في الذكري الرابعة والثلاثين لـ 12 - 12/ إكس ولد إكس إكرك

أربعاء, 12/12/2018 - 12:22

حين ذرفت الفنانة ديمي رحمها الله، دموعها خلال وصلتها الغنائية في حفل أقامه الرئيس عزيز في القصر الرئاسي، مساء الثامن والعشرين من نوفبمر 2010، بمناسبة الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال، تساءل الكثيرون عن سر البكاء؟!

ومن أجوبة البعض أن الفنانة الإنسانة طاف بقلبها طائف موعظة، فهي ترى تكبير سيدة أولى تجلس منتشية إلى جانب زوجها الرئيس، وقبلها انتشت مريم داده بذات المكان ثم خيرات ثم لاله ثم صادية فعائشة فأم كلثوم فختو..
لقد غنت ديمي في جميع فترات الأحكام المتعاقبة على السلطة، والتي غدت نسيا بعد ذكر، في ظل الرؤساء الرحل على غرار البدو الرحل، بتعبير خالد الذكر (بداح)..

ولقدْ أراكِ، فهل أراكِ بغبطة:: والعَيْشُ غَضٌّ والزَّمانُ غُلاَمُ
مرَّتْ سنونٌ بالسعادِة و الهنا :: فكأنَّها مِن قِصْــرها أيَّامُ
ثمَّ انقضتْ تلك السنونُ وأهلُها :: فكأنَّها وكأنَّهُمْ أحلامُ

من بين أولئك الرحل كان معاوية الأطول مدة، والأوفر حظا في الثناء والتبجيل، عاشت أذنه على مدى إحدى وعشرين سنة وغنت له ديمي:
يمينا لتذكر كيف أتيت..
وسيمفونيتها الخالدة: (معاوي من مثله سيّد)

ذات مرة كان الدكتور جمال ولد الحسن رحمه الله، في المغرب يستمع لقصيدة يلقيها شاعر في التلفزة المغربية، يمدح بها الملك الحسن الثاني رحمه الله، لم ترق القصيدة لجمال، فالشاعر وجد مجال القول ذا سعة لكن لم يسعفه لسانه، فكان حاله كحال ذلك الشاعر أحمد الدارمي المصّيصي المعروف بالنامي، الذي مدح سيف الدولة مستدعيا كليبا والمهلهل وهالكي تغلب، وفي سيف الدولة من الخصال مايغنيه عن ذلك، فغضب المتنبي من قول النامي وخاطبه قائلا:
وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ :: بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ
لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ :: فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ :: في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ :: فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ

ثم أدف الدكتور جمال: ولد الطايع رجل ممدّح، مدحه شعراء كبار بقصائد بديعة.

وفعلا من طالع كتاب "أفراح الشعب" يجد بعضا من تلك القصائد
12 / 12
أفراح الشعب
مجموعة شعرية من و حي حركة 12 دجمبر التصحيحية

