لماذا لم يقدم هؤلاء الحكماء الخمسة استقالتهم؟ / محمد الأمين ولد الفاضل

ثلاثاء, 02/26/2019 - 18:03

أثارت التشكيلة الحالية للجنة الانتخابات جدلا كبيرا عند الإعلان عن أسماء حكمائها، وذلك لأن تعيين الحكماء لم يحترم المعايير والشروط المنصوص عليها، بل اعتمد بشكل مستفز على القرابة والزبونية، الشيء الذي جعل عدة أطراف سياسية تتقدم بطعون ضد تشكيلة هذه اللجنة.

وحتى إذا ما تجاوزنا تلك الانتقادات والطعون التي تعرضت لها اللجنة عند الإعلان عن تشكيلتها، فإن ما حدث بعد ذلك، وخاصة من بعد الإعلان عن نتائج انتخابات 1 و15 سبتمبر، ليستوجب من بعض الحكماء أن يقدموا استقالتهم بشكل فوري، وذلك لأنهم يحتلون الآن مناصب لا تحق لهم، ويتقاضون رواتب لا يجوز لهم أن يتقاضوها.

إن الحكمة تقتضي من هؤلاء الحكماء الخمسة أن يقدموا استقالتهم الفورية، فمثل تلك الاستقالة ستتيح الفرصة لتشكيل لجنة توافقية، وستعطي بالتالي مصداقية للانتخابات القادمة، وهي فضلا عن كل ذلك ستتيح للحكماء المستقيلين أن يختموا مسارهم في هذه اللجنة بخاتمة حسنة سيسجلها لهم التاريخ.

إن الحكماء الخمسة الذين نطالبهم بالاستقالة هم :

ـ السيدان حمود عبد الله أبوه وموسى تاو من حزب الوئام،  فبأي منطق يحتفظ هذان السيدان بالعضوية في لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات، وذلك بعد أن تبخر الحزب الذي جاء بهما، وأصبح لا وجود له في الخريطة الحزبية في موريتانيا.

لم يعد حزب الوئام موجودا، حتى نطرح السؤال إن كان حزبا معارضا أو مواليا، ولذا فليس من المنطقي أن يحتفظ حزب لم يعد موجودا بحكيمين في اللجنة المستقلة للانتخابات.

ـ السيد الطيب ولد أمين من حزب التحالف الديمقراطي وهو الأخ  الشقيق للدكتور يعقوب ولد أمين رئيس حزب التحالف الديمقراطي. لقد جيء بالسيد الطيب ولد أمين إلى لجنة الانتخابات بوصفه ممثلا لحزب معارض، ولكن ألا يحق لنا أن نتساءل الآن عن معارضة حزب التحالف الديمقراطي؟

إن حزب التحالف الديمقراطي هو الحزب الموريتاني الوحيد ـ حسب علمي ـ الذي اتخذ موقفا رسميا داعما للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها عدد من النواب من أجل تعديل المواد المحصنة من الدستور الموريتاني. حتى الحزب الحاكم لم يتجرأ لأن يتخذ موقفا رسميا داعما لتلك المحاولة الفاشلة وذلك على الرغم من أن عددا كبيرا من نوابه كان ينشط في تلك المحاولة الانقلابية. فإذا كان يحق للتحالف الديمقراطي أن يحتفظ بصفة الحزب السياسي بعد ذلك الموقف المسيئ، فإنه لا يحق له إطلاقا أن يحتفظ بصفة الحزب المعارض. قد نقبل بعد تلك المحاولة الانقلابية الفاشلة  بأن يوصف الحزب الحاكم بالحزب المعارض فهو على الأقل لم يتخذ موقفا رسميا داعما لمبادرة نوابه، وقد نقبل بأن يوصف الحراك الشبابي بشطريه أو حزب الكرامة بالأحزاب المعارضة، أما أن يوصف حزب التحالف الديمقراطي بعد موقفه الرسمي الداعم للاعتداء على الدستور بالحزب المعارض، فذلك مما لا يقبله أي منطق. بالمختصر المفيد فإنه لم يعد يحق للسيد الطيب ولد أمين أن يحتفظ بمقعد من مقاعد المعارضة في لجنة تسيير لجنة الانتخابات، وإذا كان لابد له أن يحتفظ بمقعد في اللجنة فليكن باسم الأحزاب الأكثر موالاة من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.

ـ السيدة با ورانكا : لقد حصلت هذه السيدة على عضوية لجنة الحكماء بوصفها ممثلة لحزب قوس قزح، ولكن هذا الحزب لم يعد موجودا حسب نتائج الحوار الذي شارك فيه ذلك الحزب.

لم يحصل حزب قوس قزح على 1% من الأصوات في انتخابات سبتمبر ، فلذا فهو لم يعد موجودا، الشيئ الذي يعني بأن السيدة با ورانكا أصبحت تمثل "اللاشيئ" في لجنة الحكماء.

ـ السيد سيدي عبد الله ولد محبوبي : يُقال بأن السيد سيدي عبد الله ولد محبوبي هو أحد ممثلي الحزب الحاكم في لجنة تسيير الانتخابات، ويُقال أيضا بأنه قد جاء نتيجة لصفقة بين الحزب الحاكم  وحزب الفضيلة حيث تقدم كل من الحزبين بممثل مقترح من طرف الحزب الآخر، وذلك رفعا للحرج  الذي قد يحصل عندما يقترح رئيس حزب الفضيلة ابن أخته ممثلا لحزبه في لجنة الحكماء.

ومهما يكن من أمر، فإن شخصا بأخلاق ومكانة وحكمة السيد سيدي عبد الله ولد محبوبي عليه أن يستقيل من لجنة الانتخابات، حتى يُتيح الفرصة لإعادة تشكيل هذه اللجنة بشكل توافقي، وبما يُمَكن من تنظيم انتخابات تحظى بالحد الأدنى من المصداقية، وتخرج البلاد من أزمة سياسية آن لها أن تخرج منها.

          

حفظ الله موريتانيا..