محمد بوشيخي يروي المسكوت عنه في ملف شيعة "المغرب"

سبت, 03/07/2015 - 13:51

يبدو أن لُبسا وقع لدى الكثيرين بشأن موضوع الترخيص لمؤسسة "الخط الرسالي للدراسات والأبحاث"، والمحسوبة على التيار الشيعي بالمغرب، حيث تحدثت منابر إعلامية عن ترخيص السلطات المحلية لطنجة للمؤسسة، فيما الأمر يتعلق بترخيص يرتبط بالقانون التجاري، وهو وما حذا بولاية طنجة للتدخل وتوضيح السياق.

وكانت ولاية طنجة قد نفت، يوم الثلاثاء الماضي، نفيا قاطعا الترخيص لمؤسسة "الخط الرسالي" بممارسة أي نشاط له"، مفندة بذلك ما تداولته بعض المنابر الإعلامية بخصوص الترخيص لـ"الخط الرسالي" لممارسة نشاط الطباعة والنشر بمدينة طنجة.

جدل الترخيص

الباحث في العلوم السياسية والمهتم بملف الشيعة، الدكتور محمد بوشيخي، أكد أن بلاغ ولاية مدينة طنجة المتعلق بنفي ترخيصها لـ"الخط الرسالي" لممارسة نشاط الطباعة والنشر، جاء لإبراء الذمة، إذ أن خبر الترخيص للمؤسسة نقل خطأ عبر وسائل الإعلام المغربية".

وأوضح بوشيخي، في حديث مع هسبريس، يوضح من خلاله خلفيات هذا الملف، بأن الترخيص تم بموجب قانون الشركات، أي بنود القانون التجاري المغربي، وليس وفق قانون الجمعيات، وبالتالي فإن الجهة التي تصدره هي "المحاكم التجارية"، وليس "السلطات المحلية".

وأشار المتحدث إلى خلط آخر وقع في الموضوع، يتمثل في توقيت الترخيص الذي صدر في شهر فبراير السنة الماضية، وليس فبراير من السنة الحالية، حيث لم يتم سوى نقل المقر من فاس، حيث صدر الترخيص، إلى طنجة التي يتواجد فيها غالبية نشطاء الخط الرسالي".

وفي قراءته لمنطوق بلاغ ولاية طنجة، أكد بوشيخي أنه بلاغ يتضمن "إنذارا" ضمنيا للمعنيين بالأمر في حال استعمال المؤسسة لأغراض خارجة عن حدود ما يسمح به القانون المنظم، من قبيل القيام بالدعاية، أو الولوج إلى النقاشات العمومية" وفق تعبيره.

واعتبر المحلل أن ترخيص المحكمة التجارية كان موقفا "وسطا" من الدولة، يمكنهم من التعبير باسم مؤسسة تحمل اسم موقعهم ذي الدلالة الشيعية؛ فالدولة لا يمكنها التغاضي عن مطالب يكفلها الدستور، كما لا يمكنها مباشرة حملات الاعتقال والتخويف في صفوفهم، في وقت تشدد فيه على تمسكها بقيم حقوق الإنسان".

ويبقى اللافت هنا، يضيف بوشيخي، أن شيعة الخط الرسالي أنفسهم لم يعيروا أي اهتمام للمؤسسة لحظة الترخيص، في السنة الماضية، لكون المبادرة بطلب الترخيص فرضته مشاعر الفشل حينها في الحصول على الترخيص لجمعية باسم "الرساليون التقدميون" بطنجة.

وخلص إلى أن الترخيص ليس سوى "شارة" لإثبات الوجود وتطييب الخواطر، حيث لم يعلن عنه إلا عبر صفحة فيسبوكية لأحد الأعضاء، بينما تم التركيز على بلاغ اللجنة التحضيرية لجمعية "الرساليون التقدميون" الذي استنكر تجاهل السلطات لملف الجمعية، ودعت عبره الهيئات الحقوقية المغربية والدولية إلى مؤازرتها.

مؤشرات تغيير إستراتيجية "الخط الرسالي"

واسترسل بوشيخي، في تصريحات لهسبريس، بأن ظروف الإحباط فرضت تغييرا عميقا على مستوى إستراتيجية "الخط الرسالي" في إدارة ملفه الخاص من أجل الحصول على الاعتراف القانوني، وتطبيع كيانه في النسيج الوطني".

وحدد المحلل ذاته مؤشرات هذا التغيير في ثلاثة مستويات، الأول يتجلى في "التخلص من تبني مرجعية محمد حسين فضل الله، وفشل مشروع مرجعية المؤسسة التي دعا إليها، حيث كان يرتبط بمرجعية فضل الله أعضاؤه المؤسسون قبل وفاته سنة 2010.

وعزا بوشيخي، الحاصل على دكتوراه في العلوم السياسية من مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريسEHESS، هذا التغير إلى "دفع شبهة الارتباط بالخارج، وأيضا لاحتضان فعاليات شيعية ترفض مرجعية فضل الله، أو لا تؤمن بالمرجعية أصلا، كما هو حال غالبية المتشيعين المغاربة".

وثاني المؤشرات يتمثل في "استبدال تسمية الشيعة والتشيع باسم محبي "آل البيت"، للارتكاز على نفس أرضية الثقافة الشعبية بالمغرب، وثالثها التقرب من الحساسيات السياسية والحقوقية والثقافية للتعريف بقضيته وجلب التعاطف معه" يورد الباحث.

وذهب بوشيخي إلى أن أهمية التصريح بمؤسسة تجارية جاء في سياق الإستراتيجية الجديدة للخط الرسالي، من أجل توظيفها في التحدث بصوت مرتفع أمام شيعة المغرب، بل محاولة تحويلها بقوة الواقع إلى جمعية، شأنها في ذلك شأن تلك الجمعيات التي ينظمها قانون الجمعيات، من خلال التركيز على وظائفها خارج مهام "الطباعة والنشر".

وسجل الباحث ذاته، في نفس السياق، أن "الاقتصار على طبع المؤلفات الشيعية ونشرها لن يحمل أي خطر، مادام المغرب يعتمد منذ عقود على سياسة الأبواب المفتوحة أمام مختلف الإنتاجات الفكرية، بما فيها الأكثر تطرفا" وفق تعبيره.

وبالتالي، يردف المتحدث، كان رهان شيعة "الخط الرسالي" منصبا أكثر على الشق الثاني من مهام المؤسسة، أي تنظيم المحاضرات والندوات وإصدار البيانات وعقد الاجتماعات...، وذلك حتى تتحول إلى رافد للتعبئة والتأطير المباشر" على حد قوله.

"المؤسسة كشفت عن هذا التوجه عبر بلاغ التأسيس الذي أعلنت فيه "اجتماع أعضاء مجلس إدارتها"، وثمنت خطابات التهنئة التي قالت إنها تلقتها من مختلف المدن المغربية، والحساسيات الثقافية والحقوقية والسياسية، ومن الجالية المغربية بالخارج" يورد بوشيخي.

وزاد الباحث "وسبق أن تم تقديم المؤسسة على أنها ممثلة "للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) في المغرب"، الذي يوجد مقره بطهران، والذي أصدر عدة مواقف سياسية، وهذه كلها معطيات تقلق بال السلطة التي حاولت رد الأمور إلى نصابها ضمنيا من خلال بلاغ ولاية طنجة".