موريتانيا: المعارضة ترفض نتائج الانتخابات وتدعو للحوار.. وانشغال بتحليل سياسات غزواني المتوقعة

سبت, 07/06/2019 - 11:29

عبرت الأحزاب السياسية الداعمة لمرشحي المعارضة الموريتانية، في بيان وزعته الجمعة، عن رفضها لنتائج الانتخابات الرئاسية، التي وصفتها “بالمزورة والمنافية لإرادة الناخب الموريتاني”.

وتواصل المعارضة الموريتانية بأحزابها ومرشحيها، منذ أيام، تكرار رفضها التام لنتائج الانتخابات كما أعلنها المجلس الدستوري الذي لا معقب لأحكامه.

وأكدت الأحزاب في بيانها “أن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 22 يونيو/حزيران المنصرم، حكمها التسيير الأحادي، من طرف نظام يصر على السلطة، بالتواطؤ مع لجنة انتخابية منحازة ومجلس دستوري غير مستعد للقيام بمهامه القانونية بشكل منصف”.

وعبرت الأحزاب عن “استنكارها الشديد لقرار المجلس الدستوري المجيز لنتائج الانتخابات؛ لكونه خيب آمال الموريتانيين في تصحيح الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها لجنة الإشراف الانتخابية الأحادية”، وفق تعبير البيان.

وأضاف البيان: “إن موريتانيا تعيش حاليا في أزمة انتخابية يسعى النظام إلى التغطية عليها بإطلاقه موجة غير مسبوقة من القمع، تجسدت في الاعتقالات الواسعة والاختطاف، والتضييق على الحريات العامة، وقطع خدمة الإنترنت، ومنع المواطنين من التظاهر السلمي، وغلق مقرات حملات المترشحين”، وفق نص البيان.

واتهمت الأحزاب “النظام القائم بمحاولة إضفاءِ جو من التفرقة على أسس إثنية وشرائحية، بين المواطنين المناوئين لما جرى من اختطاف للمسار الانتخابي”، حسبما ما ورد في البيان.

وفي الوقت ذاته، أكدت الأحزاب “استعدادها للمساهمة في أي جهد من شأنه أن يساعد في إخراج موريتانيا من أزمتها الحالية التي وضعها فيها نظام الرئيس المنصرف”، وفق نص البيان.

ووقعت على البيان أحزاب الاتحاد الوطني للديمقراطية والتنمية، والاتحاد الوطني من أجل التناوب الديمقراطي، واتحاد قوى التقدم، والاتحاد من أجل الحوار بين مكونات الشعب الموريتاني، والتحالف من أجل العدالة والتنمية، وتكتل القوى الديمقراطية، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، والجبهة التقدمية للتغيير، والجبهة الجمهورية للوحدة والديمقراطية، وحزب إعادة التأسيس، وحزب التغيير الموريتاني (حاتم)، وحزب العدالة والمساواة والحرية، وحزب الصواب، وحزب قوس قزح، وحزب المستقبل.

وبالتوازي مع رفض المعارضة لنتائج الانتخابات، يسود في موريتانيا حاليا انشغال كبير بالسياسات التي سينتهجها الرئيس المنتخب محمد الغزواني، بعد تسلمه مقاليد الحكم مستهل شهر آب/أغسطس المقبل، مع اهتمام كبير بالظروف التي ستؤول إليها علاقة الرئيس الجديد مع سلفه، رفيق دربه، الرئيس المنصرف محمد ولد عبد العزيز.

وفي إطار هذا الاهتمام، أكد المفكر الموريتاني البارز، محمد المختار الشنقيطي، في تحليل متداول حاليا على نطاق واسع، أن “موريتانيا بدأت تنتقل من الاستبداد العسكري إلى “الديمقراطية العسكرية”؛ بمعنى المرحلة الانتقالية من حكم عسكري إلى حكم مدني يقوده عسكريون يملكون حاسَّة سياسية”.

ويضيف الشنقيطي: “يستطيع غزواني أن يجعل رئاسته بداية جدِّية للانتقال إلى الدولة الدستورية ذات السلطة المدنية، إذا تحرَّر من ظل عزيز، وحَرِص على الإجماع السياسي، وأدرك حتمية الإصلاح وضرورة التغيير”.

وأضاف: “في كل الأحوال، فإن مجرد اضطرار الرئيس عزيز للرحيل صاغرا، وعجزه عن تغيير الدستور لتمديد رئاسته، مكسبٌ مهم للتطور السياسي في موريتانيا، وتقريبٌ لها من الانتقال إلى الحكم المدني الدستوري”.

