حتى الإدانة غير مسموح بها..!!ا / ذ.امينة بباي عمار

أحد, 09/13/2020 - 16:00

في غمرة ما بعد الحداثة وفي ظل اكتساح المنظومة اللا دينية العالم.. يراد لنا أن نتجاوز مركزية المقدس ليصبح طقسا مهملا لا قداسة له ولا تعظيم..! يراد لنا أن نصمت و"شارلي أيبدو" تعيد نشر رسومها المسيئة إمعانا في جرح مشاعر المسلمين!

 

رغم أني عشت عصر الانكسارات الكبرى للمسلمين إلا أنه لم  يخطر ببالي أن يكون رد الحكومات العربية والإسلامية الصمت المريب في وجه إساءة بالغة لرسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - شعور بالألم يتلبسني  لما حدث أيعقل أن يصل التصعيد بين الدول درجة قطع العلاقات لمجرد تصريحات تفتقد للود ولا تجد فرنسا من يستدعي سفيرها احتجاجا على فجور "شارلي أيبدو" الملعونة!؟

 

سأحاول هنا ضبط النفس رغم فورة الغضب وأتساءل: هل تؤثر بيانات تنديد جماعية من وزارات خارجية الدول العربية والمسلمة في علاقاتها مع فرنسا؟

 

حتى بيان لا تأثير له تضنون به على - النبي صلى الله عليه وسلم -، ألهذا الحد بلغ بكم الهوان؟

 

أعرف أن النبوة مقام علي.. وأن إساءة حضارة السكارى والشواذ لا تضر بل إنه كلما أساء هؤلاء للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

 

أهتم الغربيون بدراسة الإسلام ودخلوه أفواجا وسأقدم نماذج على ذلك من أحدثها: النائب الهولندي المعروف بكراهيته الشديدة للإسلام: "يورام فان كلافيرن" الذي نذر حياته لمحاربة الإسلام فقاده البحث في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لدخول الإسلام والتأليف في الدفاع عنه، وقد سبقه لذلك مواطنه منتج فيلم "فتنة" المعمول أساسا للإساءة - للنبي صلى الله عليه وسلم - المنتج التائب بكى شوقا مزج بالندم حين وقف على قبر- النبي صلى الله عليه وسلم - ومن قبل: أستاذ اللاهوت والرياضيات الكندي الدكتور جاري ميلر الذي حمله العداء للإسلام  أن يبحث في القرآن عن أخطاء فانبهر بإعجازه فألف كتابه العظيم "القرآن المذهل".

 

وحتى لا أبرح نقطة مهمة أشرت لها في بداية المقال وهي إزاحة المقدس في الحضارة المهيمنة وتسرب ذلك في اللاوعي الإسلامي بسبب تمدد العلمانية الجزئية في العالم الإسلامي، ويبقى السؤال المطروح هنا هو: هل أزاح الغرب المقدس أم استبدله بمقدس آخر؟

 

يرى الدكتور عبدالوهاب المسيري أن الغرب انتقل من عبادة المعنى إلى عبادة المادة نظرا لتبنيه للرؤية المادية للإنسان وكتأكيد لما ذهب إليه المسيري فإن كثيرا من تقاليد الدولة العلمانية يمثل نمطا من أنماط العبادة كتحية العلم والنشيد.. ووضع أكاليل الزهور على قبر الميت.. فالعلمانية لها شعائر مقدسة ولكن بدون ثواب..  ويراد لنا بعد ذلك تجاوز مقدساتنا المقرونة بالثواب!.

 

يزعم الغربيون أنهم سدنة "التسامح" و"حقوق الإنسان" ظاهريا يبدو الغرب حفيا بتلك القيم غير أن حفرا سريعا للسجل الحقوقي هناك يكشف أن لا حضارة قتلت وشردت ومزقت.. الإنسان كما فعلت آمريكا وفرنسا وابريطانيا.. فهذه الدول استعمرت وأبادت وهجرت ونهبت.. قارات بأكملها "إسرائيل" الجريمة الحية على أن الحضارة المعاصرة أكثر الحضارات بربرية ووحشية..!

 

فما يميز الإجرام الحداثي هو التوثيق بالصوت والصورة فتدمير العراق ونكبة فلسطين ومذابح البوسنة وإبادة الروهينغا...لا تحتاج إلا إلى ضغط زر وضمير حي ليعرف العالم أن حقوق الإنسان من أكبر كذبات التاريخ الحديث.

 

رجالا كنت أعدهم من الأخيار لم يكتبوا نصرة لنبيهم رغم جودة ما يسطرون إن هم سكبوا الحبر!

 

يعود السبب لدى كثير منهم لعوامل نفسية فلا يرضون بتقاسم رغيف مشاعر حب - النبي صلى الله عليه وسلم  -مع العوام كي لا يتهموا بالرجعية والماضوية والتخلف.. رغم أن الإساءة لمقدسات الدولة الحديثة (الدستور، العلم، النشيد..) تعتبر خيانة عظمى!!

 

ويراد لنا أن لا نغضب لرسولنا الكريم!!

 

في الختام أرى أن الإرهاب العقدي الذي يمارس ضد المسلمين  سيزيد من شغف الغربيين في البحث عن الإسلام ومن ثم اعتناقه.. ولكن في الوقت نفسه سيربك دعاة "التسامح" و"السلم" ونبذ الكراهية" والتطبيع" ويضعهم في حرج شديد!.