اتساع رقعة التصحر يفاقم هواجس الأمن الغذائي في موريتانيا

جمعة, 02/25/2022 - 10:20
لا كلأ ولا ماء.. ما السبيل لإنقاذ مواشينا؟

الحكومة الموريتانية تستنفر كل إمكانياتها لمواجهة آثار موجة الجفاف القاسية التي تمر بها البلاد.

 

نواكشوط - استنفرت الحكومة الموريتانية جهودها لمواجهة آثار موجة جفاف قاسية يمر بها أضعف اقتصادات منطقة المغرب العربي والتي تعتبر الأشد منذ سبعينات القرن الماضي.

ورغم إدراك المسؤولين لأهمية إنتاج المحاصيل وتربية المواشي في تأمين سلّة غذاء الموريتانيين، إلا أن السياسات المتّبعة في إطار الخطط الاقتصادية لم ترق نتائجها إلى المستوى المنشود.

وتسبب شح الأمطار هذا الموسم في نقص شديد في المساحات الرعوية واتساع دائرة التصحر في بلد يعاني أصلا تصحرا واسعا وانحسار الغابات والغطاء النباتي.

كما أدّى الوضع إلى تضرر المزارعين الذين خسروا بعض أراضيهم التي كانت تمثل مشاريع مدرّة للدخل للمئات من الأسر التي تعتمد على زراعة السدود.

وفي ظلّ ندرة المياه تكافح السلطات لزيادة إنتاج المحاصيل للحد من الاعتماد على الواردات من الأرز والحبوب، كما أنها تبحث عن استقطاب الاستثمارات الأجنبية وخاصة العربية للقطاع.

لمرابط ولد بناهي: أعددنا خطة لتوفير المياه والأعلاف لمربي الماشية

 

ويرى متابعون أن توتر الأوضاع في مالي سيفاقم من معاناة مربي المواشي في موريتانيا حيث اعتاد سكان المناطق الشرقية والجنوبية على التوجه إلى حدود جارتهم خلال فترات الجفاف بحثا عن المراعي.

ويتوقع أن تدفع موجة الجفاف الآلاف من سكان الأرياف إلى الهجرة نحو المدن، خاصة نواكشوط ونواذيبو بحثا عن فرص عمل أو مساعدات حكومية، فيما يأمل آخرون في أن تسهم جهود الحكومة في إنقاذ مواشيهم.

وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخرا عن خطة طارئة للتصدي لآثار الجفاف عبر توفير الأعلاف في كافة الولايات (المحافظات) لتقريبها من مربي الماشية عند الحاجة، وهو واحد من ثلاثة محاور رئيسية تشمل أيضا المياه الرعوية والصحة الحيوانية.

وقال لمرابط ولد بناهي وزير التنمية الريفية في وقت سابق هذا الشهر إن الحكومة “قررت شراء 90 ألف طن من الأعلاف، وبدأت عملية نقلها إلى مختلف المناطق التي توجد فيها ثروة حيوانية”.

ولفت إلى أن تم إعداد مسوحات لتحديد المناطق التي تتوافر فيها كميات من المراعي وتوفير الظروف المناسبة لتزويدها بالمياه عبر حفر الآبار.

وأضاف ولد بناهي “قمنا بحصر الآبار الارتوازية في المناطق الرعوية، وبعمليات للتنقيب عن المياه في مناطق أخرى وبصدد شراء الأدوية والمكملات الغذائية التي تحتاجها المواشي لمواجهة أيّ نقص”.

ويعتمد غالبية سكان موريتانيا على تربية المواشي، وتقدر الثروة الحيوانية بأكثر من 22 مليون رأس وفق بيانات وزارة الاقتصاد.

ويتملك البلد 1.4 مليون رأس من الإبل، و1.8 مليون رأس من الأبقار، و19.3 مليون رأس من الماعز والضأن، وتتزايد هذه الثروة بشكل مستمر بنسبة تفوق 3.5 في المئة سنويا.

ويخشى عدد من مربي الماشية من تقلص هذه الثروة التي باتت مهددة بشكل كبير هذا العام جراء الجفاف الذي أتى على مناطق واسعة من البلاد.

ونقلت وكالة الأناضول عن الشيخ ولد غالي وهو أحد مربي الماشية في ولاية الحوض الشرقي قوله إن السلطات “لم تتخذ إجراءات حقيقية من خلال توفير الأعلاف في وقتها وتوزيعها بشكل عادل”.

ولفت إلى أن الوضع الأمني المضطرب في مالي زاد من معاناتهم. وأكد أن أغلب المربين كانوا يلجؤون إلى البلد المجاور الذي تتوافر فيها المراعي بوفرة، لكنهم لم يتمكنوا هذه السنة من الذهاب بسبب التوتر هناك.

 

اتساع دائرة التصحر تهدد الثروة الحيوانية

 

وأتت حرائق شهدتها موريتانيا خلال الأشهر الأخيرة على مساحات رعوية واسعة، وهو ما يزيد من مخاطر موجة الجفاف.

فقد التهم حريق في منتصف أكتوبر الماضي بمنطقة باسكنو شرق البلاد أكثر من 600 كيلومتر مربع من المراعي. وقبل ذلك بيوم ، شهدت منطقة المذرذرة، غرب البلاد، حريقا أتى على كيلومترين مربعين من المراعي، بالإضافة إلى حرائق في مناطق متفرقة أخرى.

وبحسب معطيات لوزارة البيئة تدمر الحرائق بين 50 و200 ألف هكتار سنويا من المراعي الطبيعية في موريتانيا.

وفي يناير 2020 أطلق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني برنامجا لاستصلاح الأراضي الزراعية لدعم الفئات الفقيرة تستهدف مساحة مروية تبلغ 523 هكتارا على ضفة نهر السنغال.

وبحسب الحكومة فإن أكثر من 700 أسرة فقيرة ستستفيد من المشروع الذي كلف 38 مليون دولار بتمويل من البنك الدولي.

وتؤكد فاطمة بنت خطري مفوضة الأمن الغذائي أن الحكومة وضعت خطة لتموين السوق بالمواد الغذائية تمت دراستها بعناية من خلال تحديد الحاجات الضرورية في مختلف المجالات.

وكانت موريتانيا قد أنشأت في أكتوبر الماضي كيانا حكوميا ستكون مهمته الأساسية السيطرة على الارتفاع الحاد في الأسعار الذي تضرر منه المواطنون وخاصة الفئات ذات القدرة الشرائية الضعيفة بعد أن قفزت إلى 30 في المئة.

وقالت خطري “سنواصل التأكد من أن السوق سيكون مزوّدا بالمواد الغذائية”، مشيرة إلى وصول “سفن تحمل كميات كبيرة من القمح إلى ميناء نواكشوط، وسنواكب عملية تموين السوق بالمواد الغذائية خلال الأشهر المقبلة”.