في نواكشوط: سوق "ساخنة" للذهب تخطف الأضواء

ثلاثاء, 05/24/2016 - 14:40

عند تقاطع شارع الرئاسة مع نهاية شارع "الرزق " وعلى بعد أمتار قليلة من سوق الهواتف النقالة وملحقاتها تتشكل سوق "ساخنة " جديدة لكن بمعروضات أغلى ورواد وسماسرة أكثر خبرة وأقدر على اغتنام الفرص إن كانت هناك فرص في الاستفادة من مخزون الذهب الموريتاني .

مندوب السراج تجول في هذه السوق الجديدة وعاد بالتقرير التالي :

في سوق الذهب " التوءم الجديد لسوق الهواتف "نقطة ساخنة"، لا يمكن أن يمر العابر دون أن ينسحب بشيء من عطر غانم متفائل أو يصيبه شيء من ما لدى نافخ الكير الذي تبددت ثروته بين جيوب سماسرة السوق وباعتها، وبين مكاتب الجمارك ورسوم الترخيص بوزارة المعادن وبين مؤونات العيش في صحراء قاحلة تعدم أبسط مقومات الحياة .

عانت سوق الذهب من الركود منذ دخلت القنوات التلفزيونية على الخط لترصد واقع المنقبين وترصد معاناتهم، حيث عاشت طيلة أسابيع على وقع أزمة ألقت بظلالها على نفسيات كل من جنى ثمار التنقيب قبل أن يقطفها أصحابها، فلقد رصدت القنوات التلفزيونية حالات من خيبة الأمل في أوساط المنقبين، أيامَ كانوا في فضاء "احميم" الصحراوي الموجود عندهم في الرخصة والأجرد من أي نوع من المعادن حسب ما تفيد مصادر متخصصة.

 وعادت السوق لتنتعش مجددا بعد عودة آخرين وقد أحرزوا بعض ما صبوا إليه وبعد انزياح الزاوية المعتمة من الصورة التي رسمتها التقارير الميدانية للقنوات التلفزيونية، كما يقول محمد وهو أحد رواد السوق.

 

بورصة تتراجع

عرفت الأسعار _قبل ما أدت إليه التقارير من كساد_ تصاعدا جنونيا حيث يرى البعض أنها شهدت في إحدى الفترات صعودا يوميا بمعدل يبلغ زهاء ال100 ألف للجهاز، والآن بعد رحلات ناجحة نسبيا عاد إلى السوق روادها، إلا أن الأسعار سجلت تراجعا بشكل كبير من زهاء المليونين إلى حوالي مليون ونصف للجهاز المجمرك و800 ألف أو تزيد قليلا للجهاز غير المجمرك، كما أفاد السراجَ أحدُ رواد السوق المطلعين.

أما أسعار الذهب نفسه عند سماسرة السوق فقد نزلت هي الأخرى مما كان متداولا عند الناس وهو حوالي 14 مليون أوقية للكيلوغرام إلى 12,1 مليون أوقية اليوم وفق عملية طلب للبضاعة حضرتها السراج.

 وفضلا عن كون هذا السعر الرخيص نسبيا سعرَ طلب، فإنه أيضا لا يستغرب في الوقت الذي تسجل أسعار الذهب نزولها إلى أحد أدنى مستوياتها في هذا العام عالميا.

 

بين النجاح والإخفاق

بعد تداول الأحاديث عن خيبة الأمل التي انتشر صداها حينها في نطاق واسع لدى المنقبين وسط الأفاعي والعقارب و شح المياه واستنزاف الجهد العضلي دون ظفر بالكنز المنشود، عادت إلى الآذان قصص جديدة لنجاح قد لا يغطي المحروقات وفق ما أبدى بعض من التقيناهم، إلا أنه يبعث الأمل.

عبد الله العائد لتوه من الذهب، رفض التصريح بغنيمته، لكنه عازم على العودة إلى ميدان التنقيب مجددا، ويرى أن سبب الاستياء _الذي لقي صوتُ دعاته رواجا عبر وسائل الإعلام التي كثفت وجودها هناك _  هو أن المقبلين على التنقيب يظنون أنهم سيجدون كثيرا من الذهب بقليل من العناء بينما الحاصل _وفق عبد الله_ هو خلاف ذلك، فعبد الله الذي رفض أن يعطي فكرة عما تحصل عليه، أكد أنه يعرف من بين زملائه المشاركين من استفادوا استفادة بينة، ومن وجدوا شيئا لا يسدد كل ما بذلوا في التجهيز للتنقيب لكنه مبشر، وهناك من لم يجنوا غير العناء والتعب.

رواية عبد الله التي قد تكون في جانب من جوانبها تحصيل حاصل تكمن دلالتها في تغيير بعض الذهنيات اليائسة وإغراء المزيد من الشباب و"الشيب" الذين بدؤوا يزاحمونهم في ميادين التنقيب على المغامرة مجددا وضخِّ دماء جديدة في السوق وتهدئةِ البلبلة التي شابت سمعتها وإيقادِ جذوة أمل في الصورة القاتمة التي ارتسمت لدى الكثيرين عنها، وشأنُ عبد الله مع الذهب حسب روايته كشأن أحمد الذي أكد أنه استطاع أن يحصر شراكته مع مجموعة مكونة من أربعة أفراد في شريك واحد يتقاسم معه ملكية جهاز استطاعا أن يشتريا حصص شريكيهما فيه وأن يجعلاه خالصا لهما، كما استطاعا من حصصهما في رحلة التنقيب الأولى أن يشتريا سيارة صغيرة شراكة بينهما.

سوق واعدة بكل من المقاييس ظهرت في وقت قياسي على بعد أمتار قليلة من سوق النقطة للهواتف النقالة لكن ميزة السوق الجديدة أن كل ما فيها في خدمة البحث عن الثراء السريع والبحث عن المعدن النفيس ورغم ذلك فليس كل مرتاديها من الأثرياء فهناك مبرمجو الأجهزة ومصلحوها وباعة قطع غيارها بل والمتاجرون في المستعمل منها وسماسرة البيع والشراء والذين لا يملكون غير مهارات خطابية سهلت لهم إقناع الآخرين والدخول معهم في صفقات بملايين الأوقية..

عشرات الباعة والسماسرة ومئات المترددين على السوق يوميا جمعهم البحث عن الثراء السريع وجذبهم بريق المعدن النفيس كما جذبت سوق النقطة الساخنة روادها من قبل وعلى نفس تشكل سوق النقطة تتشكل سوق أخرى موازية للذهب لا تبعد عنها سوى بضعة أمتار.

المصدر السراج