أمير قطر «يقلب الطاولة» على دول الحصار ويطرح شروطه لحل الأزمة

أحد, 07/23/2017 - 10:14

شهران مرا على حادثة اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية يوم 24 أيار/مايو الماضي؛ الشرارة الأولى التي أريد لها أن تلهب فتيل الأزمة الخليجية، وبعد أن خاضت قطر معركة دبلوماسية وإعلامية لتفنيد اتهامات دول الحصار ضدها، ونجحت في حشد دعم دولي لافت لدبلوماسيتها «الواقعية» و»العقلانية»؛ قررت الدوحة أن تنقل «الضغط» إلى الطرف الآخر، وتصعّد من نبرة التحدي لخصومها، معلنة نتائج التحقيقات في أكبر فضيحة اختراق لوكالة أنباء رسمية، تشهدها المنطقة.

«قطر تسلم «كشف الحساب» لخصومها

لم تتردد قطر في توجيه اتهام رسمي للإمارات العربية المتحدة بالتورط في قرصنة موقع (قنا) عبر موقعين في أراضيها، شكلا نقطة انطلاق عملية «القرصنة» الالكترونية التي مهّدت لبث تصريحات كاذبة على لسان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني؛ وتبعتها هجمة إعلامية شرسة، انتهت بخروج خصوم قطر إلى العلن، وإعلان قطيعة دبلوماسية، سرعان ما تحولت إلى حصار إنساني، لم يستثن الدواء والغذاء!
اتهامات قطر للإمارات، سبقتها تقارير إعلامية لصحيفة «واشنطن بوست» نقلا عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية، اتهموا صراحة دولة الإمارات العربية المتحدة بالتورط في قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية!
وبعد قرابة شهرين من «ضبط النفس» وانتهاج دبلوماسية هادئة، ودعوات متواصلة للحوار؛ قررت الدوحة الانتقال إلى مرحلة «الهجوم» وتسليم «كشف الحساب» لخصومها، متوعدة بتحريك دعوى قضائية جنائية لمعاقبة المتورطين في قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية، ومقاضاة كل من أساء لها، مع إصرار على «جبر الضرر» وتعويض ضحايا الحصار.

