السيادة الوطنية في مجال التعليم من العوامل الأساسية التي تُساهم في بناء مجتمع قوي ومستدام، فهي تعكس القدرة على التحكم في نظام التعليم وتوجيهه، بما يتماشى مع الأهداف التنموية والقيم الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للدولة. وقد تمكنت بعض الدول من تحقيق السيادة التعليمية مثل فلندا وسنغافورة وكندا واليابان، وهي نماذج ملهمة يمكن الاستفادة منها لتحقيق السيادة الوطنية في مجال التعليم، لذا، من المهم لبلادنا وهي تسعى لهذا الهدف الكبير اتباع مجموعة من الخطوات الأساسية لعل من أبرزها:
تطوير السياسات التعليمية الوطنية
تتطلب السيادة الوطنية في التعليم وضع سياسات تعليمية شمولية، تأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمع المحلي، ولهذا يجب أن تكون هذه السياسات مصممة لأجل تعزيز الهوية الوطنية، وتوفير التعليم الذي يُعزّز قيم الانتماء والمواطنة.
تعزيز التعليم العام
يُعتبر التعليم العام أحد الركائز الأساسية لتحقيق السيادة الوطنية، وهو ما يحتم توفير التعليم الأساسي للجميع، وضمان جودته، من خلال تحسين المناهج الدراسية وتدريب الكوادر التعليمية، كما ينبغي الاحتفاء بالتنوع الثقافي واللغوي، ليتماشى التعليم مع متطلبات المجتمع، والتغيرات العالمية.
تشجيع البحث العلمي والتطوير
توفير ورصد وتخصيص الموارد اللازمة لدعم البحث العلمي، في مجالات التعليم والتربية. فتحقيق السيادة يتطلب مؤسسات تعليمية قادرة على إنتاج المعرفة وتعزيز الابتكار، ويمكن للجامعات ومراكز الأبحاث التعاون لتطوير برامج تعليمية متقدمة تلبي احتياجات السوق.
الاكتتاب المباشر لأساتذة التعليم العالي
ومن أجل تحقيق ما تقدم لا بد من وجود كادر تعلمي مؤهل من الناحية العلمية ويكفي من حيث العدد. الاكتتاب المباشر للدكاترة هو صيغة جديدة تهدف إلى تجميع الخبرات الأكاديمية والبحثية لدى الدكاترة في مختلف التخصصات، مما يُسهم في تطوير المناهج التعليمية والبحث العلمي. يتيح هذا النموذج فرصاً للدكاترة ليكونوا جزءًا من عمليات اتخاذ القرار داخل المؤسسات التعليمية، مما يعزز من دورهم كمشرفين على الأبحاث وفي تطوير الاستراتيجيات التعليمية.
وفي ظل التحولات العالمية السريعة، أصبح من الضروري للدول أن تسعى لتحقيق سيادتها الوطنية في مجال التعليم. وفي هذا السياق، يبرز مفهوم "الاكتتاب المباشر للدكاترة" كأحد الحلول الفعّالة لتعزيز الاستقلالية الأكاديمية وتحقيق تطلعات المجتمعات في مجال التعليم العالي.
فعندما تتحكم الدول في نظامها التعليمي، يصبح بإمكانها تطوير سياسات تعليمية تلبي احتياجاتها الخاصة، وتسمح بإعداد أجيال قادرة على مواجهة التحديات العالمية. في هذا السياق يُسهم الاكتتاب المباشر للدكاترة في تجاوز التوجهات المسلطة من الخارج. فهو يعكس رغبة وطنية في بناء نظام تعليمي يتماشى مع القيم والمبادئ المحلية، ويسمح بتشكيل كوادر تعليمية قادرة على الابتكار والإبداع.
دور الأكاديميين في تطوير التعليم
يتمتع الدكاترة بخبرات أكاديمية غنية ومعرفة عميقة في مجالاتهم، مما يجعلهم جزءً أساسيًا من عملية تحسين التعليم. ويُمْكن للدكاترة الانخراط بشكل أعمق ومباشر في تطوير المناهج الدراسية، وتأطير الباحثين والطلاب، والمشاركة في تصميم برامج تعليمية مبتكرة، تتماشى مع احتياجات السوق المحلي والدولي.
الفوائد الاقتصادية والاجتماعية
إن توفير إطار عمل يمكّن من استقطاب الدكاترة واحتضان مهاراتهم، يُسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتطوير اقتصاد المعرفة، وزيادة الإنتاجية. من خلال تكوين كفاءات محلية قادرة على تلبية احتياجات المجتمع، كما يسهم الاكتتاب المباشر للدكاترة في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وأخيرا، فإن تحقيق السيادة الوطنية في مجال التعليم ليست مهمة سهلة، بل تتطلب جهودًا متكاملة وتعاون جميع الأطراف ذات الصلة، ممثلة في الحكومة والمجتمع. لهذا ينبغي أن تكون الخطوات المتبعة مرنة وقابلة للتكيف مع المتغيرات المتسارعة في العالم، مما سيساعد على بناء منظومة تعليمية قوية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الهوية الوطنية. فالاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الوطن، ولا يمكن أن يتحقق إلا بالكادر البشري القادر من الأساتذة والباحثين.