قضية جوب.. قوة القانون الهادئة تخرس المحرضين

سبت, 06/10/2023 - 18:19
عبد الرحمن جار الله ـ صحفي

انتهت، أو بالأحرى تلاشت، قصة المتوفى عمر جوب، وصلّت عائلته على جثته صباح اليوم السبت في جمع قليل من الناس وتم دفنه في مقبرة الرياض.. ورغم أن مكان الصلاة والدفن معلومان إلا أن دعاة التحريض وسعاة الفوضى لم يحضروا.. ولم يكتبوا، حتى، عن الموضوع.. في "كسحة" ستفقدهم أي مصداقية يتدثرون بها.. وسيُسألون!

 

وحول هذا الملف الذي هز البلد وتنادى فيه المخربون للإجهاز على القانون وأزهقت الأنفس واعتدي على الممتلكات وضاعت مصالح الناس وانقطعت الأعمال.. أود أن أسجل نقاطا مختصرة هنا:

- ما كان لدعاة حقوق الإنسان والوحدة الوطنية أن يثوّروا الناس قبل تبين، فقد تسببت كلماتهم المتعجلة في قتل نفس بريئة، واتهام آخرين ظلما وعدوانا، وإثارة فتنة أشد من القتل.. دون أن يجنوا من ذلك سوى الخيبة والإثم وفقدان ما بقي من مصداقية.

 

- لقد كان التعامل الرسمي مع الحادثة لافتا وجديرا بالملاحظة، نتيجة التغير الكبير الذي حصل في الإدارة والعدالة والفصل الحقيقي بين السلطات، فقد أظهرت الإدارة حزما قاطعا ووقوفا راسخا ضد الفوضى والتعدي على الآخرين وممتلكاتهم.. دون أن تتجاوز صلاحياتها القانونية أو تأخذ أحدا بالظِّنة.. أو حتى بالرأي المحرض الذي ملأ وسائل التواصل الاجتماعي.. فزاوجت بين الأمن والعدل.. كما أن النيابة العامة قامت بالدور المنوط بها بحرفية تامة وتأنٍّ يفرضه العدل.. واختارت أبرز أوجه الحقوقيين ليكون شريكا في الملف وأرسلت التشريح لجهة محايدة.. حتى وصلنا للمرحلة الأخيرة دون تسرع ولا تمطيط.. وعبّرت الدولة بذلك عن عمق النضج ومدى الحكمة التي تسيّر الأمور، فالأمن خط أحمر.. والعدالة أيضا خط أحمر..! وجاءت النتيجة وقد أرضت الشعب وعائلة المرحوم.. وكبتت دعاة التحريض وعرّتهم من أي أخلاق أو وطنية..

 

- لنأتي للحلقة المفرغة في الملف، فبسبب التحريض والتصاخب الذي أعاشنا الرعب في "أسبوع الفتنة" أزهقت روح في بوكى، وقبل تبيّن الحقوقيين، كما هي عادتهم، أرادوا "تغليظ الفتلة" به.. قبل أن يتراجعوا ويتناسوا موضوعه.. ولولا التأكيد الرسمي على لسان وزير الداخلية والحديث بشفافية عن الواقعة لكان ولد صنب نسيا منسيا.. والسبب أن قتله لا يخدم أجندات المحرضين.. فلا المقتول من لون معين ولا الشرطي من نوع معين.. لذلك "ماهُ امدخل ش".. هذا لعمركم العداء بعينه لأمة تبذل كل ما لديها لتنَاسي ماض سحيق، والعودة صفا صفا خلف خيارات وطنية لا مجال فيها لبيع المواقف ولا شرائها..

 

- آن الأوان لتحمل هيئات إنفاذ القانون لمسؤولياتها وتطبيق قوانين تجريم المس من الوحدة الوطنية وعدم التساهل في الأمر، ولعل ذلك ممكنا من خلال النقاط التالية:

أولا: مواصلة هذا النهج الرسمي الحالي القائم على حيادية الدولة في الاتهام وتطبيق القانون لكشف الحقيقة، وهذا الأسلوب هو ما جعلنا نعبُر بأمان أزمتي المرحومين الصوفي وجوب..

 

ثانيا: من الضروري تفعيل قوانين تجريم دعوات الفتن بغض النظر عن من أطلقها، ويجب عدم المحاباة في الموضوع إن كان مرتكب الجريمة سياسيا أو إعلاميا أو شخصية اجتماعية.. فما يجمعنا على هذا الأديم هو الوطن.. وحين نتفرق شيعا تبَعا لأهوائنا فلا وطن.. ولا قانون!

 

ثالثا يجب ضبط الحالة الأمنية والاجتماعية بالبلاد، وإظهار قوة الدولة المستخفية تحت عباءة الأمومة، ووضع قوانين صارمة لا تحابي ولا تمالئ.

 

رابعا: على الدولة النظر في قضية الأجانب الذين تستغلهم جماعات التحريض، ويجب أن تكون أجهزة الدولة واضحة في هذا المضمار وألا تحُول البيروقراطية الإدارية والسياسية التي لا تخلو منها دولة، دون اعتبار الأجنبي أجنبيا، و"خليك أديب يا غريب"، فنحن نعيش في الخارج ولا يمكن أن نتصور مشاركتنا لأهل البلد المضيف في وظائفهم.. أحرى الخروج في تظاهراتهم ومقاومة أجهزتهم القانونية.

 

خامسا: نقترح سن قانون لإلزام محرضي الفتن بدفع ما تم تخريبه بسبب تحريضهم وإرجافهم، فهم قادة وشركاء في كل ما نتج عما سببوه من أذى للوطن والمواطن!

 

أخيرا انزاح الكابوس الذي جثم على صدر وطن لا يقبل رئيسه أن يشاك مواطن فيه بشوكة أحرى أن تقتله شرطة وُكلت بأمنه وحفظ روحه وممتلكاته.. وأظهر قاض، قبِله المدّعون، الفرية الحمراء، وتبيّن أن الشرطة في السبخة أحسنت من حيث أريد لها أن تكون أساءت.. فكان دورها ـ وهو ما قامت به ـ حماية المجني عليه واستخلاصه من رفاق السوء الذين كانوا معه.. لكن المرحوم ـ كما أثبت التشريح ـ كان متضلعا من أنواع مختلفة من الكحول.. لم تتحملها نبضات قلبه.. فتوفي رحمه الله وتجاوز عنه.. وقد سلّم محاميه وعائلته بالنتيجة ودفنوه في صمت مطبق.. وكأن ما كان لم يكن..

 

شكرا لأجهزتنا الأمنية.. ولإدارتنا السياسية الحكيمة.. التي قلصت الخسائر في "أسبوع الفتنة" إلى أقل ممكن.. الرحمة للموتى.. وعوض الله خيرا من أُتلفت ممتلكاته.. ولو كنت منهم لرفعت دعوى قضائية ضد محرضي الشعوبية والفتنة والتقاتل..