قصة زينب .. والحريق الذي بداخلنا / محمد المختار دي

أربعاء, 01/15/2020 - 12:53

زينب منت بلال تلك القصة القاسية والنهاية المحزنة  التي هزت موريتانيا بكل ولاياتها  ومقاطعاتها وقراها وأحياءها  الشعبية الفقيرة الممهلة عبر سنين 

كم هو مؤلم أن يفقد الإنسان أبناءه بأي طريقة كانت فما بالك وهم محروقين داخل كوخ كانوا يختبؤون فيه من ظلم الحياة وقسوة الوطن وظلم الآباء  لأبناءهم

زينب ليست قصة وحيدة  إنها صورة من العشرات بل الآلاف من مجتمعنا إنها قصصهم في دار النعيم والسبخة والميناء ولكصر وتوجنين  حين لا يجدون قوت يومهم ولا مأوى يؤويهم ويتهرب بعض الآباء تاركين فلذات أكبادهم  فالأم هي المسؤولة الأولى في مجتمعنا أو أغلبه عن أبناءها

لقد اهتز المجتمع بأسره وتحركت الدولة ولكن بعد فوات الآوان  كعادة كل حدث جلل يصيبنا  ولكن ماذا بعد ؟

ألا يستحق هذا الحادث الذي تحول إلى قضية رأي عام في موريتانيا أن نتحرك لتجنيب البقية حوادث مشابهة فالوقاية خير من العلاج 

نعم الموت القدر ولا راد لقضاء الله وقدره ولكننا بشر ومواطنون وواجب علينا وعلى دولتنا أن توفر لنا سبل العيش الكريم فنحن رغم ما نتملكه من ثروات نعد من أبين افقر دول العالم وأسوءها من حيث المعيشة السكنية وتوفر أبجديات الحياة من مساكن وصحة وتعليم 

القصة ليست قصة زينب لوحدها ولا قصة إنسانية فقط  إن لها  عشرات الجوانب وفيها عشرات الأطراف من  المذنبين 

فأول المذنبين هو الأب الذي قلد عشرات الآباء من أبناء مجتمعنا  ممن تعودوا على رمي أطفالهم في أحضان أمهاتهم والبحث عن حياة أخرى تاركين على المرأة  الحمل في التربية وتوفير المؤونة والسكن 

فكم أبا مثل زوج زينب لدينا  إنها أسرار بيوتنا التي نغلق عليها دون أن نفتحها أو نناقشها ويدفع الأطفال في الأخير ثمنها 

وهنا يأتي دور الدولة في سن قوانين تفرض على الآباء حق الكفالة وتمنح الزوجة وإن كانت مطلقة حقوقها كما هو دور المجتمع المدني في التوعية بخطورة إهمال الأبناء وتوعية الآباء بدورهم اتجاه أبناءهم 

أما ثاني المذنبين : فتقول زينب في إحدى لقاءاتها إنها طلبت الشرطة وسيارات الإسعاف غير أنهم تأخروا وهذا أمر طبيعي كلنا عاصرناه ونعرف أن الشرطة ليست في خدمة المواطن في وطني للأسف أو بعضها حتى لا نعمم 

ربما لو كان الحريق لمسؤول كبير أو شخصية معروفة لكان الإسراع في نجدته وهذه حقيقة 

هنا في تركيا تصل سيارات الإطفاء قبل أن يبدء المواطنون في إطفاء الحرائق وقد شاهدت بعيني حادثة حريق وصلت خلالها سيارات الإسعاف في دقائق معدودة 

 

المذنب الثالث  هو الدولة التي أهملت المواطن ولم توفر له أي سبل للعيش الكريم فلا حق للمواطن الموريتاني في ميزانية الدولة كما هو الحال في بعض الدولة الإفريقية ولن أتحدث عن الدول النامية بل عن  دول العالم الثالث  هناك دخل شهري للمواطن كحق في ميزانية الدولة 

ويسمى الدعم في علوم الاقتصاد 

فأين حق المواطن الموريتاني  في الثروات السمكية والمعدنية ونحن نتصدر العالم فيها 

أين حقه وبلاده تقترت من أن تصبح من أكبر الدولة المصدرة للذهب في إفريقيا ؟

أين  حقه في العمل والصحة والتعليم  ؟

لماذا ترك الجميع زينب تواجه ذلك المصير حتى حدث ما حدث ؟

لقد تألمنا جميعا لألم زينب واحترقت مشاعر أبناء وطني مع احتراق أجساد أبناءها لكننا لو وقفنا لحظة سنجد أن زينب صورة من مجتمعنا من قصص الكدح وصعوبة المعيشة وقتال الأمهات من أجل أبناءهم وهروب الآباء من المسؤولية وإهمال الوطن للمواطن وفساد بعض من القطاع الأمني

والأمر كله يحتاج وقفة صادقة وعينا تنظر برحمة إلى المواطن المكلوم في بلد لا حق فيه للمواطن ولا عيش 

لقد حزنا لحزن زينب التي أبكت الحجر فما ذا بعد ؟

احترق شيء بداخلنا كحريق الأطفال الصغار  لكن ماذا بعد ؟

على أمل أن تتغير الأوضاع وتتحسن ظروف المواطن المعيشية تبقى قصة زينب حاضرة في أذهاننا ونكسة يجب أن تكون لها تداعياتها الإيجابية على المواطن الموريتاني 

فيا أيها المسؤولون لبوا صرخة المواطن