"لكوارب" تستكشف خيوط عملية الحرس والمهربين (تحقيق مصور)

اثنين, 05/30/2016 - 11:41

أجرت "وكالة أنباء لكوارب" تقريرا استقصائيا حول عملية "الحرس والمهربين" الأخيرة والتي جرت أحداثها فجر الثلاثاء 2016/05/24 عند المدخل الشرقي لمدينة روصو ـ قرب مصنع شركة تفسكي.

 

 

وتحاول الوكالة من خلال هذا التحقيق أن تتبع أثر العملية الأخيرة وحوادث التهريب التي تنشط بشكل مكثف على النقطة المذكورة المحاذية لضفاف نهر السنغال.

 

 

وقد اعتمدت "وكالة أنباء لكوارب" في هذا التحقيق على ثلاثة مصادر رئيسية:

ـ الجهات الأمنية ومحاضر التحقيق

ـ مصادر طبية

ـ معاينة ميدانية لمسرح الجريمة

 

1ـ التحقيق يسير عكس ما تشتهي سفن الحرس

قالت مصادر أمنية خاصة لـ "وكالة أنباء لكوارب" على اطلاع بمجريات التحقيق مع المهربين الذين تم توقيفهم ليل الثلاثاء الماضي أثناء محاولة إدخال كميات من الخمور إلى الأراضي الموريتانية، إن المتهمين أدلوا بتصريحات اتهموا فيها رجال الحرس بمحاولة "ابتزازهم"، مشيرين إلى وجود علاقة تربطهم بعدد من أفراد الحرس والأمن.

 

وأكدت المصادر أن المعنيين قالوا إنهم تعاملوا مع عدة أفراد لتسهيل مهمات التهريب التي كانوا يقومون بها، مؤكدين أن الزورق الذي تولى عملية نقل الشحنة في تلك الليلة المشهودة تعاملوا معه لفترة طويلة.

 

وأشارت المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية في روصو لم تتمكن حتى الآن من توقيف مالك الزورق، وإن كانت بالفعل تمكنت من حجز الزورق وجره إلى مبنى الإدارة الجهوية للأمن في روصو.

 

وتقول المصادر إن أحد المتهمين روى في محاضر التحقيق روايته لما حدث، قائلا إنهم في حدود الساعة الثانية فجرا كانوا يحاولون العبور من منطقة تقع عند المدخل الشرقي لمدينة روصو، قبل أن يتفاجؤوا بمهاجمة ثلاثة أفراد من الحرس يرتدون زيا مدنيا.

 

وقال أحد المتهمين "تلقيت ضربة على الرأس من "كبير الحرس" قبل أن أبادر إلى ضربه بالسيف على الظهر وسددت ضربة لرفيقه الآخر.

 

وقد حاول أحد الحرسيين انتزاع السيف من يد المهرب وهو ما تسبب في جروح بيده قبل أن ينجح في ذلك ويوجه ضربة قوية لأحد المهربين على الفخذ كادت تتسبب في قطع ركبته.

 

وتؤكد المصادر أن المهربين معروفون بشكل دقيق لدى الدوائر الأمنية وأن بعضهم سبق أن أودع السجن المدني بروصو لعدة مرات وتعرف على غالبية "حراس السجن"، وهو ما يسهل عليه التعامل معهم لاحقا.

 

وتشير المصادر إلى أن المهربين باتوا يتفننون في التعامل مع الحراس لكنهم أحيانا يحاولون مغالطتهم والمرور من طرق ومسالك غير معروفة لتجنب دفع الإتاوات المتعارف عليها بين "المتبايعين"، وأنهم في نفس الليلة حاولوا تفادي الأشخاص المعروفين بالنسبة لهم.

 

وتقول مصادر خاصة لـ "وكالة أنباء لكوارب" إن التحقيق لا يسير في مصلحة رجال الحرس، وأن تفادي وقوع كارثة بالنسبة لهم يتطلب مباحثات طويلة بين قيادات الحرس والأمن بولاية اترارزه في محاولة لتلطيف أوراق التحقيق التي من المفروض أن تصل مكتب وكيل الجمهورية اليوم الاثنين.

 

وترى المصادر أن تعامل الحرس مع المهربين اكتنفته عدة أخطاء، مؤكدة أن حراسة المنطقة (مسرح المعركة) من اختصاص الشرطة وكان ينبغي إبلاغهم لاتخاذ التدابير اللازمة قبل مهاجمة الفاعلين الذين من المفترض أن يُتوقع وجود سلاح بحوزتهم، إذا كنا فعلا أمام تدخل يسعى لإحباط عملية تهريب.. يقول المصدر.

