يوم عرض المحقق على ولد صلاحي أن ينقل إلى "غوانتنامو" ( الحلقة الثامنة)

اثنين, 02/16/2015 - 15:48

في كل مرة كنت أرى .....، كان خفقان قلبي يزداد إلى حد بعيد وكأنني أرى شبحا، وفي إحدى المرات طلب من أحد المترجمين أن ينقل لي رسالة وكان جوهر الرسالة مقززا حيث توعدني بالاغتصاب، فرجوت الله جل جلاله أن يمنعه من ذلك وفي النهاية استجاب الله دعائي فقد تمت مساءلتي من قبل محقق آخر ( الكتاب يشير إلى أنه المحقق الذي يتحدث اللغة الألمانية والذي كان أشير إليه في مكان سابق من هذه المذكرات)

كان المحقق هذه المرة ـ يعني المحقق الألماني اللغة ـ ودودا، وقد كنت أحس بإحساسه بتقارب ما بيننا خصوصا وأن لغة واحدة تجمعنا خصوصا وأن بعض الحراس الذين علموا بأنني أتحدث اللغة الألمانية كانوا يأتون دائما للحديث معي والتدرب على لغة الألمان، وقد قال لي المحقق وهو يحدثني إنه ليس كفلان وغنه لا يستدعي في تحقيقاته أية طرق غير إنسانية لأن لديه طرقه إلا أنه سيحدثني الآن عن بعض من التاريخ الأمريكي وحرب الولايات المتحدة ضد الإرهاب ـ يضيف ولد صلاحي في هذا الجزء من مذكراته التي تتحدث عن أيامه الأولى في قاعدة غوانتنامو ـ .

ولقد كان صادقا في حديثه لي عن توجهه للحديث عن تاريخ بلاده فقد بدأ  الحديث عن التاريخ الأمريكي من بدايات حملات التطهير العرقي ضد الهنود والتي قال إن بريئين كثر راحوا ضحيتها وصولا إلى الحرب الأمريكية على الإرهاب.

لا يوجد معتقل مظلوم في كل هذا الكم الهائل من المعتقلين الموجودين هنا ـ يضيف المحقق ـ وفي هذا الإطار فإن لدي خيارين اثنين، إما أن تتعاون معنا وفي هذه الحالة فإنني أتعهد لك بالكثير من المساعدة وإما أن نرسلك إلى كوبا.

قلت لك كوبا ؟ أنا لا أتحدث اللغة الاسبانية وأنتم كأمريكيين لم يشتهر عنكم الكثير من الحب لكوبا .

ـ قال لي نعم هو كذلك. لكن توجد قاعدة أمريكية في غوانتنامو.

بدأ محققي يتحدث لي عن تيدي روزفلت وبعض المواضيع الأخرى التي تدخل في هذا الإطار، وحينها فهمت أنهم يسعون بجدية كبيرة إلى إبعادي عن موطني وهنا أحسست بالكثير من التوجس.

قلت في نفسي ـ لماذا يرسلونني إلى كوبا ـ؟

قال لي إن لديه احتمالات أخرى مثل الجزائر ومصر إلا أننا لا نرسل إلى هناك إلا المعتقلين الأكثر خطورة وأنا متأكد من أن الذين يذهبون هناك يلقون معاملات غير لائقة وغير إنسانية.

قلت له على البديهة، أرسلوني إلى مصر.

فأجابني قائلا: لا أظن أن ذلك يخدم مصلحتك، في كوبا ستلقى المعاملة الإنسانية اللائقة، وهناك إمامان في ذلك المعتقل الذي يدار من قبل مصالح العدل الأمريكية وليس من قبل الجيش( وهنا كذبة كبيرة حيث أن غوانتنامو يقع تحت سيطرة القيادة الجنوبية للجيش الأمريكي ولا علاقة له البتة بوزارة العدل).

قاطعته قائلا: ولكنني لم أرتكب أي جرم ضد بلدكم، وهل سأحاكم هناك ـ قلت له وأنا مترع بمشاعر الحزن التي خامرتني فور الحديث عن هذا المعتقل الكوبي الذي لم تكن لدي عنه أدنى فكرة تذكر.

فأجابني قائلا: لا لا أظن أن محاكمة سريعة ستكون في انتظارك، لأنني اعتقد أن أول محاكمة ستكون من نصيبك تحتاج ثلاث سنوات على الأقل حينها يكون مواطنونا قد نسوا ولو قليلا الأحداث المؤلمة التي عرفها الحادي عشر من سبتمبر، وهناك بدأ .. يحدثني عن حياته الشخصية والتي لا أريد أن أثيرها في هذه المذكرات التي أتحدث في مكنونها عن معاناتي.

بعد ذلك وجدت من نصيبي لقائين تحقيقيين اثنين مع ...، كان يحاول فيهما من خلال الأسئلة التي يوجهها إلي أن يسقطني في فخ الاعتراف بما لا أملك فكرة عنه حين يقول لي إن "فلانا قال إنه يعرفك"، وهو يتحدث عن أحد الأشخاص الذين لم أسمع بأسمائهم في حياتي.

يواصل ولد صلاحي الحديث في هذا الجزء من مذكراته عن غوانتنامو حين يسرد وقائع استلام محققيه لعناوينه الالكترونية والكلمات السرية التي تطلق هذه العناوين قبل أن يطلب إلى .. والذي كان حاضرا معنا في  باغرام أن يواصل التحقيق معي في خضم الكم الهائل من المخاوف الذي كان بين يدي.

"الفجر" تنوه إلى أنها لا تقوم بترجمة مذكرات ولد صلاحي بقدر ما تقدم قراءة في بعض المقتطفات دون ترجمة الكتاب بشكل كامل، مقتطفات نقرأها لكي نضع بين يدي القارئ الكريم معلومات وافية عن ظروف اعتقال مواطن موريتاني سلمته بلاده ليسجن في أكثر  سجون العالم بؤسا.