شعوب تحيى بالعمل و أخرى تموت من كسل / الولي ولد سيدي هيبه

سبت, 01/02/2016 - 10:50

الكسل والخمول آفة جديدة وخطر متفاقم له العديد من العواقب الوخيمة والتأثيرات السلبية صحية بدنية و عقلية واجتماعية واقتصادية تنعكس سلبا على حياة الأمم و مسارات بنائها و في مجريات معركة رفع تحديات مستقبلها، كما تشكل اليوم و بحسب بعض دراسات دقيقة أجريت حول الموضوع، تحديا جديدا 

يضاف إلى جملة التحديات التي تشهدها كل البلدان المصابة بهاتين الآفتين.
و من هنا فلا شك مطلقا في أن من أسباب تخلف بعض الدول و دوام فقر أهلها و اختلال بنيتها ما يرتبط إلى حد بعيد بالعقلية العامة لشعوب هذه الدول و نمط تعاملها مع متطلبات قيامها و بقائها و ما هو سياسي و ثقافي كذلك. و بالطبع فكلما كانت الشعوب أكثر ميلا إلى العمل و السعي إلى توفير الاحتياجات بالجهد و المثابرة كلما كبر شأنها و اعتلت مكانة مرموقة في مسار الأمم. حقيقة تدعمها يوما بعد يوم ظواهر وخوارق شعوب تقفز من الحضيض إلى مصاف الأمم المتقدمة بالعلم و العمل به و بالتكنولوجيا و تطبيقاتها المفضية إلى التصنيع و التصدير و التبادل الذي يزيد التطور نوعا و كما.
و على العكس من ذلك فمتى يكون أي شعب عازفا عن العمل، محبذا الاتكالية، معتمدا التوسل و لو أكسبه أشكالا مبطنة و صفات محسنة كما هو الحال في هذه البلاد و محملا إياه للتمييع أوصافا و معاني:
·        كـ "الغيبة" بمعنى السفر بنية الإقامة الطويلة إلى الأهل و الأقارب و الأتباع و الحلفاء و أصحاب الصيت الحسن و عظيم الحظوة من المال و الجاه،
·        و "مسنون" قصيد التبجيل أي مستحق نظمه و إنشاده قريضا و لهجيا لذوي القدرة على الصرف دون سواهم،
·        "قرعة" أي مردود التبعية الاجتماعية تحت عديد التسميات و الصفات، تجبى على أهل الرأس في الترتيب الهرمي لفائدة أفراد الفئات في أسفل الهرم من أجزاء شاة ذبيحة إلى أبسط مستلزم من ضرورات البقاء رغم الحَظر و المحاربة النظرية من و الوعي الجديد على الأقل لهذه الدونية و المطالبة بالعدالة و المساواة في ظل دولة المواطنة.
عادات خطيرة ما زالت ـ على الرغم من مضي زمانها ـ  تقوض منذ تأسست الدولة المركزية و توحدت أجزاء ترابها ـ تقتل في الفرد الموريتاني روح  العمل والاجتهاد و تعزز لديه نزعات "التوكل" و اللامبالاة بالمصير. و إن الشواهد على هذه الحالة، التي تجد مجتمعة في تركيبتها كل الأبعاد النفسية و الاجتماعية و الأخلاقية، تُعري وضعا يطبعه التأخر و تترجمه الفوضى و غياب أدوات التغيير و البناء و الحضور و المنافسة، ثم لا تخفي أوجه التخلف المدني و البنيوي و الاقتصادي و المعرفي العلمي التواصلي مع قنوات التقدم و  سبل الارتقاء و المشاركة في بناء صرح العولمة السابحة بالشعوب الناضجة و الكادحة و المبدعة إلى فضاءات الإبداع.
فهل يدرك المسؤولون، من المثقفين بالمعنى النبيل على قلتهم و السياسيين على ضعف نضجهم و المخططين على طلاقهم على أرض الواقع مما تعلموه و القادة الكرزميين على سوء توظيفهم لهذه الخصلة النبيلة و القيمة النادرة الذين يمتلكون جميعهم حسا مرهفا و من دون شعور بالنرجسية أو الغرورية أو الادعائية أو التقاعسية أو الخذلان أو الإحباط، خطورةَ الوضع و  فظاعةَ كل تناقض أوجهه من ناحية، و ضياع مقدراته البلد ،على أيدي السفهاء عديمي الضمير و اللا وطنيين و المفسدين و المبذرين بلا وازع ينهي أو يخز، من دون أن يكون لها أثرٌ يذكر ليشكر في عملية البناء على أرض الواقع و رفع التحديات و خلق سبل المنعة و الاستقلالية و القوة لبلد ما زال بعيدا كل البعد من أدنى عتبات النهضة التي عمت أرجاء المعمورة و آتت أكلها في أكثر بلدانها وعيا بمحامد العمل؟