المِثْليَّة الجنسية في موريتانيا .... الخطر المسكوت عنه ... معالجة

جمعة, 10/25/2019 - 16:03

المخنثون فئة معترف بها كحالة علميّة خاصّة، تتداخلُ فيها المعطيات البيولوجية بالنَّفسية، بالطّفرات الجينية بالعيوب الجنسية الخَلقية، لا علاقة لهم بالانحراف السّلوكي.. وهذه الحالات (مُخنَّث، خنثى) لها الحق على الدولة والمجتمع بتعهّدها بالطب العضوي والنفسي متابعة وعناية.
"كَور جكَين"، "كَلكَاله"، "ابريشه"، "نيشه"، مسمَّيات شعبية، لصفة مُكتسبة بالإرادة وخيار لمسار في الحياة، لا يَنتمي الموصوف بها للفئة المريضة الآنفة الذكر، الموصوف بها بدأ حياته سوياًّ في الأغلب، ثم هانت عليه النفس فندبها للسوء، وحملها في أول عربة على سكة الأوحال،.. هو حالة اجتماعية اعدلت عن الفطرة عمدا، تتجاذبها علامات الأنوثة والذكورة، أجساد رجال بأرواح نسائية، طاغية الحس الأنثوي، .. يتعمدون اظهار الهوية الشاذة بالمبالغة في التّلوي والَّتثني في المشي والخضوع في الصَّوت وتموُّج الأطراف في أنوثة أعجزت الإناث،.. يُعطي الواحد منهم الإحساس بأنه شخص غريب يقيم في الجسد الخطأ، مزيج آدمي يتداخل فيه التشبه بالنساء بالغواية، بالميول الطاغية للمتاجرة "بالجو" في جو لا يشعر فيه بالتنغيص أو الانتقاص، يتقاذفه الاحتقار نهارا، والاعتبار ليلا في الأوساط التي تتقبله وتحتاج "لخدماته" من قوادة وصيد وتلميع، أو في مُتعات الهزيع الأخير،.. يدفعهم الانغماس والاحتراف إلى تعظيم الولاء الجنسي على الولاء الاجتماعي فيعيشون في شبه قطيع منعزل ومتناغم.
في العالم الغربي يعمل المثليون في مهن الضوء والأناقة: مسابقات الجمال، الفن، الملابس، العطور، التزيين، المهرجانات،.. وقد هُذِّب مُصطلح "الشذوذ" لأجلهم ليصبح "المثلية"، وأي كلمة جارحة اتجاههم اليوم تنافس معاداة السّامية، مع أن مجتمعاتهم السَّوية تتقبلهم بمضض قانوني، وموقف المحافظين منهم لم يؤثر فيه شطط القانون، وليس سِرًّا أنَّ وعود الغرب بتحرير "عُقد" البشريَّة بترك الحبل الأخلاقي والديني على الغارب قد فشلت، شخصيا لستُ مفتونة بتلك الوعود.
نسختنا من المثليين من أقل جنسهم جرأة في المواجهات المفتوحة مع المجتمعات الرافضة،.. النظرة المحلية اتجاههم وان كانت مشمئزة إلا أنها غير عدائية،.. تعيش الطبقة المتنفذة من هؤلاء في حلقة صلبة واسعة العلاقات يعاضد بعضها البعض والتعاطي فيها على استحياء ، يحمي نشاطهم "بزنس ترويح" مُتشعِّب ومُتشابك المصالح مع فئات أخرى قوية و"سوية" في ظاهرها الجسماني والاجتماعي،.. وهم مترفون و"محترمون" و سادة العالم الخفي بلا منازع.
أماالطبقة الدنيا المحتاجة فتتسافل مع أكثر المهن وضاعة، يبالغون في إركاس حياتهم في جو يتعانق فيه الفجور والشذوذ وإطلاق الشهوات والترويج لها، يحملون عبء شخصية ضائعة ومنبوذة، يركنون غالبا لحياة التخفي، وقلة منهم ترغم على الزواج حفاظا على القطرات الشحيحة المتبقية من ماء الوجه الاجتماعي، كان ظهورهم معيبا بداية وخجولا، يقتصر على بعض المناسبات الاجتماعية كمتنفس، إلى أن قدمَّتهم التلفزة الوطنية في ثوب فنِّي كطبَّالة للفرق الفنية فعوَّدت عليهم، كمُسلَّمة فنِّية مُتخصصة في الطبل، وعجَّلت باختراقهم للسّياج الأخلاقي الذهني.
لستُ في صدد نقاش "حق" هؤلاء في الاختلاف وفي الشذوذ، أو"حقوقهم" علينا في تقبل خياراتهم في الخروج على النمطية الجنسية التقليدية، وفي حرية الميول،.. لديَّ قناعة من صنف إيمان العجائز أنَّ الأولى بالحماية هوّ حقُّ المجتمع في الإبقاء على سكينته الأخلاقية من بطش هؤلاء، فحتى الفلسفة الالحادية تحترم تقاليد الشعوب وقيمها الأخلاقية؛