بين يدي هذه المجموعة:
الأستاذ /محمد محمود ولد ودادي
وزير الثقافة و الإعلام
ها هي ذي بين يديك –أيها القارئ الكريم- باقة من القصائد كتبها شعراء موريتانيون في غمرة الفرح و الابتهاج بعهد الحرية و المساواة و الوئام في وهج الزهو و الاعتزاز بالقائد الذي دشّن هذا العهد يوم 12 دجنبر 1984، فحطم الاغلال و رفع السيف المسلط على الرقاب و أعاد الأمن و الطمأنينة الى ربوع موريتانيا الحبيبة.
لقد كُتبَت هذ القصائد في مناسبات خاصة، فكانت ترحيبا صادقا و تقديرا و إكبارا لسيادة العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطائع إبّان جولته في بعض المناطق الداخلية، أو في ذكرى حركة التصحيح و لكنها بمحتواها تتجاوز الحدث العابر إلى ما هو أعمق و أبقى، فهي ترسم جوانب لوحة قاتمة لوضع البلاد قبل حركة التصحيح،
وتسجل منجزات الحركة، و تحيي في رئيس الدولة نموذج الابن البار و المخلص المنقذ.
و قائع حية ..و حقائق مشهودة...
كانت البلاد قبل 12 دجنبر 1984 قد تحولت إلى سجن كبير لأبنائها فضاقت بهم الأرض بما رحبت ..و ساد الخوف و الهلع، و اكتظت السجون بالمواطنين و اضطر كثيرون إلى أن يطلبوا خارج موريتانيا الأمن الذي فقدوه داخلها. و رافق الرعب المتزايد تدهور متلاحق في الوضع الاقتصادي و المالي للدولة : مشارع تتعثر .. مديونية تتزايد ..أرصدة تتناقص لحد ينذر بالافلاس.
و في هذا الجو النفسي والاقتصادي الموبوء نمت ظواهر مرضية فتاكة بقيم المجتمع و كيان الدولة الحضاري : تفشت الرشوة و تنامت النزعات القبلية و الجهوية و الطائفية السياسية الضيقة لتحل محل الدولة التي عجزت أن تضع نفسها في خدمة الشعب فخسرت ثقته.
و على الصعيد الإقليمي و الدولي، كانت الدولة تعيش عزلة خانقة نتيجة لفقدان عنصر الحكمة في السياسية الخارجية. و في هذه الظروف العصيبة جاءت حركة 12 دجنبر، فواجهت التركة الثقيلة مواجهة و طنية شجاعة : أفرغت السجون و أعادت الممتلكات المصادرة و أعادت للمواطن الثقة بوطنه و دولته و قررت أن مهمة الدولة هي توفير الأمن لمواطنيها و ضمان الحريات العمومية و ليس العكس .. و دعت الشعب إلى التخلص من الوصاية التي يفرضها عليه من لا يمثلون مصالحه و المشاركة في تسيير شؤونه ومحاربة أمراض الإدارة و المجتمع : الرشوة.. القبلية.. المحسوبية إلخ..
و على المستوى الاقتصادي: وضعت القيادة خطة تقويم سهرت على تنفيذها خير تنفيذ فأخرجت البلاد من مأزق حرج و كسبت ثقة الممولين و تقديرهم.
و على الصعيد الخارجي: مدت القيادة يد الإخاء إلى جيرانها و إلى جميع الدول الشقيقة و الصديقة، و فتحت مع الجميع عهدا جديدا من التعاون اساسه الحرص على سيادة الدولة و استقلالها و تقدير حقائق الشعب الموريتاني و مصالحه و الرغبة في تعزيز عوامل الوحدة و التكامل و التفاهم في المحيط العربي-الاسلامي-الافريقي, و على الساحة الدولية.
لقد غنى الشعراء لكل هذه المكاسب و ترجموا أفراح الجماهير و آمالها و مطامحها إلى كلام موزون مقفى، نابض بالصدق، مفعم بالحرارة مشبع بالأمل و الثقة والتفاؤل بالمستقبل ... و ما الشعراء إلا ضمير الشعب و لسانه المفصح عن وجدانه..و من هنا تأتي القيمة المتميزة لهذا الديوان.
ليست هذه القصائد من فئة المديح التقليدي الذي يدلل به الساسة و تستدر به العطايا و الهبات ..فلا مزايدة و لا تملق .. و لا تمسح بالأعتاب، و إنما هي حقائق حية و وقائع ملموسة : سيوف أغمدت، و أغلال كسرت، و آمال بعثت من مرقد طويل..