أما الدكتور عباس أبرهام، فقد دون الخميس مؤكدًا “أنه في اليوم الذي اختتَم فيه الفريق غزواني حملته الرئاسيّة، نظّم الجنرال عزيز مؤتمَرا صحافيا خِتاميا لمسيرتِه، فطغى مؤتمَرُه في أوساطٍ معيّنة على نشاطِ رفيقِه، وبقدرِ ما لم يكن اختطاف الأضواء هذا وِديا، فإنّه لم يكن كذلك مجرّد حماقة، وهو يدخُل فيما يعرِفه نفسانيو الأطفال: إنّه محاولة الطفل كسب الاعتناء واستمطار الاهتمام عندما تتجه الأعين لغيره، فهذه هي الطبيعة الأبديّة للجنرال عزيز: إنّه طِفلٌ كبير”.

وأضاف: “كنتُ قد تعرّفتُ في عزيز على ما أسميتُه سياسات التحبيض، وهي محاولة الجنرال عزيز إبقاء خلَفِه في حوزتِه السياسيّة؛ عن طريق إلقاء الكُرة في ملعبِه والاستفراد به؛ ففي الحملة الانتخابيّة خاضَ حملةً موازِيّة لتعريف الانتخابات على أنّها انتخابات مواجهة وصدام، وليست فرصة مصالحة واحترام، وربّما ائتلاف، وهو الوجه الآخر للحملة المفترض أنّ غزواني أرادها بَدءا، ونعرِف الآن أنّ عزيزا قد نجح في مُرادِه، ففي اليوم الأخير للحملة استسلم غزواني وانضَم للنهج العزيزي في الخطاب: خطاب التأثيم ووصف المعارضة بالتطرّف، وقد حبّذت نتائج الانتخابات هذه الثنائيات، فجاءت انتخابات مخاوف، لا انتخابات آمال”.

وأضاف الدكتور أبو العباس: “واصَل الجنرال عزيز سياسات التحبيض عندما عرّف ما بعد الانتخابات أنّه ملفٌ أمني تُهدّد فيه موريتانيا بمؤامرات عِرقيّة وتنظيمات نصفها سياسي ونصفُها حَرابي، وما إنْ انتهى الجنرال عزيز من هذا الناي (أوَقدْ انتهى منه؟!)، حتّى أخذَ نايا آخر: هو ملف الفساد لتوريثِه لغزواني؛ فقد بدأ الجنرال حكمه بمطاردة السحرة، ظاهِريا بتهمة الفساد، وعمليا لتعريف المشهد السياسي وبناء خارطة سياسيّة وزبونيّة جديدة، وقد انتهى عصر مكافحة الفساد بانبثاق أكثر نظامٍ فسادا في تاريخ موريتانيا: نظامٌ كان فيه الجنرال عزيز وأسرته يسرِقون عيني عينك، بدون أبسط حياء، انهارت التقاليد السياسيّة الدؤوبة لتعفّف الرّبابنة، وبدأ عصر النهب، عصر نادِر شاه”.

وكتب الأستاذ الجامعي، الشيخ معاذ، مستشرفا المستقبل: “إن الموريتانيين يريدون فترة حكم خالية من النفاق والتطبيل والتزمير والتملق، ويريدون من الرئيس الجديد التخلص من كل من يُشهد لهم بتلك الصفات، ومن ساهموا في نشر ثقافة التجريح والإساءة بين الفرقاء، ويريدون من الرئيس الجديد إعادة الاحترام للرموز الوطنية كافة، وللعلماء والشخصيات ذات القيمة الوطنية الخالصة، ويريدون من الرئيس الجديد أن يعيد النظر في سيرة من سبقه من الرؤساء ويقلب فكره في بطانتهم ليخرج بخلاصة عن دور البطانة الحسنة في بناء الدول ودور البطانة السيئة في تدميرها”.

وأضاف: “نريد عودة السكينة إلى الفضاء الوطني العام، وذلك بالقضاء على حالة اللااطمئنان والخوف التي أضحى الأخ يتوجسها من شقيقه بفعل عشر سنوات من التعدي على حرمات الأفراد وخصوصياتهم وانتشار ثقافة التنصت والتجسس”.

وخلص لمخاطبة الرئيس الجديد قائلا: “كل هذه الأمنيات منوطة بنوع البطانة، فعليك أيها الرئيس، أن تحسن الاختيار، وأن تبتعد عن كل الذين أضحوا عنوانا لسنوات المحاق، والظلم وخبث الطوية”.