زرتُ مدينة في الدّاخل في وفد رسمي فكان جل القائمين على الضّيافة من هذه الفئة، والمشهد مألوف هناك ولا يُزعج، حتى سكرتير الحاكم يصفِّق ويتغضَّن بطراوة انثوية يُحسد عليها وبراغيه مرتخية.. وصلتني يومًا لائحة بأسماء ضيوف لشخصية رسمية، فجعل الترتيب الأبجدي "شخصية مِثْلِيّة فئة سبعة نجوم" على رأسها!.. إذن منهم المثليُّ –الرفيع، ومنهم المثليُّ-الوضيع، حسب وسط الاحتضان..
"اتكَلكَيل"، لم يعد من المُحرَّمات الصّارمة هنا، فالتَّخنث يعيش عصره الذهبي عالميا، وقد انتقل من مرحلة الدفاع الذليل الساقط الى الهجوم الجريء الضاغط،.. ولذا تطفو له اليوم "تفريعات" جديدة هيَّ مَحلُّ هذه الإبانة، ويتعلق الأمر بالنُّسخة "الأنثوية" من هذا الشذوذ العاطفي المُشتهي للجنس المُماثل، والتي لم تبرز عندنا سابقاً بشكل لافت.
فقد ذكر لي شخص أثق به، ويمنحه عمله فرصة الاطلاع على تفاصيل حياة القاع الاجتماعي، أن سحاقيات (كَلكَلات نساء) يُمارسن "التِّسْدار" في نزهات شذوذ أمام المحلاَّت التجارية الكبرى، يُغرينَ الفتيات ويجذبنهن لعالمهن.. وهو أمر جديد علينا، وإنْ كان ولا يزال اعتياديا في أساط الشذوذ الذكوري، يُصطاد شباب أسوياء من الواقعين تحت ضغط العوز، يصطادون بالإغراء المالي والمادي، يُمارَس عليهم أو يمارِسون على الشّواذ، فيغوصون في لُجّة ظلام ذلك العالم ، .. إن جُلّ ميزانية المثليين المُتحصَّل عليها من القوادة وتوفير "الجو" ينفقونها على زينتهم الشخصية وعلى ترضية ضحاياهم، وعلى الاستطباب، فهذا الوسط تنخره الأمراض المنتقلة عن طريق الجنس، وهي السبب الرئيس لوفياتهم.
عشتُ تجربة انطبعت في ذهني،.. كان الوقت شتاء في تونس، والليل ينزل الخامسة مساء عانيت ألمًا في الضرس، بحثتُ عن أقرب عيادة للفندق فوجدتُ طبيب اسنان لبناني من عائلة "حب الله" سكرتيرته زوجته، مولودة في السنغال تتقن الولفية، "جرَّيتْ الها الدَّم"،.. كنتُ أخلُصُ من التدريب وقت المغرب، فوعدتني بالانتظار،.. قاعة الانتظار خالية إلا من سيدة فوق الستين تقريبا فارعة الطول تلبس "سفساري" ( لباس تقليدي) حييتُها شفهيا وتناولتُ مجلة، رفعتُ نظري اتجاهها بشكل عفوي فوجدتها تبتسم، ابتسمتُ مُجاملة، فغمزتْ لي بعينها، كذَّبتُ خيالي، عاودتُ النَّظر فعاودتْ الغمز، تأملتها في ارتباك فوجدتُ ملامحها قاسية ويدها متخشبة،.. هل هي انثى، ذكر، متحول جنسيا؟،.. احسستُ بقشعريرة وغثيان، وبرغبة في التَّبول على ملابسي،.. بين العيادة والفندق كنتُ التفتُ وأتصورها تُلاحقني.. خوفي لم يكن منها، فضربها لن يكلفني جُهدا،.. لكنه إحساس مُرعب بشيء آثم مُناف للفطرة البشرية.
أوردتُ هذه المعلومات لنمنح أنفسنا فرصة العلم بالشيء والوعي به.
أسأل الله السلامة للجميع، وأسأله الهداية لهم، وأدرك أنّ المِثالية ترف غير علميٍّ وغير منطقيٍّ، وأنّ المجتمع الفاضل من ضروب الخيال، لكن ضبط هذه الظواهر سيكون أساسا للحفاظ على بقية أخلاق، وسيكون انفتاح الوالدين على أطفالهم وتحصينهم بثقافة جنسية واعية ومُتحررة من المحاذير والمحظورات أساس السَّلامة من لاستدراج والانزلاق، فقتل فضولهم المعرفي للجنس ودفنه في الجهل لا تحمد عقباه.. المدينة غول مرعب.
استغفر الله لي ولكم.

 

معالجة بقلم الدهماء ريم

الفتاش الاخباري