تقارير الغرب الأخيرة عن موريتانيا .. واقع معاش أم محاولة اغتيال للرئيس؟

أحد, 10/30/2016 - 10:49

رسمت بيانات السفارة الأمريكية والفرنسية والتقارير الأمريكية الثلاثة الأخيرة صورة قاتمة عن الوضع الحالى داخل البلد، وألمحت إلى مستقبل غامض ينتظر الرئيس والنخب السياسية الداعمة له، بفعل العجز الأمنى واختلاف طموح الداعمين، وصعوبة الوضع الإقتصادى بموريتانيا، وتراجع الحريات السياسية بموريتانيا.

وقد كان المواقف الفرنسى أكثر المواقف الغربية غموضا خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز "توتر غير معلن وصداقة غير مجدية". ففرنسا التى رحبت بانقلاب الجيش على الرئيس المدنى سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله (6-8-2008)، ومهدت الأجواء الدولية للقبول به، باتت اليوم من أكثر الدول رفضا للرجل الذى راهنت عليه خلال سنوات حكمه الأولى، ودعما لمعارضيه الذين خذلت إبان الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية والمسار الإنتخابى الذى رسمت ملامحه اتفاقية العاصمة السنغالية دكار2009.

 

لكن الخلاف خرج من مرحلة التداول داخل مجالس الساسة إلى فضاء الإعلام، وتحول من جفاء عاطفى بين دول تنظر للآخر كتابع ونظام يحاول رسم معالم البلد بنفسه، إلى مواجهة صريحة يتصدرها نظام سياسى يحاصر البلد بتصنيفاته الظالمة لقطاع السياحة، والمزعجة لكل مستثمر يحاول استكشاف فرص التنمية بموريتانيا، ويبتز الرئيس بعلاقة متصاعدة فى العلن مع أبرز خصومه السياسيين والحقوقيين.

 

ولعل البيان الأخير (29-10-2016)  حمل أكثر من رسالة للحكومة والشعب وللدبلوماسيين المقيمين بموريتانيا كافة، فى وقت تمر فيه البلاد بمرحلة حرجة بفعل التجاذب حول قضايا بالغة التعقيد كالهوية والعلم والنشيد وتقاسم السلطة وتواريخ الانتخاب وأوجه المشاركة فيه.

 

فالرجل الذى تحول فى نظر الدول الغربية وبعض دول المنطقة من مجرد ضابط منقلب على السلطة 2008 إلى أيقونة لفرض الأمن بالساحل، وتجنيب بلاده مخاطر القاعدة وشبكات الجريمة، بات اليوم فى نظر السفارة الفرنسية وأخواتها عاجز عن توفير الأمن على طريق "صكوكو" أو طريق " المطار"، بل إن الأمر يحتاج إلى بيان تحذيري للرعايا الغربيين من التجول فى أرقى أحياء العاصمة نواكشوط خوفا على أرواحهم، وكأنها أحياء "مقديشو" أو "ضاحية الأسد بحلب"، فى رسالة بالغة الإزعاج وتشهير مدروس التوقيت ومفاصلة بلغت أوجها بعد أن قرر الرئيس عن قصد تغييب السلك الدبلوماسي فى موريتانيا عن أهم نشاط تحتضنه البلاد منذ فترة (الحوار الشامل)، تاركا لهم فرصة التخمين والتقرير عن حدث لم يسمح لهم بالحضور فيه، وأكتفوا بمتابعته عبر الشاشة مع سكان الأحياء الشعبية وبعض المهاجرين فى الخارج.

 

صحيح أن العاصمة تعيش على وقع تصاعد مستمر للجريمة منذ فترة بفعل ضعف المنظومة الأمنية وتحولها إلى كعكة يتقاسمها أصحاب الرئيس (إدارة لكل جنرال مقرب)، لكن صحيح كذلك أنها أول مرة تقرر فيها فرنسا تصنيف مناطق راقية من العاصمة نواكشوط كمناطق حمراء يجب تجنبها، منذ أن سلمت أمن البلد للموريتانيين 1963.

 

لم يصدر من الحكومة أو الرئيس أو الأحزاب الداعمة له أي تصريح أو تعليق على البيانات الأخيرة، لكنها بحق رسائل مزعجة  بوادر اغتيال معنوى وسياسى للرئيس وهو يحاول رسم ملامح الجمهورية الثالثة كما يقول أنصاره، وتقويض جدى لأسس الاستقرار بموريتانيا والتنمية عبر رسم لوحة بالغة السوء عن الوضع الأمنى بها، بعد أن كانت محل إشادة وتقدير من الحليف الفرنسى السابق والولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.

زهرة شنقيط