انقسام الفنانين العرب بين تأييد الثورات الشعبية وموالاة الأنظمة القمعية يدمر الفن والذوق العام

خميس, 07/02/2020 - 01:22

مع بداية ثورات الربيع العربي في تونس، وانتشارها في أكثر من بلد عربي، انقسم الفنانون العرب ما بين مؤيد لهذه الثورات ومعارض لها، وقوفا في صف الأنظمة الحاكمة، التي ثار عليها الشعب لفسادها.
وقد بدأ هذا الإنقسام واضحا في مع اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني في مصر، فبينما انضم عدد من الفنانين إلى الثوار منذ اللحظة الأولى، كان هناك عدد آخر، ناصر نظام مبارك بشدة، واصفا الثوار بالمخربين، من بينهم الفنانة عفاف شعيب والفنانة إلهام شاهين والفنان طلعت زكريا، الذي ادعى على ثوار ميدان التحرير، أنهم يتعاطون المخدرات ويقيمون علاقات جنسية كاملة، والفنانة سماح أنور، التي طالبت بحرق الثوار، وغيرهم من الفنانين المصريين، الذي وضعوا في قوائم سوداء أثرت كثيرا على مسيرتهم قبل أن تتراجع الثورة، ويتصدر هؤلاء المشهد من جديد، وذلك على عكس الفنانين الذين تضامنوا مع الثورة، مثل عمرو واكد وخالد أبو النجا، اللذين تعرضا للتشويه والهجوم ويعيشان حاليا خارج مصر، والفنان الراحل خالد صالح والفنان خالد الصاوي، والمخرج خالد يوسف والمنتج محمد العدل، وكثير من الفنانين الشباب، الذين كانوا يتواجدون مع الثوار في ميدان التحرير بشكل يومي حتى تم خلع مبارك.

تشتت الفنانين السوريين

انقسم الفنانون أيضا تجاه نظام بشار الأسد في سوريا بعد اندلاع الثورة الشعبية ضده في مارس/ آذار 2011 ، حيث اصطفَّ بعض الفنانين السوريين إلى جانب النظام، مثل دريد لحام، الذي لا يترك مناسبة دون أن يعلن تأييده لبشار الأسد، ودائما ما تنشر صور تجمعهما، كما شجّع لحام دائماً على بقاء حزب الله في سوريا من أجل مناصرة الرئيس على التخلص من الجماعات الإرهابيّة على، حدّ وصفه.
وشاركت سوزان نجم الدين في المسيرات المؤيدة للنظام منذ انطلاق الثورة، وعرفت بارتدائها البدلة العسكرية. وقالت في أحد تصريحاتها: إنّ الصمود العربي يمثله الرئيس السوري بشار الأسد، وكانت من أوائل من خرجوا في مسيرات لتأييده.
وأعلنت سلاف فواخرجي تأييدها للأسد، وقالت: إنّ كلّ ما يجري في سوريا هو مؤامرة غربيّة، وإنّها تقف وبكلّ قوة إلى جانب الرئيس بشار الأسد.
وعرف عباس النوري، بموالاته لنظام الأسد منذ انطلاق الثورة، حيث شنّ الكثير من الهجمات على المعارضين السوريين، كما انتخب بشار الأسد عند ترشحه لولاية ثانية في 2014.
أما الفنانة رغدة، التي تعيش في مصر، فتدافع دائما عن بشار الأسد، حيث يصفها المعارضون بسيدة التشبيح، و ظهرت أكثر من مرة وهي ترتدي بدلة عسكريّة.
ويدافع الفنان أيمن زيدان عن نظام الأسد، ويؤكد معاداته للثورة السوريّة، التي نعت ثوارها بالإرهابيين. وكان لزيدان تصريح شهير قال فيه «كيمياوي الوطن ولا بارفان الغربة»، تعليقاً على مجزرة السارين، التي ارتكبتها قوات الأسد في مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي، وراح ضحيّتها أكثر من 90 مدنياً بينهم 30 طفلاً.
ميادة الحناوي، أيضا تساند النظام بقوة، حتى أنها هاجمت المطربة أصالة نصري، بسبب معارضتها للنظام، أصالة، التي أعلنت تأييدها للاحتجاجات الشعبية منذ الأيام الأولى.
كما يناصر الفنان جورج وسوف النظام السوري على طول الخط وبقوة.
في المقابل لمع عدد كبير من النجوم انحازوا لوطنهم وليس لأشخاص مثل مغني الثورة سميح شقير، الذي غنى بعد نحو أسبوعين من اندلاع التظاهرات في درعا جنوبي البلاد أغنية «يا حيف»، وهاجم فيها قوى الأمن لأنها، قتلت أطفالا ومدنيين عزل بدون أي مبرر، مما اضطره إلى البقاء خارج البلاد وأصبحت أغنيته نشيد ثورة السوريين.
ومن أبرز الفنانين الذين أعلنوا معارضتهم لنظام الحكم في سوريا جمال سليمان، الذي لم يكتف بإعلان معارضته فقط، بل شارك سياسيا من خلال اجتماعات ولقاءات مع المعارضة، وانضم لفترة إلى الائتلاف السوري المعارض، قبل أن يعلن استقالته، وفي أحد لقاءاته يقول سليمان، الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية: «أنا شخص علماني وأحترم جميع الطوائف، وأعتقد أن ما حصل في سوريا هو استحقاق تاريخي كان سيحدث بشكل أو بآخر في أي وقت، نتيجة وجود حكم شمولي اعتمد كثيرا على أدوات القمع».
وشدد على أنه عارض كافة أشكال عسكرة «الثورة»، لأن ذلك أدى إلى تفشي الفوضى وانتشار الجماعات المتطرفة، وأن الحل للأزمة الحالية سياسي للحفاظ على نسيج المجتمع وعدم حدوث عمليات انتقام طائفية تستمر إلى أجل غير مسمى.
وكذلك أعلنت الفنانة كندة علوش أنها تؤيد الاحتجاجات في سوريا، وعلى «ضرورة تحقيق مطالب الشعب»، واضطرت كندة أن ترد في أكثر من لقاء على أنها سورية الأب والأم وأنها من مدينة حماة وسط سوريا، بعد أن اتهمها بعض الموالين للنظام بأنها فلسطينية الجنسية ولا يحق لها التدخل بشأن سوري خاص.
وبرز في المعارضة أيضا الفنان مكسيم خليل وزوجته سوسن أرشيد، وفنانة الثورة مي سكاف، التي توفيت في باريس وفارس الحلو وعبدالحكيم قطيفان وريم علي ويارا صبري وواحة الراهب ولويزا عبدالكريم وإيمان الجابر، وريما فليحان.

