البوليساريو تقرع طبول الحرب والمغرب يرفض عرقلة حركة السير مع موريتانيا

اثنين, 11/09/2020 - 00:38

يتجه الوضع في الصحراء الغربية إلى التعقيد، حسب ما أكده بيان الاجتماع الطارئ للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو، الذي أعلنت فيه الجبهة يوم السبت عن حالة الطوارئ، ودعت فيه الشعب الصحراوي إلى التسلح بأعلى درجات اليقظة والتجند لمواجهة كافة الاحتمالات عبر كل تواجداته ومؤسسات الحركة والدولة».

وجاء هذا البيان في وقت يبلغ فيه التوتر أقصى مستوياته بسبب زيادة الحشود العسكرية المغربية في المنطقة، الناجم عن استمرار الصحراويين القادمين من مخيمات تندوف رفقة قوة عسكرية صحراوية، في إغلاق معبر الكركرات، قاطعين بذلك الطريق على الواردات والصادرات بين موريتانيا والمغرب.
وأكدت الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو التي يرأسها إبراهيم غالي «أنه بعد أخذها علماً بوجود حشود من القوات المغربية خلال اليومين السابقين في مواجهة المدنيين الصحراويين العزل المحتجين أمام الثغرة غير الشرعية في منطقة الكركرات، أمام مرأى ومسمع من بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) التي لم توقف المغرب عن الاستمرار في هذا الانتهاك، فإنها تعلن حالة الطوارئ وتهيب بالشعب الصحراوي عبر كل تواجداته ومؤسسات الحركة والدولة التسلح بأعلى درجات اليقظة والتجند لمواجهة كافة الاحتمالات بقيادة طليعته الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وجيشها المغوار».
«إن الطرف الصحراوي، يضيف البيان، وإذ يدين تمادي المغرب في احتلاله لأجزاء من تراب الجمهورية الصحراوية، العضو في الاتحاد الإفريقي من جهة، واستمراره في محاولته التملص مما وقع عليه مع الطرف الصحراوي تحت إشراف الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي من جهة أخرى، فإنه يحمل المملكة المغربية ما قد ينجر عن هذا الوضع الخطير والمتفاقم».وأضاف البيان «أن الوضع الراهن لا يمكن تجاوزه إلا بإذعان المملكة المغربية للشرعية الدولية وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال والسيادة على كامل ترابه الوطني».
وقد صادف صدور بيان الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو إحياء المغرب للذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء التي استولى المغرب عبرها يوم السابع تشرين الثاني / نوفمبر عام 1975 على كامل الصحراء، حيث أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب بالمناسبة «أن المغرب سيظل ثابتاً في مواقفه، ولن تؤثر عليه -حسب تعبيره- الاستفزازات العقيمة والمناورات اليائسة التي تقوم بها الأطراف الأخرى، والتي تعد مجرد هروب إلى الأمام، بعد سقوط أطروحاتها المتجاوزة».
وقال: «وهنا نؤكد رفضنا القاطع للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة».
وتابع العاهل المغربي يقول: «وسيبقى المغرب، إن شاء الله، كما كان دائماً، متشبثاً بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى بكل قوة وحزم للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية» مضيفاً قوله: «وإننا واثقون بأن الأمم المتحدة والمينورسو سيواصلون القيام بواجبهم في حماية وقف إطلاق النار بالمنطقة».
وتؤكد المؤشرات المدعومة بتصريحات الرئيس الصحراوي أن جبهة البوليساريو تتجه لكسر الروتين الذي يلف ملف الصحراء عبر إغلاق منفذ الكركرات وعبر تنظيم تظاهرات لنشطاء وناشطات صحراويات تردد خلالها شعارات رفض الأمر الواقع، وتعرض في أثنائها اللافتات والأعلام الصحراوية.وبينما ظهرت مواقف الطرفين: الصحراوي القارع لطبول الحرب، والمغربي الجامع بين الحكمة والحزم، لزمت موريتانيا الصمت أمام هذه التطورات مواصلة التزامها بالحياد ومبتعدة عن أي تصعيد من جانبها.فعلى الرغم من أن إغلاق معبر الكركرات هدد مصالح موريتانيا حيث أربك خطها التوريدي والتصديري الحيوي، كما أفرغ أسواقها من الخضروات حيث وصل كيلو الطماطم لسبع دولارات أمس، فإنها فضلت الابتعاد عن التوتير وفتحت بالاتفاق مع المغرب خطوط توريد لحاجاتها الغذائية، وتصدير أسماكها نحو السوق الأوروبية.
ويعتبر هذا الموقف هو الضمانة الوحيدة لحماية حياد موريتانيا في هذا النزاع المعقد الجاري على حدودها بين طرفين شقيقين، ذلك الحياد الذي يقوم على رفض أن يستغل أحد طرفي النزاع موقف موريتانيا لضرب الطرف الآخر.
ويرى المدون إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا، الخبير في شؤون المغرب العربي والساحل «أن اعتصام الصحراويين مقابل ثغرة الكركرات، وإن كان إيغالا في إحراج المملكة المغربية وإظهاراً لها كبلد محتل للصحراء الغربية منكلٍ بمواطنيها، فإن الجيش المغربي لن يتجرأ على الأرجح على تفكيك الاعتصام بالقوة لكيلا يقترف خرقاً لوقف إطلاق النار حيث يقع الاعتصام خارج (الجدار السادس) وهو آخر حلقات الجدار العازل الملغوم الذي يفصل عملياً بين الفريقين والذي بناه المغرب على طول 2700 كلم وتزيد قليلاً».
وأضاف: «لكن الجيش الصحراوي هو الآخر لن يتمكن من الانتشار خارج مناطق الاتفاق العسكري تجنباً لحرج اختراق وقف إطلاق النار؛ والبوليساريو المرغمة على فعل شيء محرجة جداً بسبب تداعيات الإغلاق على السوق الموريتانية؛ وقد تعمل على إغراق هذه السوق ببدائل زراعية من الجزائر سدّاً للذريعة».
وقال: «في المحصلة، إن ما يحدث في الكركرات وإن كان في ظاهره عمل مدني حقوقي يرفع القائمون عليه شعارات سياسية؛ فهو قتل عملي لنقطة الوصل البري الوحيدة بين المغرب وإفريقيا بعد خمس وعشرين سنة من الإغلاق البري للحدود المغربية الجزائرية».
وحول موقف موريتانيا، أضاف المدون إسماعيل: «سيلتزم الموريتانيون رسمياً، على الأرجح، الصمت والحياد تجاه الحدث، ويتبنون البدائل استعجالياً؛ لأن سعر كيلوغرام الخضر غير الجافة تضاعف في نواكشوط بثلاثة أضعاف سعره الأصلي في يومين بسبب توقف التموين من المزارع المغربية، لكن مئات المواطنين المغاربة في نواكشوط ونواذيبو العاملين في تجارة الفاكهة والخضر الآتية من الداخل المغربي قد يضطرون لاستجلاب بضائعهم عبر البحر».
وخلص المدون إسماعيل يعقوب إلى القول: «هكذا فإن اعتصام الكركرات في تشرين الأول/أكتوبر الماضي هو عنوان لمرحلة جديدة من الصراع على الصحراء الغربية، يخوضها مدنيون بعيون عسكرية وعقول سياسية».

عبد الله مولود

​نواكشوط –«القدس العربي»