ما الذي يدفع موريتانيا للعودة لحضن "الإيكواس"؟

أحد, 11/12/2017 - 11:58

نواكشوط / محمد البكاي / الأناضول/ أطلقت موريتانيا منذ 2016، حراكا مكثفا من أجل تعزيز الشراكة مع دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إيكواس) فيما عادت الأسئلة من جديد عن الظروف التي اكتنفت انسحاب نواكشوط من المجموعة عام 2000، ودوافعها للعودة لحضنها ثانية.
وخلال الأسابيع الماضية وقع الجانبان على اتفاقية تمسح لرجال الأعمال الموريتانيين بتصدير منتجاتهم إلى بلدان المجموعة ابتداء من يناير/كانون الأول 2019، بالإضافة لاتفاقية أخرى في مجال النقل الجوي.
وأبدت نواكشوط، رغبتها في عقد اتفاقيات لحرية تنقل الأفراد وإقامتهم مع دول “الإيكواس″، لكن الأخيرة تبدو مصرة على استعادة موريتانيا عضويتها كاملة كشرط لعقد أي اتفاق.
ففي 27 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، صرح رئيس المجموعة “مارس لادا سوزا”، للصحفيين من العاصمة نواكشوط، أن دول “الإيكواس″، وقعت في مايو/أيار الماضي، بالأحرف الأولى على اتفاق شراكة بين موريتانيا والبلدان الـ15 الأعضاء في المجموعة.
وأشار سوزا، إلى أن خبراء من الجانبين ناقشوا، خلال اجتماعهم الأخير بنواكشوط وضع آليات للتنفيذ والمصادقة على خارطة طريق قال إنها ستمكن من تسريع عودة موريتانيا إلى الاتحاد الجمركي للإيكواس، ابتداء من الأول يناير 2019.
وبيّن أن هذا الأمر يفترض توحيد التعرفة الجمركية فيما يتعلق بالجمارك والعبور والموردين، للتمكن من ضمان حرية نقل البضائع والممتلكات بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وموريتانيا.
لكنه لفت إلى أن هذا الملف ينفصل عن حرية التنقل “لأنها ترتبط بعودة موريتانيا إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
وأوضح سوزا، أن قادة المجموعة عبروا في 2016 عن رغبتهم في تسريع اتفاق الشراكة لتمكين موريتانيا من العودة إلى مقعدها، متمنين أن يكون ذلك في القريب العاجل.
وأضاف “نحن نفتح الأذرع والأبواب ونستقبلها”.
غير أن نواكشوط لم تعلن بشكل رسمي ما إذا كانت ستتقدم بطلب لاستعادة عضويتها في المجموعة.
لكن مراقبين لا يستبعدون عودة البلاد للمجموعة نظرا للأولوية التي يمنحها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، لعلاقات بلاده مع دول القارة السمراء.
ظروف الانسحاب
ويرى المتخصص في شؤون غرب إفريقيا، إسماعيل ولد الشيخ سيديا، أن انسحاب موريتانيا من “الإيكواس″، عام 2000، في ظاهره كان بسبب التقشف في دفع المستحقات الباهظة للدول الأعضاء، وفي باطنه تعبير عن عدم انسجام السياسات الحكومية الموريتانية مع محاولات “دمقرطة” الشأن العام في دول المنظمة، تَمَثل في تأسيس محكمة لحقوق الإنسان خاصة بالمنظمة.
لكن زميله الباحث المتخصص في الشأن الإفريقي، محفوظ السالك، أرجع هدف انسحاب موريتانيا حينها للتركيز على تطوير اتحاد المغرب العربي والتفرغ له.
وبيّن سيديا، للأناضول، أن موريتانيا عوضت المنظمة نسبيا باتفاقيات ثنائية مع جيرانها القريبين والبعيدين من الدول الأعضاء، قبل أن تدرك مؤخرا أهمية المنتظم الإقليمي، وتعود إليه من باب الشراكة الاستراتيجية.
