مضاد حيوي ابتُكر قديماً يتحوّل إلى دواء معالج للأمراض المنقولة جنسياً

أحد, 08/13/2023 - 10:26

واشنطن – (أ ف ب) – يُرتقب أن تصدر الولايات المتحدة قريباً توصية بإضافة علاج جديد إلى العلاجات المستخدمة ضد الأمراض المنقولة جنسياً، يتمثل بمضاد حيوي ابتُكر قبل عقود وجرى تحويله إلى حبة وقائية.

وخلال تجارب سريرية، تبيّن أنّ الدوكسيسيكلين، وعند تناوله بعد ممارسة الجنس من دون وقاية، يقلّص بشكل كبير خطر الإصابة بثلاثة أمراض هي الكلاميديا والسيلان وداء الزهري.

ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، وهي أبرز وكالة صحة فدرالية أميركية، مولجة اتخاذ قرار في شأن توصيات جديدة مرتبطة باستخدام الدوكسيسيكلين، وعليها الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى احتواء الأمراض التي تصيب ملايين الأميركيين ولكن أيضاً احتمال أن تزداد مقاومة المرضى للمضادات الحيوية.

وقال جوناثان ميرمين، وهو مسؤول في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، في حديث إلى وكالة فرانس برس، إنّ “الابتكار والإبداع مهمان في مجال الصحة العامة، ونحن بحاجة ماسة إلى أدوات جديدة”.

وقد لا تُعنى بالتوصيات التي من المتوقّع نشرها هذا الصيف، سوى الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بهذه الأمراض التي تُنقل جنسياً، أي الرجال المثليون والنساء المتحولات جنسياً الذين أُصيبوا سابقاً بأحد الأمراض.

ad

ولكن مع انتشار الأنباء المرتبطة بالتوصية، بدأ بعض الأطباء يصفون الدوكسيسيكلين لمرضاهم.

وسبق لمالك (37 عاماً) المقيم في واشنطن والذي لم يرغب في ذكر كنيته، أن استخدم الدوكسيسيكلين مرتين للوقاية من الأمراض، نزولاً عند توصية طبيبه، بعد ورود تقارير خطرة بينها ما يفيد بأنّ أحد الأشخاص لم يبلغ شريكه بأنه أزال الواقي الذكري أثناء ممارسة الجنس معه.

– إصابات متزايدة –

وتتزايد الإصابات بالامراض المنقولة جنسياً الثلاثة منذ عقد، ووصلت إلى 2,5 مليون حالة عام 2021 في الولايات المتحدة.

عملياً، كلما زاد عدد الإصابات زاد انتشار المرض، بالإضافة إلى أنّ استخدام الواقي الذكري تقلّص منذ ابتكار “بريب”، وهو دواء يؤخَذ كإجراء وقائي لتجنب الإصابة بمرض الإيدز.

وبما أنّ المرضى الذين يتناولون “بريب” عليهم إجراء فحوصات كل ثلاثة أشهر، تُسجَّل تالياً إصابات أكثر.

وأظهر الدوكسيسيكلين فعالية في ثلاث من أصل أربع تجارب سريرية أجريت.

وقالت أنّي لوتكيمير التي قادت تجربة سريرية أميركية لوكالة فرانس برس “رصدنا انخفاضاً بمقدار الثلثين في عدد الإصابات بالأمراض المنقولة جنسياً”.

وأُجري هذا الاختبار على 500 رجل يمارسون الجنس مع رجال ونساء متحولين جنسياً.

وكانت فعالية الدواء أعلى ضد الكلاميديا وداء الزهري (أقل بـ80% من الإصابات) من السيلان (أقل بـ55% من الإصابات). أما الآثار الجانبية فكانت محدودة.

– مقاومة المضادات الحيوية –

لكنّ توسيع نطاق استخدام الدوكسيسيكلين أثار مخاوف عدة، كاحتمال أن يظهر مُتناولوه مقاومة ضد المضادات الحيوية وبخاصة المصابين بمرض السيلان الذي تتحوّر البكتيريا الخاصة به سريعاً.

إلا أنّ التحليلات الأولية أتت مطمئنة.

وخلال التجربة السريرية الأميركية، قارن الباحثون عينات من هذه البكتيريا أخذت من إصابات سُجلت حتى مع تناول الدوكسيسيكلين، مع عينات من مجموعة لم تأخذ العلاج.

وبطبيعة الحال، أتى معدل البكتيريا المقاومة أعلى لدى المجموعة التي تلقت العلاج، لكن ذلك قد يعني ببساطة أن المضاد الحيوي أقل فعالية ضد هذه السلالة المقاومة، لا أنّه تسبب بها، بحسب كوني سيلوم، إحدى المسؤولات عن هذه التجارب.

وبما أنّ الدوكسيسيكلين يقلّل من عدد الإصابات بمقدار النصف، يتعيّن إذاً معالجة نصف المرضى بالمضادات الحيوية التي توصف بالعادة للمصابين بالسيلان (سيفترياكسون).

وينبغي إجراء مزيد من الدراسات لفهم أثر الدوكسيسيكلين على بكتيريا أخرى تطال الأنف مثلاً أو الأمعاء.

– “أداة علاجية إضافية” –

ويبدي مالك سعادة لأنه تمكّن من استخدام الدوكسيسيكلين كملاذ أخير، لكنه يتمنى أن يزداد عدد الرجال الذين يوافقون على استخدام الواقي الذكري. ومنذ انتقاله من جنوب آسيا إلى الولايات المتحدة، لاحظ انخفاضاً في عدد الرجال المهتمين بمواقع المواعدة عندما يقول إنه لا يرغب في إجراء علاقة من دون واق ذكري، على حد قوله.

ويعتبر ستيفن أبوت، وهو طبيب في واشنطن يصف والدوكسيسيكلين ويستخدمه، أنّ أخذ التغيرات السلوكية في الاعتبار مسألة مهمة.

ويقول لوكالة فرانس برس “من خلال التحدث مع المرضى، ولأنني ممّن يتناولون الـ+بريب+(…) أعتقد أنّ فكرة الوقاية من خلال استخدام الواقي الذكري تتدهور”.

ويرى مسؤول من منظمة ثقافية في لندن لم يذكر اسمه أنّ الضجة المُثارة حول هذا العلاج الجديد انتشرت بسرعة، فيما يقدم بنفسه على شراء الدوكسيسيكلين من السوق السوداء.

ويتمنّى الرجل البالغ 42 سنة عبر وكالة فرانس برس أن تُصدر المملكة المتحدة توصيات جديدة أيضاً، حتى يتم توجيه الناس بشكل أفضل بشأن الجرعات المناسبة.

وتعتبر الباحثة أنّي لوتكيمير أنّ الدوكسيسيكلين لن يكون الحل الوحيد للأمراض المنقولة جنسياً، إذ ان ابتكار لقاح مضاد لمرض السيلان ينطوي على إفادة كبيرة.

وتقول “لكنني متفائلة. أعتقد أنّ الدوكسيسيكلين أداة علاجية إضافية”.