هي فرحة الخائف بالأمن و المظلوم بالانتصاف و الاسير بالانعتاق ...
حَسْبُ الشعراء أن يكونوا قد جمعوا فيها بين عقل المؤرخ و عاطفة الإنسان و خيال الأديب، دون ان يفقدوا الصلة بالواقع، و حسب الكلمة فيها شرفها ..
إن شرف الكلمة هو أن تطابق المعنى الذي وضعت له، لا تفيض عنه إن هو لم يفض عنها، و الكلمة –في هذا الديوان- شريفة بقدر ما هي صادقة.
محمد محمود ولد ودادي
وزير الثقافة و الإعلام
/
أعياد قومي تلاحقت
محمد سالم ولد عدّود
معاويُ إني لست بالمتزلّف::و لست لقرض الشعر بالمتكلّف
و لكنها أعياد قومي تلاحقت::فما تقذف الأفراح في القلب يقذف
هنئيا لك العيدان فاسلم لثالث::بكانون يحيي ذكره كل منصف
ربيع و تشرين المجيد تعانقا::و قد وقفا في الصفّ أكرم موقف
ليستقبلا كانونك المشرق الذي::يطل على الآفاق إطلال مشرف
لبست من العيدين أبهج حلّة::فأبل و أخلف ثم أبل و أخلف
و جدّد من الإسلام ما كان قد عفا::و لا تن و انبذ لوم كل معنف
و سسنا بتوفيق و حلم و ضاعفن ::جهودك في ضم الشتات و كثّف
فإنك إن أخلصت الله في الذي::تحاول تنجح، ما الكريم بمخلف
/
تحية لدجمبر
أحمدُ ولد عبد القادر
دجنبر وافى طالعا يتبختر::تغنى له الأفلاك و الكون أزهر
نشيد سلام قرت العين وقعه::أهازيج يحدوهن نصر مؤزر
دجنبر هل أهدى لك الورد و السنى::أكاليل في أردانها تتعطر؟
و كيف وأنت النور و الشمس ظاهرت::ربيعا و برداها خزامى و عنبر؟
أحبك حبي للبلاد و إنه::هو الحب لا حبا سواه فيبهر
و لست بمدّاح لقوم و إن علوا::و لكن فضل الأرض للأرض يذكر
مسحت دموعا كنّ جمرا تقرّحت::مساربه سيلا يجيش و يسعر
و جئت لتمحو كلّ قيد ملطّخ::ينوش رقابا في الدجى تتكسر
و نادت بك الأكوان و الدهر شاهد::ألا إنما الإنسان فيك المظفّر
خلقنا بهذي الأرض قوما أعزّة::و أنفسنا بالخير تبنى و تعْمر
إذا غاب عنّا الماء و الخبز لم تغب::كرامتنا فيما نقول و نبصر
و ترضعنا الصحراء روح انعتاقها::نسيما طليقا في العوالم يخطر
فكيف تربينا السلاسل أمة::سوى ما خلقنا كيف نحيا و نقهر؟!
إذا ملك الإنسان حقّ احترامه::فكلّ اعتبار بعد ذلك يصغر
دجنبر مرحى فالرؤى تلد الرؤى::مجنحة تحنو إليك و تعبر
طلعت طلوع الفجر و الليل نائم::و سرت مسار البدر يعلو و يكبر
و إنّ رجالا قرّبوك لفتية::ستذكرهم أيامنا حين نفخر
تقدّم بنا إن السبيل طويلة::إلى أن يغطى الجدب للخصب مظهر
و نرفع من أمجادنا و تراثنا ::مشاعل يدعوها الغد المتطور
فذكراك باق في القلوب مناطها::تغنى له الأفلاك و الكون أزهر
/
دجمبر عيد المجد
ناجي محمد الإمام
دجمبر في الآماد عيدك أسطع::و حمدك موفور و ذكرك أرفع
فعهدك تصحيح و و عدك منجز::وقولك مفعول و فعلك أنجع
بيانك تقويم و صوتك ثورة::و هديك إيمان إلى الحقّ مهيع
و امنك تأمين و أمرك نافذ::و عرضك محفوظ و ووجهك أنصع
أتيت كما الغيث المرب فأمرعت::ربانا و فعل الخير للأرض ممرع
دجنبر هل ينساك شعب عتقته::و قد كان فيه الجور يرعى و يرتع
أينسى و كان القيد و الخوف سيدي::بلاد يعض الجوع منها و يقطع
أينسى نيوب الموت تنهش جلده::أينسى يد الجلاّد تكوي و تصفع؟
أينسى عزيزا ذلّ في كل مهمه::يطارده نذل الطبائع أجدع؟
"أبا أحمد" فجّرت نبع دجنبر::فأرويت ظامي المجد و المجد مربع
"أبا أحمد" حرّرت شعبا مكبلا::فأضحى على سامي العلا يتربّع
هو الشعب ما نامت على الضيم عينه::و عمر الطواغيت الزمان مضيع
"أبا أحمد" مرحى فعش متفرّدا::على قنن التاريخ تسمو و ترفع
"أبا أحمد" شنقيط و المجد وسمها::على هامك المرفوع بالخلد يطبع
