عن شخصيات محترقة سياسياً، وذلك بعد أن بدلت ولاءها أكثر من مرة ومن دون خجل لأكثر من رئيس».
وقال: «إن أي مبادرة داعية لتشكيل ذراع سياسي للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يجب أن يقودها النواب الرافضون للتمديد، فأولئك النواب هم من يمتلكون داخل الأغلبية الشرعية الأخلاقية والسياسية الدعوة لاجتماع من هذا النوع».
وأكد الفاظل أن «على من يريد أن يشكل ذراعاً سياسياً داعماً للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يتبنى، قبل أي شيء آخر، نهج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في الحكم، وهو النهج القائم على الابتعاد عن الصدامية والتأزيم، والمعتمد أساساً على الانفتاح على الجميع»، مضيفاً قوله: «لا أعتقد بأن مجموعة 23 قادرة على تبني ذلك النهج، فأغلب أعضائها ما زال يفكر بعقلية تقليدية ترى بأن المعارضة ليست شريكاً في الحكم، وإنما هي «شرذمة من الخونة»، وترى بأن الرئيس يجب أن يبقى منغلقاً على دائرة ضيقة من الداعمين الذين يعتمدون على أسلوب التطبيل والتصفيق، لا على أسلوب النصح وتسويق الإنجازات».
وفي عجاج هذا الجدل، وتحت عنوان «ماذا يبقى لولد الغزواني؟، خصصت صحيفة «تقدمي» الإلكترونية المعارضة افتتاحيتها أمس للحديث عن الأفق السياسي المفتوح أمام الرئيس الغزواني، مؤكدة أنه «في ظل هذا الصفيح السياسي الساخن الذي تكاد تذوب عليه شمعة الأمل في حكم أفضل، يُدار الحزب الحاكم من طرف ثلة من رجال العهد السابق، لا تزال تدعو ولد عبد العزيز بـ «الرئيس المؤسس»، وتعلق صوره على جدران مقره، وتستقبل تعليماته وتوصل رسائله لقياديي الحزب وقواعده».
وتابعت الصحيفة: «إن سياسيي موريتانيا لا يجدون صعوبة في أن يغيروا ولاءاتهم أو يقلبوا ظهور مَجَانهم، ولكنهم لا يولون وجوههم إلا شطرَ من قويَ ساعده وصلب عوده، لا من يتردد في امتطاء صهوة جواد كينونته».
«على ولد الغزواني، تضيف «تقدمي،»، أن يحسم قراره في أن يكون رئيساً، فيفكر في أجوبة شافية لكل أسئلة التاريخ الثرثار، ويدرك أن الأنسان حديثٌ بعده، وأن العباقرة والمجانين هم وحدهم من يغيرون نواميس الكون، وليس الدراويش الملتفعون في جُبَب صوف».
وخلصت الصحيفة إلى قولها عانية الرئيس الغزواني: «إنه موعده مع قمم الجبال الشماء، فإن لم يخاطر بارتقائها عاش بين الحُفر والأخاديد، فللعهد معنىً عند جميع الشرفاء، غير أنه لا مناص من أحد خيارين متضاربين: الوفاء بعهد الله والوطن أو عهد ولد عبد العزيز».

«القدس العربي»