المرابط محنض بابا!

جمعة, 01/23/2015 - 18:41

 

ذهبت يوم أمس لقرية الدوشلية رفقة أصدقاء أعزاء كثيرا ما حدثوني عن المرابط محنض بابا ولد آمين لدرجة جعلتني أتوق للتعرف عليه ومجالسته ولم لا الاستمداد منه !؟

وصلت القرية بعد صلاة العصر وتوقفنا أمام بيت أبيض متواضع وزهيد تحفه هدأة غير معهودة بل قل سكينة نادرة،

 

يحيط بالبيت سور مسيج وقد زحفت على ركنه السنة خفيفة من كثبان رملية بضة لها ملمس حريري.

 

وقفت أشجار بسيطة على الزاوية الرملية فألقت ظلالها بحنو على أجزاء كبيرة من المكان الوادع الذي نصبت فيه خيمة بسيطة مفروشة بحصير وبطانية ووسائد ناعمة.

 

كل ما في داخل السياج نظيف ونقي بل يخال المرء أن هالة بلورية تغطي المكان وهي هالة شعورية سهلة الادراك لمن له دانق بصيرة.

 

استقبلنا رجل مؤدب متبتل وباسم ويبدو أنه من أهل العلم والدراية في آن !

 

بعد حديث أقرب ما يكون للهمس والإشارة وقف الرجل ليخبر المرابط محنض بابه بقدومنا.

 

بعد لحظات تقدم نحونا رجل وقور خطواته بطيئة يضع لثماما على رأسه وفمه ويلبس قميصا كبيرا أو شيئا غريبا أقرب ما يكون لقطعة قماش زهيد لفها بعناية ..

 

إنه قميص أو دراعة تشبه "دراعة شقة" لكنها ليست دراعة إذ لا جيب فيها ..

 

وهي دراعة أو قميص أقرب ما يكون للقصر فلا ذيول ولا فضفضة ولا رياء ..

 

ومن تحت الدراعة تمكن رؤية جذع الرجل ملفوفا بقطعة قماش بيضاء تحل محل السروال !

 

جلس المرابط على الرمل قبالتي ووضع يده على "مقرج الوضوء" ورحب بنا كثيرا وراح يسألني عن اخبار محمد الزين ولد القاسم وأحواله .. وعن المختار ولد بونا وعن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وعن المرابط ولد أحمد زيدان !

 

كلمات الرجل كخطواته مدروسة ومتسقة ويقتصد فيها كثيرا وتحمل بواطنها الكثير مما يفهم بالمستوى الثاني والثالث وأعتقد أنني فهمت حقيقة هذا العالم المسلم الهارب عن الدنيا وأهلها !

 

ثم وقف الرجل وجلس على قمة الكثيب هناك حيث يستقبل على انفراد زواره وسرعان ماكنت معه أحدثه واستمع منه !

 

حقيقة هذا الرجل واضحة متضحة وجلية وشفافة كالماء:

 

أنه رجل تخلص من كثافات المادة وأدرانها واقترب من الطاف الروح وأهوالها لذلك فهو متجهز للرحيل في أي لحظة بل أخاله يريد تسهيل ذلك فهو طاهر وعلى وضوء ويلبس كفنه !

 

بعبارة أخرى هذا الرجل يعيش على الحافة الموجودة بين عالمنا وعالم الذين راحوا ... وليس من رأى كمن سمع .. ولعله رأى .. ولعلي سمعت !

 

اللهم احفظه للمسلمين وانفعنا به !

 محمد ولد أمين

 وزير سابق