واستبعد وجود أي علاقة بين العودة الموريتانية لحضن “الإيكواس″، والطلب الذي تقدم به المغرب للانضمام للمجموعة، أو الطلب الذي تقدمت به تونس للحصول على عضوية مراقب بالمجموعة.
وذهب أبعد من ذلك للقول، أن المغرب سيكون مرحبا بالعودة الموريتانية لأنها تخرجه (المغرب) من دائرة البعد الجغرافي (يقع في أقصى شمال غربي إفريقيا)، كما أن “الإيكواس″، تضم دولا صديقة للجزائر والبوليساريو.
حبل وصال مع الأفارقة
ورأى سيديا، أن موريتانيا لعبت دورا كبيرا في تأسيس المغرب العربي، لكن بما أن الأخير ولد ميتا بسبب خلافات عدد من دوله، رأت موريتانيا أن تبقي على حبل الوصال مع الأفارقة حتى تعود المياه المغاربية الغائرة إلى جداولها.
وبين أن الوضع الموريتاني تغير بشكل جذري عمّا كان عليه الحال أيام خروج البلاد من المجموعة.
ولفت إلى أنه وأيام حكم الرئيس المخلوع معاوية ولد سيد أحمد الطايع، كان عدد من السياسيين الموريتانيين الزنوج يحظون بمعاملة تفضيلة بعدد من دول “الإيكواس″.
غير أن موريتانيا في عهد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، ترى الأمور في محيطها الإفريقي بشكل آخر، خاصة أن ميزان القوى في الإيكواس هو الآخر تمت إعادة تشكله.
تمهيد الطريق للعودة
ورجح ولد الشيخ سيديا، أن يكون الحراك الموريتاني الحالي بداية لعودة كاملة للمجموعة.
وأوضح أن السوق التجاري لدول المجموعة يفتح شهية نواكشوط.
وللإشارة فإن فضاء “الإيكواس″، سوق كبرى من 300 مليون نسمة، له سواحل أطلسية بآلاف الأميال ويمتد على ثلث الصحراء الكبرى.
كما أن في منظمة الإيكواس، ما يناهز 19هيئة تنفيذية تتراوح من مكافحة تبييض الأموال إلى حماية حقوق الإنسان.
ونجحت المنظمة في إخماد نار الحروب الأهلية في ليبيريا وسيراليون وكوت ديفوار، كما رعت الانتقالات السلسة للسلطة في بوركينا فاسو، وغينيا، وغينيا بيساوو، ومالي، ولها قوة قبعات بيضاء لحفظ السلام قوامها 20 ألف رجل.
دوافع اقتصادية
من جانبه يرى السالك، أن الدوافع الموريتانية للعودة للإيكواس، اقتصادية بحته، شأنه في ذلك شأن المغرب وتونس.
وبيّن في حديث للأناضول، أن كل المؤشرات تؤكد أن موريتانيا في طريقها لاستعادة عضويتها بهذا الفضاء الإفريقي.
ولفت إلى أن الدور الذي باتت تلعبه الدبلوماسية الموريتانية إفريقيا، زاد من رغبة دول الإيكواس في احتضان نواكشوط مجددا.
وتضم “الإيكواس″ 15 دولة، (نيجيريا، وكوت ديفوار، وبنين، ومالي، وبوركينا فاسو، والسنغال، وتوغو، وغينيا، وغينيا بيساو، والنيجر، وليبيريا، وسيراليون، وغامبيا، وغانا، وجزر الرأس الأخضر).
وتأسست في نيجيريا 1975، بهدف إقامة تكتل يجمع بين دولها، ويوحد قدراتها الاقتصادية ومواقفها السياسية ويضمن لها الاستقرار الأمني، وانسحبت موريتانيا منها في عام 2000، بالرغم من أنها عضو مؤسس.