فنانون مصريون ساندوا النظام السوري

وقد أيد فنانون في مصر نظام بشار الأسد، حيث وقع العشرات من الفنانين والعاملين في المجال الفني والصحافيين المصريين على بيان يؤكدون فيه وقوفهم الى جوار الشعب السوري الشقيق مطالبين الفنانين السوريين بالإنحياز الى شعبهم، جاء من بين الموقعين المنتجة إسعاد يونس، والمخرج خالد يوسف، والفنان خالد النبوي، والمخرج زكي فطين عبد الوهاب، والفنان أحمد عيد، والفنانة نهى العمروسي، والمخرجة كاملة أبو ذكري، والمخرج أحمد ماهر، والفنانة سهير المرشدي وأكثر من 170 أخرين.
وتسبب الفنان المصري أحمد آدم في غضب كثير من السوريين عقب إذاعة برنامج الفنان أحمد آدم «بني آدم شو»، وذلك بسبب سخرية «آدم» من المجازر التي وقعت ضد الشعب السوري في مدينة حلب.
وأطلق إعلاميون سوريون حملة على شبكات التواصل الاجتماعي لجمع توقيعات على بيان إدانة لما وصفوه بحملة التزوير والتضليل الممنهج التي مارستها وسائل إعلام مصرية خلال تغطيتِها لمجازر حلب.
وتعد الفنانة إلهام شاهين من أكثر المؤيدين لنظام بشار الأسد، حيث أعربت عن سعادتها بمشاركتها في الدورة 59 لمعرض دمشق الدولي بعد توقف دام 5 سنوات، واصفة مشاركة مصر في المعرض بأنه انتصار لسوريا، وأكدت فرحتها لما حققه الجيش السوري من انتصار، وقالت «لا يصح إلا الصحيح، وأحيي الشعب السوري، والجيش السوري، وأحيي من قلبي الرئيس بشار الأسد على وقفته الصامدة، وقفة رجل حقيقي يحمي بلده وشعبه»، موضحة أن سوريا عادت مرة أخرى، على المستوى الثقافي والاقتصادي، وعلى جميع المستويات».
ووجهت شاهين التحية للشعب السوري وللجيش السوري، الذي استطاع الوقوف في وجه كل المؤامرات وكل المأجورين- على حد قولها.
كما وجهت التحية للرئيس السوري بشار الأسد، والذي وصفته بأنه وقف صامدًا وهو يحمي شعبه ويعيد سوريا لتقف على قدمها مرة أخرى.
وقالت إنها فخورة بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصفته بالرائع، مع مجموعة من الفنانين المصريين.
عادل إمام بدوره أيضا أعرب عن إعجابه بشخصية الرئيس بشار الأسد في أكثر من لقاء صحافي وتلفزوني.
ورغم اتخاذ معظم الفنانين في سوريا ومصر مواقف مع وضد، إلا أن جزءا كبيرا منهم كان مدفوعا لذلك خشية على حياتهم ومستقبلهم. وقد تبدلت مواقف بعضهم.
لكن مواقف الفنانين أيضا قسمت الجهمور وأثرت كثيرا على مجريات الأمور، وهناك من يتهمهم بأنهم خانوا رسالاتهم لمصلحة الأنظمة ضد شعوبهم وجمهورهم، الذي كان يضع ثقته فيهم.