زيارة بن كيران ليست كافية لتأكيد التوجه نحو علاقات وئام بين الرباط ونواكشوط

خميس, 12/29/2016 - 10:09

زيارة رئيس الحكومة المغربية إلى موريتانيا، وإن كانت طوت مؤقتا صفحة تداعيات تصريحات زعيم حزب مغربي حول مغربية موريتانيا، فإنها ليست كافية لتأكيد الذهاب نحو علاقات وئام بين الرباط ونواكشوط، خاصة بعد ما لوحظ مغادرته الزويرات بدون وداع رسمي.

وقال عبد الاله بن كيران رئيس الحكومة المغربية المعين، امس الاربعاء بعد لقاء دام ساعتين مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إن «تصريحات (حميد) شباط (الأمين العام لحزب الاستقالال) غير مسؤولة ولا تتماشى مع الثوابت الدبلوماسية المغربية، ولا تعبر إلا عن رأيه الشخصي؛ كما لا تعبر لا عن رأي الملك ولا الحكومة ولا الشعب المغربي».
وكان الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي حميد شباط قال يوم السبت الماضي إن «موريتانيا جزء من المغرب وأن حدود المغرب تمتد من طنجة إلى نهر السنغال» .
وأذكت هذه التصريحات الحرب الإعلامية المندلعة منذ شهور عدة بين الرباط ونواكشوط، الحرب التي تخفي توترا سائدا منذ سنوات، لكنها على الصعيد الداخل كانت فرصة لخصوم حميد شباط، للاقتصاص منه واندفاعه الشهور الماضية للتحالف مع حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية والفائز بالانتخابات التشريعية، ودعمه لزعيم الحزب، عبد الاله بن كيران، في تشكيل الحكومة التي ستدبر الشأن العام خلال السنوات الخمسة المقبلة.
عبد الاله بن كيران وبعيد اجتماعه مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، قال «رب ضارة نافعة، هذه التصريحات ستكون منطلقا لعلاقات جديدة بين نواكشوط والرباط، علاقات يشعر فيها الموريتاني في المغرب بأن له مكانة خاصة، ويشعر فيها المغربي في موريتانيا بأن له مكانة خاصة أيضا».
وشدد بن كيران، في تصريح مكتوب، على «العلاقات الجيدة بين المغرب وموريتانيا، التي تعد دولة عزيزة وتجمعها بالمغرب روابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك، وترتكز على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التعاون المثمر والبناء».
وإذا كانت تصريحات شباط قد تكون نافعة لتبديد التوتر بين الرباط ونواكشوط فإنه يبدو أن صاحبها سيدفع ثمنا باهظا حزبيا وسياسيا، بما فيه طموحات حزبه للمشاركة في الحكومة، إذ تتناسل المواقف والبلاغات المنددة بتصريحاته تجاه موريتانيا؛ وهي مواقف وبلاغات لا تقتصر على خصومه السياسيين بل شملت أيضا قيادات من حزبه، يبدو أنها تطمح لوراثة منصبه على رأس الحزب.
بعد بلاغ وزارة الخارجية وبيان التجمع الوطني للأحرار، خصمه والمشترط للمشاركة بالحكومة، استبعاد حزب الاستقلال، أصدرت الحركة الشعبية بيانا ترفض فيه ما صدر عن شباط وقالت إن تصريحاته «دون جدوى».
وقال بلاغ الحركة إن تصريحات حميد شباط تتصف بـ»افتقادها لحقيقة تقييم الجهود الرامية إلى تثبيت الروابط الأخوية التي تجمع بلدنا بالقارة الأفريقية، وكذا المشاركة الحقيقية في تنميتها»، مستغربة التصريحات الصادرة عن «مسؤول سياسي مغربي تجاه الجارة والشقيقة موريتانيا» و»لا يمكن إلا أن تكون فرصة سانحة لأعداء الوحدة الترابية للمغرب وللأجندات المناوئة لرجوع بلدنا إلى مكانه الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي».
