عطوان/ نِتنياهو يعود للتّهديد بالعُدوان على إيران التي يُحمّلها مسؤوليّة عمليّات المُقاومة المُتصاعدة في الضفّة..

جمعة, 10/06/2023 - 10:06

نِتنياهو يعود للتّهديد بالعُدوان على إيران التي يُحمّلها مسؤوليّة عمليّات المُقاومة المُتصاعدة في الضفّة.. ما هُما الظّاهِرَتان الجديدتان اللّتان تُعمّقان رُعبه؟ ولماذا لن يُقدم على تنفيذ تهديداته أو تمديد عُمر كيانه المُنهار؟

 

في الوقتِ الذي تتصاعد فيه مسيرة التّطبيع العربيّة الخِيانيّة، وتتزايد فيه اقتِحامات المُستوطنين للمسجد الأقصى المُبارك بمُناسبة عيد العرش اليهودي، تتحمّل فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة مسؤوليّة الرّد، والتصدّي بتنفيذ عمليّات هُجوميّة تُصيب دولة الاحتِلال في مقتل.

حدَثان مُتتاليان يُؤكّدان ما قلناه آنفًا، وَيرسُمان صُورةً مُشرّفةً للمُستقبل وتُثيران قلق الجِنرالات الإسرائيليين وحُكومتهم ومُستوطنيهم:

الأوّل: نصب كتائب القسّام الجهاز العسكري لحركة “حماس” مِصيَدةً أُعدّت بإحكامٍ وذكاء تخطيطي عالي المُستوى تمثّل في جرّ قوّات الجيش الإسرائيلي إلى مدينة طولكرم شمال الضفّة الغربيّة المُحتلّة، ومِصيَدة فيها مزروعة بالألغام، وتفجيرها ممّا أدّى إلى إصابة خمسة جُنود إسرائيليين، ثلاثة منهم جُروحهم خطيرة جدًّا، واستِشهاد المُنفّذين القسّاميين، وهذا يعني أن كتائب طولكرم دخلت إلى الميدان بقُوّةٍ وشجاعةٍ وخُبراتٍ ميدانيّةٍ قتاليّةٍ مُتقدّمةٍ جدًّا، وانضمّت إلى شقيقاتها في جنين ونابلس وقبلهما غزّة، وهذه خطوة تُشكّل إضافةً كُبرى لحركة المُقاومة بالنّظر إلى حجم المدينة وإرثها المُقاوم العريق.

الثاني: العرض العسكري الذي أقامته حركة “الجهاد الإسلامي” في قِطاع غزّة أمس بمُناسبة الذّكرى الـ 36 لتأسيسها، وكان لافتًا أن هذا العرض تضمّن ثلاثة أنواع من المُسيّرات: سحاب (استطلاعيّة)، صيّاد (قتاليّة)، وهُدهُد (انتحاريّة)، علاوةً على صواريخٍ جديدةٍ تدخل الخدمة لأوّل مرّة، و60 سريّة تُشكّل العمود الفقري لسرايا القدس، الجناح العسكري للحركة.

اللّافت أن هذه الاستِعراضات العسكريّة تأتي بعد أيّامٍ من أُخرى مُماثلة لكتائب القسّام العسكريّة، تضمّنت صواريخ حديثة ومُسيّرات، وضفادع بشريّة، ومُحاكاة للتّغلغل في العُمُق الفِلسطيني المُحتل وتحرير مناطق فيها، والبقاء فيها.

ما يُقلق دولة الاحتِلال أن جميع هذه الصّواريخ والمُسيّرات صناعة محليّة، وعلى أيدي خُبرات وعُقول عسكريّة هندسيّة فِلسطينيّة، في معاملٍ تحت الأرض في القِطاع، وهذه الحقيقة لا تحتاج إلى إثباتٍ في ظِلّ الحِصار الخانِق المفروض على قِطاع غزّة سواءً من الجانِب الإسرائيلي المُحتل، أو من الشّقيق المِصري، حيثُ جرى تدمير جميع الأنفاق، والقضاء على جميع أعمال التّهريب بالتّالي.

***

بنيامين نِتنياهو الذي جاءت هذه العمليّات الهُجومية الفِلسطينيّة النّاجحة والمُحكَمة الإعداد والتّنظيم، والتّنفيذ، صدمة له، وجُرحًا كبيرًا لغطرسته وكبريائه، سارع نِتنياهو باتّهام إيران، وتوجيه تهديدات سئمنا من تِكرارها، بشنّ هُجوم عليها وتدمير مُنشآتها النوويّة، وتأتي هذه التّهديدات كغطاءٍ لفشله، وقوّات أمنه، وجيشه في القضاء على المُقاومة التي يُسمّيها “إرهاب” وتوفير الحِماية لمُستوطنيه، وهي الحِماية التي كانت العمود الفِقري في حملته الانتخابيّة.

