نداء زعيم التكتل: طوق نجاة لإنقاذ الحوار.. أم إعلان يأس من التنسيق؟

جمعة, 06/17/2022 - 11:03

ليلة البارحة، أطلق زعيم حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه نداء عاجلا إلى الحكومة "التي تتحمل المسؤولية الأساسية في تسيير البلاد، وإلى جميع الأطراف السياسية في البلاد للمضي قدما في تنظيم حوار وطني شامل وبناء، قادر على تمكين البلاد من تجاوز القضايا التي تعيق وحدتها، واستقرارها، ومسيرتها الديمقراطية، وتنميتها".

 

اختار ولد داداه توجيه ندائه العاجل عبر مقطع مصور من منزله، وبإخراج تعمد تنويع الزوايا خلال التصوير، وتفادى إعلان النداء عبر مؤتمر إعلامي، أو بيان صحفي، في رسالة تبرز البعد الشخصي للنداء، دون أن تستبعد البعد المؤسسي.

 

لقاء.. وعودة

عاد ولد داداه من خلال النداء للحديث للرأي العام، وللظهور الإعلامي بعد نحو ثلاث سنوات من الغياب، باستثناء لقاءات له مع الرئيس محمد ولد الغزواني جرت بعيدا عن التغطية الإعلامية الرسمية.

 

وكان آخر هذه اللقاءات قبل أيام قليلة من إصداره النداء، وبعد إعلان الوزير الأمين العام للرئاسة المفاجئ – والوصف لولد داداه – تعليق جلسات الحوار.

 

تهديد بوأد الأمل

ولد داداه انتقد في ندائه – وبشدة – تعليق الحوار السياسي الذي كانت جلساته التحضيرية جارية، مؤكدا أنه "فاجأ الرأي العام قاطبة بما يمثله من تهديد حقيقي بوأد الأمل في غد أفضل بعدما لاحت بروقه واستبشر به الرأي العام خيرا".

 

 

وذكر ولد داداه بأن العديد من النقاط الجوهرية، والتي تحتاج إلى حلول توافقية كانت ضمن أجندات هذه الحوار، ومثل لذلك بملف الوحدة الوطنية، والمنظومة التربوية، والعدالة الاجتماعية، وملفات أخرى.

 

نذر المحيط الملتهب

كما توقف ولد داداه في ندائه مع محيط موريتانيا "الملتهب" حيث توجد "في قلب منطقة جغرافية وقعت بعض دولها للأسف منذ عدة سنوات في منزلق فوضى الحركات الإرهابية، والاضطرابات السياسية، وشبكات الجريمة العابرة للقارات، مما أدى إلى فقدان هذه الدولة للسيطرة الحقيقة على أجزاء من أراضيها".

 

وانطلق من هذا الأوضاع ليؤكد أنها تفرض على موريتانيا "في أسرع وقت ممكن، بناء وتحصين جبهة داخلية، تمكن مواطنيها خاصة الفئات الأكثر هشاشة، والشباب على وجه الخصوص من استشعار هذه الأوضاع الخطيرة ومقاومة ما تمثله من نظريات مدمرة للجميع".

 

 توقيت نداء ولد داداه، بعد أسبوعين من إعلان الوزير الأمين العام للرئاسة يحي ولد أحمد الوقف تعليق الحوار، وعقب لقاء رئيس التكتل مع ولد الغزواني، وفي ظل استياء عام في صفوف المعارضين، من التعليق المفاجئ للحوار قبل وقت وجيز من الوقت الذي كان محددا لانطلاقته، يطرح أكثر من سؤال حول رسالة النداء، وحمولته الأهم؟

 

فهل جاء نداء زعيم التكتل لمد حبال الإنقاذ للسلطة لاستئناف الحوار استجابة له، حتى لا تحسب العودة "خضوعا" لضغوط أقطاب المعارضة، وقبولا بشروطها؟ سواء المعارضة التي لم تشارك أصلا في جلساته التحضيرية التحالف الشعبي التقدمي، أو تلك التي قاطعتها لاحقا؟

 

وفي هذه الحالة يكون التعليق أعطى للسلطة فرصة لتذكير أقطاب المعارضة بتشاركية الحوار، وببعض الأوراق التي يمكن أن تلعب بها، ومنها ورقة الوقت، إضافة لورقة التباينات الداخلية.

 

ويدعم هذا الخيار أن النداء جاء بعد لقاء – غير معلن - لولد داداه مع الرئيس محمد ولد الغزواني، وهو اللقاء الذي تم بعد إعلان تعليق الحوار.

 

كما يدعمه لقاء – غير معلن هو الآخر – جمع الوزير الأمين العام للرئاسة يحي ولد أحمد الوقف، ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد الطالب أعمر مع قيادات من حزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، وذلك بعد تعليق جلسات تحضير الحوار.

 

أم أن النداء جاء لإعلان أخذ مسافة من السلطة بعد ثلاث سنوات من مسايرتها بشكل مواز، أو في الصف الأقرب لها من المعارضة، وإعلان نهاية للنسق الذي كان قائما؟

 

ويدعم هذا الخيار النبرة التحذيرية القوية في النداء، والحديث الصريح عن خطورة الأوضاع، واستحضار الأوضاع في المحيط، والذي أدى إلى فقدان إحدى دوله "السيطرة الحقيقة على أجزاء من أراضيها".

 

وكذا التذكير بإمكانية تحول استغلال موارد الغاز المهمة التي ينتظرها البلد إلى "مضاعفة مشاكله.. لا قدر الله إذا ما تم استغلاله في جو لا يطبعه الاستقرار والانسجام".

 

وأيا تكن الرسالة التي أراد أول زعيم للمعارضة في موريتانيا إيصالها من خلال ندائه، فإن جل الموريتانيين يتفقون معه في الخلاصة التي وصل إليها، وهي حاجة البلاد القصوى لبناء وتحصين جبهتها الداخلية، وأنه "لا يمكن بناء هذه الجبهة الوطنية الداخلية ذات الأهمية القصوى، إلا إذا تمت مناقشة التحديات الداخلية على نطاق واسع، بغية التصدي لها من خلال إيجاد حلول توافقية للقضايا الجوهرية التي تواجه البلد".