 

المصادر الصحية ..

تقول مصادر "وكالة أنباء لكوارب" في مستشفى روصو إن المدعو وصل المستشفى مصابا إصابة بالغة في الركبة، غير أنه لم يكن في حالة سكر كما ادعت بعض الجهات ذلك.

 

ويقول المصدر إن تحديد استعمال المعني للكحول يتطلب بعض الفحوص الخاصة لمعرفة كمية الكحول في الدم، إلا أنه ـ يقول المصدر ـ من المؤكد أنه كان في حالة طبيعية.

 

وحسب نفس المصادر فقد عاد الجريح بعد يومين من العلاج إلى غرفة التحقيق بمفوضية الشرطة في روصو.

 

معاينة ميدانية ..

فريق "وكالة أنباء لكوارب" المكلف بالتحقيق في حيثيات هذا الملف عاين مسرح الجريمة والذي يقع عند المدخل الجنوبي للمدينة على بعد حوالي 2 كلم من الشارع الرئيسي.

 

توجد مزارع عديدة في المنطقة مختصة في زراعة الخضروات والنعناع أساسا، يشرف عليها عشرات الأهالي، وهي منطقة موحشة ومهجورة تقريبا.

 

توجد معابر داخل مناطق كثيفة يغطيها نبتة التيفا المعروفة محليا بـ "يور"، وتبدو مخيفة تماما ومعدة بشكل طبيعي لتخزين كافة أنواع المحرمات دون أن يتم الكشف عنها حتى وإن كانت هناك جدية كبيرة في تتبع خطى رموز التهريب.

 

وتقع المنطقة بمحاذاة القناة الرئيسية للصرف الصحي بمدينة روصو، وتنتشر القمامة في جميع نواحي المنطقة، بينما عاينا لحظة وجودنا في المنطقة زورقا متهالكا موجودا في إحدى نقاط العبور غير الشرعية، ويبدو أنه معد بشكل جيد لمواصلة عملية التهريب المستمرة بشكل منقطع النظير حسب ظروف وتنسيقات المهربين.

 

وحاول محققو "لكوارب" تقمص شخصيات عارفة بجغرافية المنطقة ومداخلها، وسألنا أحد المزارعين عن مكان مسرح الجريمة، والذي سأل عن أسباب السؤال، لنجيب أنه فقط للاطلاع على المكان بعد سماعنا بما حدث، وفعلا دلنا على نفس المنطقة التي وقعت فيها "المشاجرة".

 

في نفس المنطقة حاول أحد المزارعين تجاهل الأمر تماما، متسائلا "متى حدث هذا"، وحين سألنا عن إمكانية الحديث لأحد المهربين ولو بشكل معوض أجاب بأنه "ليس أحسن من يسأل في هذا الموضوع".

 

ورغم أن أحد "هؤلاء" تعهد لفريق "لكوارب" بجلب المهرب الذي نريد مضيفا "ولكم حق مرافقته إن شئتم"، فإنه سرعان ما تراجع، قائلا "الأمر قد يعرض حياتكم للخطر وحتى المهرب لن يقبل التعامل معكم مهما كان حجم التعويض".

 

حاولنا العودة مع ساعات المساء لكن نظرات أصحاب المزارع كانت تطاردنا، في حين كان البعض يلمح إلى عمليات السرقة التي تتعرض لها المنطقة ووجود بعض الأشخاص المجهولين رغم محاولات إخفاء أجهزة التصوير التي كانت بحوزتنا.

 

التهريب .. شبح يهدد "القيم"

تقول مصادر "وكالة أنباء لكوارب" إن العملية عرضت للبحث والنقاش على نطاق واسع خلال الاجتماع الأمني الدوري في ولاية اترارزه والذي عقد الخميس الماضي، في حين ظلت الجهات الإدارية تنبه على خطورة التهريب وضرورة أخذ المهربين بيد من حديد.

 

ومن المؤكد أن بعض الشخصيات الأمنية المعروفة والتي يعود وجودها في المدينة إلى فترة طويلة باتت تمتلك الكثير من مفاتيح الحل، كما أنها هي بالذات مصدر مفاتيح التأزيم حين لا يتم تدبير العملية بشكل محكم.