موريتانيا تودع 2018 بالجفاف وصراعات الساسة قبيل الانتخابات

سبت, 12/15/2018 - 20:54

بعد أيام تودع موريتانيا سنة شهدت موجة جفاف ضربت أنحاء واسعة من البلاد، وخلفت خسائر كبيرة بالثروة الحيوانية في هذا البلد العربي البالغ تعداد سكانه نحو 4 ملايين نسمة، والذي تشكل الثروة الحيوانية ركيزة اقتصاده.

ويودع الموريتانيون أيضا عام 2018 على وقع سجال سياسي محتدم، ينتظر أن يشغلهم خلال الأشهر الأولى من عام 2019، حيث يجري التحضير لانتخابات رئاسية مفصلية لن يترشح لها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، الذي يحظر عليه الدستور الترشح لأكثر من ولايتين رئاسيتين.

فعلى مدى 8 أشهر من عام 2018 عاشت موريتانيا صراعات سياسية حادة، ابتداء من مرحلة إصلاح وتشكيل لجان حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، وما صاحبها من صخب وصراعات بين ساسة الحزب، وانتهاء بالانتخابات البرلمانية والمحلية التي شهدتها البلاد أغسطس الماضي.

الإسلاميون في الواجهة

عام 2018 تميز بمواجهة سياسية حادة بين الإسلاميين ونظام الرئيس ولد عبد العزيز، فقد شهدت البلاد في أغسطس الماضي انتخابات برلمانية ومحلية، عرفت حالة من الاستقطاب والسجال السياسي غير المسبوق بين الحزب الحاكم، وحزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" الإسلامي الذي استطاع أن يحصد ثاني أعلى تمثيل في البرلمان بعد الحزب الحاكم.

وشهدت الحملة الانتخابات خطابات قوية متبادلة بين عدد من الوزراء وقادة الحزب الحاكم، من جهة وقادة حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" الإسلامي، الذي بات ينظر إليه على أنه المنافس الحقيقي للحزب الحاكم في البلاد.

ومع انتهاء الحملة الانتخابية وإعلان نتائج الانتخابات، عاد السجال مجددا، بعد تصريحات مثيرة لرئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز، هاجم فيها بقوة حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" ووصفه بالتطرف.
ثم اتبعت الحكومة تصريحات الرئيس بإغلاق "مركز تكوين العلماء" الذي يرأسه العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، وجامعة عبد الله ابن ياسين، بحجة علاقتهما بحزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" وتلقي تمويلات بصورة غير قانونية وهي التهم التي نفتها إدارة المؤسستين.

 

عام 2018 تميز أيضا بتحالف تاريخي بين حزب "الصواب" الواجهة السياسية للبعثيين في موريتانيا، وحركة (إيرا) الحقوقية المدافعة عن الأرقاء والأرقاء السابقين، وهو التحالف الذي استطاع من خلاله البعثيون العودة للساحة السياسية وحصد تمثيل برلماني هو الأول لحزبهم منذ سنوات.

حراك دبلوماسي

ورغم الصراعات السياسية الحادة وموجة الجفاف التي ضربت البلاد، استطاعت موريتانيا في 2018 استضافة مؤتمرات وقمم دولية، حيث استضافت في يوليو الماضي، لأول مرة في تاريخها قمة الاتحاد الإفريقي.

قمة الأفارقة في نواكشوط، كانت أيضا قمة مثيرة بحكم نقاشها بشكل موسع لأول مرة لملف النزاع في إقليم الصحراء المتنازع عليه بين المغرب وجبهة البوليساريو.

واستضافت موريتانيا أيضا مؤتمر  الدول المناحة لدول مجموعة الساحل الإفريقي الخمس، وهو المؤتمر الذي تمكنت فيه دول المجموعة من جمع تمويلات بأكثر من ملياري يورو.

وأعلنت موريتانيا أيضا رغبتها في استضافة اجتماع لوزراء خارجية اتحاد المغرب العربي، عقب دعوة وجهتها الجزائر لعقد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد لإحياء هياكله الميتة.

زيارة ابن سلمان

ومن بين الأحداث البارزة التي شغلت الرأي العام الموريتاني، الزيارة التي أجراها قبل أسابيع ولي العهد السعودي محمد ابن سلمان لنواكشوط، والتي استمرت لساعات وقوبلت برفض شعبي واسع.
النخب السياسية في البلاد انقسمت بشأن الزيارة، إذ أعلنت أحزاب المعارضة الرئيسية رفضها للزيارة ووصفت ابن سلمان بالدكتاتوري الذي باع القضية الفلسطينية وفاقم معاناة الأمة، فيما اعتبرتها أحزاب وشخصيات أخرى زيارة تاريخية تعكس عمق علاقات موريتانيا والسعودية.

ويرى الإعلامي أبوبكر أحمد الإمام،  أن الانتخابات البرلمانية أغسطس الماضية تعتبر الحدث الأكبر الذي شغل الرأي العام الموريتاني في 2018.

وأرجع ذلك إلى مشاركة جميع الأحزاب السياسية وتحدي الحصول على نسبة 1 بالمئة تفاديا للحل، إذ بات القانون الموريتاني ينص على أن أي حزب لا يحصل على 1 بالمئة يتم حله.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن التحالف الذي حصل للمرة الأولى سنة 2018 بين البعثيين، ممثلين في حزب (الصواب) وحركة (إيرا) المدافعة عن الأرقاء والأرقاء السابقين، مجرد تحالف سياسي مرحلي تمليه ظروف كل منهما.

ورأى أن التوتر الذي حصل في العلاقة بين نظام الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز والإسلاميين، لم يكن استثناء في علاقات الطرفين.

وأضاف أن "علاقة الإسلاميين ونظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بدأت برفض حزب (تواصل) للانقلاب على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، ثم مرت بمرحلة قصيرة من ما يشبه التقارب أو الهدنة مطلع العقد الجاري، ثم عادت إلى القطيعة والصدام الذي بلغ ذروته بدعوات الرحيل، وما شهدته 2018 لم يكن استثناء في علاقة الإسلاميين ونظام ولد عبد العزيز"، بحسب تقديره.