غزواني و تباشير الغد المنتظر!

ثلاثاء, 08/06/2019 - 12:04

انتفضت موريتانيا عن بكرة أبيها، متفائلة بالغد المشتهى، الذي بدأت جحافل الظلام تزحف من أمامه، هاربة في خفايا سرداب غيابها، المطل على وادي خيبة الآمال، حيث كان الشعب ينتظر الخلاص والملاص، مؤملا الآمال الجسام العراض في حدس غامر، لا يعرف من أين سيأتي؟ ... والإحساس جازم أنه سيأتي ....

وبسلاسة وانسيبابية – قل نظيرهما – وفجأة بدت معالم الغد تتبلور، تتهادى على نسائم قادمة مع تأوهات المحيط، حيث الرمال المتجملة بأصيل، سرعان ما آذن بليلة هادئة الصدى، خامرتها سكينة قادم محتوم، بالكاد سمع خطوه، الزاحف إلى الأمام، تتسارع خطاه، وتتكشف خفاياه، لينجلي .. معلنا عن إرادة شعب .. لا يقهر .. ولا يتقهقر .. ويريد بكل قواه أن يعيش آمنا مطمئنا .. وأن يعانق خيوط الفجر الزاهي .. تلك الخيوط المغزولة بإرادة ذهبية .. لا تنكسر شظايا .. مهما تلبدت الغيوم السوداء في جو انقطاع الكهرباء .. ومهما سامها البغاة خسفا وعصفا .....

نجح مرشح قوى أغلبية الشعب، وصفقت له القلوب بحرارة، قبل أن تتجاوب أصداء الحناجر بفرحتها العارمة، وقبل أن تتعالى الزغاريد أباديدا أباديدا، مختلطة بتصفيق الأيادي المبارك، المفعم بحيوية اللحظة، وقدسيتها لدى الموريتانيين.

كل الدلائل تجزم بأن عصر الانجازات الكبرى قد أشرقت شمسه، وطلع قمره منيرا، ساريا في فضاء رحب، لا يضيق، ولا تعثر فيه نجمة، متعذرة بأن طريقها غير معبدة.

إن لهذا الـ "محمد" شواهد لا تعد ولا تحصى بأنه قادر على الإصلاح، ومستطيع لإنهاء النكبة الوطنية، فالرجل الداهية كان دائما يعمل بلا كلل ولا ملل، من أجل سواد عيون وطنه، وتوفير الأمن والسكينة في ربوع كادت يوما أن تقضي تحت وابل هجمات الإرهاب – الكافر بالأديان والأوطان والأرواح.

تشفع للرئيس أبعاد يتمتع بها، منها :

الخبرة والكفاءة، حيث تولى إدارة الأمن، وقيادة الأركان، وحقيبة الدفاع، فما كان إلا سيف خالد في اليرموك.

كان شاهداً على أحداث مهمة، ومحطات تاريخية هامة في تاريخنا المعاصر منذ دولة الرئيس معاوية الخير، مرورا بدولة الرئيس الراحل اعل ول محمد فال، والموقر سعادة الرئيس سيدي ول الشيخ عبد الله، وحتى في العشرية، حيث له إسهاماته العديدة في فك فتيل الأزمات، والأحداث التي مرت بها البلاد.

لم يكن مجرد جنرال عابر في ذاكرة مثقوبة، بل كان حاضرا في كل المحطات، ومرئيا في كل الاحتفالات الوطنية، وخالدا في سفر الوجود الوطني، صاحب حضور طاغي في كل المحطات المهمة.

كان مركز ثقل وتوازن ومرجعية، ومن لا يتذكر دوره المحوري أيام التلاشي والضياع، وقضية الرصاصة.

هو من بنى قيادة الأركان بشكلها الحالي، حيث الجاهزية والعتاد.

لم تأخذه القوة والنصر يوما إلى التباهي والتفاخر، وغمط الآخرين حقوقهم، فلطالما مارس السلطة بأدب وأخلاق ودين، رافضا الأبهة والتمظهر.

سليل المذهب السياحي في التصوف ( الطريقة الغظفية )، حيث الصلاح والنقاء، وفضائل التعبد والتهجد، وقضاء حوائج الناس.

البعد الاجتماعي، حيث مجتمع الأنصار يقف شامخا بإسهاماته التاريخية والأنتروبولوجية في خدمة اللحمة الاجتماعية، ومكافحة كل أسباب الميل والانحراف، بتواضع جم، ينبئ عن معدن أصيل، لا يصدأ، وعن معين لا ينضب من معرفة الله، والحرص على الجماعة، وإصلاح ذات البين، لقد فضل الله ذلك الجمع، واصطفاه لمعالي الأمور.

السكينة والوقار، فلا يعرف عن صاحبنا – سيادة الرئيس المنتخب –، إلا أنه لطالما كان وقورا مهيبا محترما، منكفئا على ذاته عن عيوب الآخرين، ولذا طيلة ممارسته للإدارة، وفترة ترشحه للانتخابات وحتى الساعة، لم يسمع – ولو نزرا – أنه تحلى أو تجلى بغير كامل السكينة والوقار، وهو ما أعطاه سبقا في جليل الرفعة، وسمو السؤدد والاعتبار.

نظافة اليد، فلم يعرف عن الرئيس أنه منغمس في بناء الأسواق، ولا في تعمير العمارات، ولا في غش ولا تدليس، ولا أنه مارس الترهيب بالسلطة يوما، أو أرسى أوليغارشيا متخصصة في التحايل أو "التشبيك".

البعد عن نقيق الضفادع، فلا يؤثر عن الرئيس المنتخب أنه أنشأ بركة مائية، أو مستنقعا آسنا لنقيق الضفادع بالمدح والشتيمة، وبث المغالطات، وترويج الشائعات.

الحملة الوطنية، فالرئيس نجح بحملة وطنية، شاركت فيها مختلف فصائل وفئات المجتمع السياسية والاجتماعية، فمن تواصليي تواصل وصله المساندون، ومن الداداهيين استقبل العترة، وآبت إليه فلول القوى، وأوزانها الثقيلة، وتلاقى حوله السادة والعامة، واحتشدت المدن عن بكرة أبيها انتظارا لطائرته، ولم تتخلف الأرياف عن القافلة، واتفق المثقف مع الأمي في دعمه ومساندته، وتكاثرت المبادرات، لحد أن لم تحد أو تعد.

نصاعة المسار، وشفاعة التاريخ، فليس الرجل من جماعة أو بيئة تعرف بالشنآن والشر، فإن لم ترج خيرا فلا تتوقع ضيرا، وهذا في حد ذاته ربح لا نظير له، وكثير من الناس لا يريد سوى أن لا ضير، وحق له ذلك، والنار لا يطير شررها إلا من حيث تعود أن يطير.

لكل ما سبق يشكل الغزواني أمل الأمة، وشمعدان أحلامها، والضوء المبارك اللائح لها في نهاية النفق المظلم، وما علينا كمثقفين وكحالمين بالغد الأفضل وكأطر دولة، وكسادة رأي، وكرجال أعمال وكساسة وكعموم إلا أن نستبشر بالغيم القادم، فوالله "إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون".

دداه محمد الأمين الهادي