رياح الأزمة تغيّر اتجاهها

وفي ظل تنامي الدعم والتضامن الدولي لموقف قطر ضد خصومها، وبداية انكشاف خيوط «المؤامرة»؛ خرج أمير قطر في أول خطاب رسمي له منذ بداية الأزمة، بنبرة «المنتصر» الذي جاء ليقلب الطاولة على خصومه، ويفرض شروطه لحل الأزمة.
وشدّد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أن أيّ حل للأزمة يجب أن يقوم على مبدئي احترام سيادة الدول، وعدم محاولة فرض إملاءات، بل حوار لأجل التوصل إلى تسويات في القضايا الخلافية كافة. وأن حلّ الأزمة يجب أن يشمل ترتيبات تضمن عدم العودة إلى الاسلوب الانتقامي مع الشعوب في حل الخلافات السياسية.
وفي أول خطاب له منذ اندلاع الأزمة الخليجية في شهر أيار/مايو الماضي عقب «قرصنة» موقع وكالة الأنباء القطرية وبثّ تصريحات مفبركة لأمير قطر، وما تلاه من فرض حصار على قطر من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين ومصر؛ خرج الأمير بخطاب هادئ، داعياً لتغليب منطق الحوار، والتمسك في الوقت نفسه بسيادة قطر ورفض الإملاءات التي تحاول دول الحصار فرضها على بلاده.
نبرة أمير قطر وطرحه لشروط الحوار، تعكس بشكل جلي انقلاب موازين القوى. وبدا واضحا في الأيام الأخيرة أن رياح الأزمة الخليجية قد بدأت تغيّر اتجاهها، مع توالي تصريحات أمريكية وغربية تتهم دول الحصار صراحة بالتورط في دعم وتمويل الإرهاب. اتهامات وثّقها تقرير الخارجية الأمريكية للعام 2016 في مقابل إشادة دولية بالمبادرات القطرية لتكييف منظومتها القانونية، وإبداء نية معلنة لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي تثبت جديتها في الاستمرار في مكافحة الإرهاب.
وفيما تمضي قطر بجدية في نهج الحوار والتجاوب مع النداءات الدولية بضرورة الجلوس إلى طاولة التفاوض، دعماً لجهود كويتية- أمريكية- أوروبية- تركية، تسعى إلى «تفكيك الألغام» وإيجاد مخرج لأعقد أزمة دبلوماسية أوشكت أن تعصف بالكيان السياسي لدول مجلس التعاون الخليجي؛ في المقابل، لم يحمل خطاب دول الحصار أي مبادرة حسن نوايا لإيجاد مخرج للأزمة، غير ترديد اتهامات مكررة، تزعم أن قطر مسؤولة عن التحريض على العنف في المنطقة ودعم وتمويل الإرهاب، وتتوعد بعدم التفاوض والتنازل.
منطق «حوار الطرشان» الذي تمارسه دول الحصار منذ بداية الأزمة، ومحاولتها الضغط وإجبار قطر على الإذعان لإملاءاتها، سرعان ما بدأ ينقلب عليها، مع توالي تصريحات دولية من الخارجية الأمريكية ودول أوروبية، تتهم رباعي الحصار بتشديد الخناق على قطر بلا حجج مقنعة.
لقد شهدت الأيام الأخيرة تصاعد العديد من الأصوات الدولية المطالبة بفرض ضغوط دولية على السعودية والإمارات ومصر، ووقف دعمها بصفقات السلاح، متهمة إياها صراحة بدعم الإرهاب، وأنها ليست بريئة تماما من ذات التهم التي توجهها لدولة قطر!
ومع تنامي الدعم والتعاطف والتضامن الدولي مع قطر، خرج مسؤولون سعوديون وإماراتيون للتلويج لأول مرة باستعدادهم التخلّي عن المطالب الثلاثة عشر التي لم تقتنع بها أي دولة في العالم، وتحول رباعي الحصار للحديث عن مبادئ ستة لا يمكن التنازل عنها، فيما يبدو «تخبطا واضحا» ومحاولة لإيجاد مخرج سياسي يحقّق لها أي شعور بمكسب سياسي ضد قطر، يحفظ لها ماء الوجه أمام شعوبها، ودول العالم التي لم تقتنع بالحصار ومبرراته منذ الوهلة الأولى.

دول الحصار تستبق زيارة أردوغان بالتشكيك

ومع تسارع التطورات السياسية في المنطقة؛ تستعد منطقة الخليج لاستقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سيزور السعودية والكويت وقطر، دعما لجهود الوساطة الكويتية، ومحاولة وضع حد للحصار المفروض على قطر.
زيارة أردوغان استبقتها دول الحصار بالتشكيك في نوايا الرئيس التركي الذي تتهمه بالانحياز للدوحة، تماماً كما شكّكت في انحياز وزير الخارجية الأمريكي ونظيره الألماني، وساقت مبررات كثيرة لرفض مختلف جهود الوساطة، بذريعة رفض التفاوض تارة، والتحجج بأن الأزمة خليجية ولا حل لها خارج نطاق مجلس التعاون تارة أخرى! رغم تحالفها مع مصر وعقد اجتماعاتها في القاهرة!
في المقابل، تمضي قطر في إبداء حسن النوايا، واتخاذ قرارات فورية لتطوير منظومتها القانونية، تأكيدا لاستمرارها في الوفاء بالتزاماتها الدولية لمكافحة الإرهاب. خطوة، لقيت إشادة الولايات المتحدة ودول عديدة، في وقت لم تجد دول الحصار سوى الادعاء بأن ما أقدمت عليه الدوحة نتاج ضغوطاتها، متجاهلة (دول الحصار) دعوات أمريكية وأوروبية للاقتداء بدولة قطر، وضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات المباشرة، كحل وحيد للأزمة، وإنهاء معاناة آلاف المواطنين الخليجيين من ضحايا الحصار.

القدس العربي