إيران تُجاهر بدعمها فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة، وتزويدها بأسبابِ القُوّة، والتّكنولوجيا العسكريّة والصاروخيّة وتصنيع المُسيّرات، مثلما تستقبل المُجاهد زياد النخالة أمين عام حركة “الجهاد الإسلامي”، والشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المُشرِف على كتائب وعمليّات القسّام في الضفّة الغربيّة، تستقبلهما في وضَح النّهار، ونزيدكم من الشّعر بيتًا، بأنّ الرّجلين يُقيمان في الضّاحية الجنوبيّة من بيروت، وبحمايةِ سماحة السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” الذي هدّد بِرَدٍّ مُزلزلٍ إذا ما أقدمت دولة الاحتِلال على اغتيالِ أيٍّ منهما.

مُنذ عشرين عامًا ونِتنياهو يُهدّد بالعُدوان على إيران، وإرسال طائراته لضرب مُنشآتها النوويّة، ولم يجرؤ مُطلقًا على تنفيذ هذه التّهديدات بالتّنسيق مع أمريكا أو بُدونها، فها هي إيران تُصبح دولة حافّة نوويّة، وتملك أكثر من 8 مُنشآت نوويّة مُعلنة لتخصيب اليورانيوم، وربّما أكثر من هذا العدد سريّةً تحت الأرض وفي قُعر الجِبال، وتخصّب اليورانيوم بنسب زادت عن 90 بالمِئة وهو الحاجِز النفسيّ التي يقود اختِراقه إلى صُنعِ رُؤوسٍ نوويّةٍ، والأكثر من ذلك أنها تمنع المُفتّشين الدّوليين من الوصول إلى هذه المُنشآت، وهذه شجاعةٌ تُحسَب لها في زَمَنِ الخُذلان العربيّ والإسلاميّ.

الخُبراء الإسرائيليّون يسخرون من نِتنياهو وتهديداته الفارغة، ويقولون ونحن ننقُل هُنا عن القناة 12 الإسرائيليّة، إنّ الرّد الإيراني على أيّ عُدوانٍ سيكون مُزلزِلًا، ويُشكّل تهديدًا وجوديًّا لدولة الاحتِلال.

لا نحتاج إلى شهادة الخُبراء الإسرائيليين، ويكفي الإشارة إلى دُرّة الصّناعة العسكريّة الإيرانيّة، وصاروخ “فتّاح” الأسرع من الصّوت تحديدًا الذي يَبْلُغُ مداه أكثر من 1400 كم، ويَصعُب إسقاطه لسُرعته، ودقّته، وقُدراته على اختِراق الرّادارات، وهو مُهيّئ لحمل رُؤوسٍ نوويّة، ولا يُخامرنا أدنى شك بأنّ إيران باتت تملك هذه الرّؤوس مُنذ أشهر ربّما سنوات، وربّما يُفيد التّذكير تصريح لأنتوني بلينكن وزير الخارجيّة الصّهيوني الحالي الذي قال فيه فور تولّيه لمنصبه، إن إيران على بُعد ثلاثة أشهر من إنتاج رُؤوسٍ نوويّة، ومَرّ الآن ثلاثة سنوات مُنذ ذلك التّصريح، وفي جميع الأحوال فإنّ تدمير إسرائيل لا يحتاج إلى أكثرِ من رُبعِ رأسٍ نوويٍّ لصِغَرِ حجمها، ونحنُ لسنا من دُعاة استِخدام الأسلحة النوويّة.

***

خِتامًا نُبشّر المُطبّعين العرب، القُدامى منهم والجُدُد، بأنّ الشّعب الفِلسطيني لم ولن يستسلم، ونَفَسُهُ طويلٌ جدًّا، وباتت مُقاومته أقوى من أيّ وقتٍ مضَى وأكثر تصميمًا، وأصلب إرادة، ورجال مُقاومته، لم يعودوا يعتمدون على أيّ دولةٍ عربيّة، ولكنّهم يثقون بدعمِ الشّعوب المغلوبة على أمْرِها، ونُضيف بالقول إن أمريكا التي كان يقول الرئيس السادات إنها تملك 99 بالمِئة من أوراق الحَلّ والقُوّة، لم تَعُد أمريكا التي كانت في عهده ومن تولّى السّلطة من بعده، وخسرت جميع حُروبها، وآخِرها في أوكرانيا وأفغانستان.

نقول للذين طبّعوا، وإلى الذين قد يُطبّعون، ستَأكُلون أصابعكم ندمًا وحسرةً في المُستقبل القريب والمنظور، لأن خسائركم ستكون أضخم كثيرًا ممّا تتصوّرون، فأنتم وباختصارٍ شديد، تُطبّعون مع دولةٍ مُنهارة، أوشكت على الوصول إلى نهاية عُمرها الافتِراضي، وتُريد إطالة عُمرها بضعة سنوات من خِلال الحُصول على شرعيّة من بعض الحُكومات العربيّة التي تفتقدها (الشرعيّة)، فالصّحوة التي نرى إرهاصاتها في الثّورات العسكريّة الإفريقيّة التي أطاحت بأكثرِ من رئيسٍ “ديمقراطيٍّ مُزوّر” ستَصِل حتمًا إلى الشّرق الأوسط، في ظلّ عالمٍ مُتعدّد الأقطاب يتبلور وبشَكلٍ مُتسارع.. والأيّام بيننا.