وقال موقع «الأيام 24 « إن الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط يعيش أزمة نفسية كبيرة، بعدما تجندت الآلة الدبلوماسية المغربية لإصلاح ما أفسدته تصريحاته المثيرة وإنه أسر لبعض مقربيه بعزمه على عقد ندوة صحافية لكشف المستور، دون الكشف عن طبيعة «هذا المستور» أو مضمونه.
وأضاف المصدر أن الأمين العام السابق للحزب الزعيم محمد بوستة تدخل لدى شباط لتنبيهه بضرورة التزام الصمت ولو بشكل ظرفي ومؤقت، وعدم الخروج بأي تصريح صحافي أو أي شيء من هذا القبيل، نظرا لحساسية الظرفية الحالية، التي تتزامن مع تشكيل حكومة بن كيران الثانية التي يرغب حزب الاستقلال بالتواجد ضمن مكوناتها، إضافة إلى رغبة المغرب في العودة إلى الاتحاد الأفريقي.
وقالت إن حزب الاستقلال يعيش حالة انقسام كبير، بين مدافع عن حميد شباط ممن يرون أن حزبهم مستهدف وهو ما تؤكده الشروط التي وضعها رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، بعدما أشترط قبل أسابيع إبعاد حزب شباط كشرط أساسي للانضمام إلى حكومة بن كيران، وبين من يرى أن شباط أدخل حزب علال الفاسي مند توليه الأمانة العامة للحزب قبل 4 سنوات في متاهات أبعد ما تكون عن متطلبات المرحلة.
ولوحظ خروج عدد من قيادات الحزب ببلاغات تندد بتصريحات حميد شباط مثل بيان الحقيقة الأخير الذي أصدره الأمين العام السابق للحزب عباس الفاسي، ردا على ما قاله شباط حول ظروف تشكيل الحكومة سنة 2012، من أن الحزب كان متحفظا على هذه المشاركة إلا أن مستشاري الملك زاروا الأمين العام (عباس الفاسي) وسلموه قائمة باسماء الوزراء الذين سيشاركون باسم الحزب، وانتقد الفاسي تصريحات شباط، مدافعا في الوقت ذاته عن مستشاري الملك فؤاد عالي الهمة والراحلة زليخة نصري.
ولم تتأخر اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في الرد على بلاغ توفيق احجيرة، الوزير السابق ورئيس المجلس الوطني للحزب، الذي بثته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية ويحمل فيها شباط مسؤولية تصريحاته حول موريتانيا وبراءة الحزب منها.
وقال عادل بن حمزة الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال «إن السيد توفيق احجيرة عندما يحضر اجتماعات اللجنة التنفيذية، فإنه يحضر بصفته عضوا فيها وليس بصفته رئيسا للمجلس الوطني للحزب، وتبعا لذلك فإن ما يصدر عن السيد احجيرة هو رأي شخصي لا يلزم مؤسسة المجلس الوطني للحزب». وأكد بن حمزة أن حجيرة ساهم في صياغة بلاغ اللجنة التنفيذية وفي النقاش الذي شهدته طيلة ساعات من يوم الإثنين الماضي، وكتب – بخط يده – توضيحا موجها لبعض وسائل الإعلام، بين فيه احجيرة أن جميع أعضاء اللجنة التنفيذية ساهموا في صياغة بلاغ اللجنة، وأنه ليس هناك أي عضو من اللجنة التنفيذية اعترض على مضمون البلاغ».
وقال محمد الخليفة القيادي السابق في حزب الاستقلال «إننا دخلنا في نطاق شد الحبل ولي الأذرع، وفي حالة استمرار هذه المواقف فأنا شخصيا أستبعد أن يكون حزب الاستقلال في هذه الحكومة».

محمود معروف الرباط – القدس العربي