تبايع فيك الابن و القائد الذي::على يده الآمال تبنى و تصنع
أبا أحمد "شنقيط" أعطتك سرّها::و إنك للأسرار أهل و موضع
أبا أحمد فاهنأ بعيد دجنبر ::فدهرك أعياد و مدحك مطلع
لواؤك منصور و جندك غالب::و حظّك موفور و نورك أسطع
أبا أحمد فاهنأ بشعب تقوده::فإنك أنت "السيف" و القوم "تُبَّع"ّ.
/
كانون ملحمة العشاق
محمد كابر هاشم
كانون فجر و أشواق و ملحمة::و نجمة من نجوم المجد غرّاء
كانون مئذنة شما و مأسدة::معطا و سنبلة خضراء فيحاء
كانون ملحمة العشاق سنبلة::و نخلة فرعت في التيه معطاء
النخل من قبل ضاقت عراجنه::و استُنزف النسغ و الأملاح و الماء
ما إن ترى البسر في أعلى شمارخه::إلا و تسقطه نكباء هوجاء
به استطالت عجاف النخيل باسقة::و استأنست بحفيف البان ورقاء
الخيل من قبله هجن مغارسها::لا الخيل خيل و لا البيداء بيداء
أستغفر الله إلا ما تناقله::عن حرب داحس و الغبراء أنباء
من قبله أحرف الجر استعين بها::في الفعل بل صار في الأفعال أسماء
من قبله الأصمعي أضحى مغمغمة ::حروفه و استطاب اللحن فرّاء
دمع الحرائر كانون يكفكفه::فاليوم لا دمعة خرساء حراء
/
"أسوت الجراح" للشاعر
الخليل النحوي
لما أسأرت فيك الشهامة و الندى::لثارات مجد فيك ما ذهبت سدى
لعهد رعى الاحرار فيك ذمامه::لمجـــد قديــــم المأثرات تجدّدا
أهلل يا أرض البطولات و الفدا::و أهزج مزهوا و أصدح منــشدا
هنيئا لهذ الشعب عيد انعتاقه::أما كان قبل اليوم حرا مقيدا؟
رهين جنايات أسير دعاية::تمـزقه شلوا و تطعمه الـردى
و تنكر منه وجهه و انتماءه::كأن ليس قحا في المضارب سيدا
أمتهم من دب لا من جريرة::و مضطهد, لم يات سوءا و ما اعتدى
و باكية العينين شاكية الحشى::يؤرقها ألاّ مجيب سوى الصدى
جراح و أنات هنا و هناك..لا ::تغادر كثبان البلاد و لا الكدى
تبث الجوى و الرعب في كل خيمة ::وقد وسعت شعبا مهيضا مسهدا
تضيق به سوح البلاد رحيبة::فيسعى طريدا حيث كان مشردا
هموم تسنمت الذرى فجلوتها::و خلصت منها الآن و الأين و المدى
أسوت الجراح الداميات ثواعبا::فجفت، و أغمدت الخناجر و المدى
و كفكفت، لوّنت الدموع التي همت::فصارت ندى البشرى، وما كانت الندى
محضتكَ ودّي لم أكن متزلفا::على دخن، كلاّ و لا متوددا
و لكنه الإنصاف و الخير يُبتغى::و ما زرع الشعب العظيم ليُحْصَدا
لأيامه البيضاء هذي و قبلها::تقحم يوما قائظ الحر أسودا
و ضحّى و عانى لا تفل شباته::فغور في سوح الكفاح و أنجدا
فكنت به برا وفيا لعهده::تلم بجد شمله المتبددا
و تلبسه ثوب الأمان بأرضه::فلا غرو أن غنى بذكرك أو شدا
يبادلك الحب الذي أنت أهله::و يفتح صدرا كان بالهمّ موصدا
و يبسط كف العهد ..هذي يد الوفا::لما تبتغي منا العلى، فابسط اليدا
ألا أيها الآتي مع الفجر ومضة::تبدد عنه الغيهب المتبلدا
على القدر الموعود كان دجمبر::و كنت لأ عياد الكرامة موعدا
تهوّم في الآفاق أعراس بهجة::بها ادرع الشعب البشائر و ارتدى
لك الله إما كنت لله فانطلق::و عش للعلى, للمجد, للحق للهدى
تبوأ مكينا ما تشاء من الذرى::على دربك الميمون, لا تخف العدا
و لا ترتضي للشعب إلا انعتاقه::أنرت العشايا ان يعود مصفدا
و سسه برفق إنه الخير كلّه::و شيّد له بالعدل صرحا ممردا
و وطّئ له الأكناف بالحلم و ادعه::يُلَبّ, كما لبيتَ حين دعا الندا
لأنت ابنه البر الذي يزدهي به::و أنت الذي بوأته الأمن مقعدا
و كنت بما أوليته فخر يومه::فيا فخره في اليوم كن فخره غدا.

الهر يدور كما يدور الـمنـجـنـون

كامل الود