المأمورية الثلاث واغتصاب القاصرات.......!

اثنين, 05/02/2016 - 00:39

قد يكون في العطف نشاز.. و قد يكون الانسجام أحيانا .. هذا ما تتحدث عنه العناوين الإخبارية في صفحات جل المواقع الوطنية التي دأبت على (القطع والإلصاق) إلا من رحم ربك ..

 

فإنك لتصاب بالملل والإحباط عندما تطالع هذه المواقع وأنت متعطش إلى معرفة ما يحدث في هذا البلد ..

 

فإذا أنت أمام عناوين من هذا القبيل ..

 

ففلان يدعو إلى تغيير الدستور ومنح الرئيس مـأمورية ثالثة وعلان يرى ذلك اغتصابا للدستور وحيفا لا نظير له ومساسا بالمقدسات... و (رجل دين) اغتصب قاصرا...!  

 

أي رجل دين هذا؟

 

و أي دين ذلك الذي تكون صورته مشوهة إلى هذا الحد ..

 

فكثيرا ما تحدثوا بعبارة كهذه وكثيرا ما قالوا ( إمام مسجد) يغتصب ....

 

هل هي حملة تسميم ضد رجالات الدين عندنا؟!

 

وهل يدرك صحفيونا خطورة الموقف عندما يلصقون فُعلة في هذا المستوى من الانحطاط برجال الدين؟

 

علينا أن نتحرى في نشر عناوين كهذه ..

 

علينا أن نعرف الغث من السمين في نقل الخبر ..

 

فقد ندرك أن من نتحدث عنه، في  النهاية ليس رجل دين ..

 

أو أن التهمة لا محل لها في الأصل ..

 

ينبغي ألا ندين المتهم حتى تتم إدانته ..

 

فنحن لسنا هيئة قضائية ..

 

وهنالك بون شاسع بين نقل الخبر وتحليل الخبر ..

 

فرق كبير بين أن نقول إن فلانا اتهم بجنحة أو جريمة وبين أن نقول إنه هو من قام بتلك الجريمة ...

 

فجهة الاختصاص وحدها هي المخولة للنطق بالحكم بعد التحقيق والتكييف والاتهام و .... الإدانة ...

 

الرأي العام .. الذي نريد أن نصنعه هو من سيحكم على أن المطالب بتغيير الدستور هو المعتدي على ثوابت الأمة أو هو السابح ضد تيار دولة المؤسسات .. لا نحن ..

 

آن لصحافتنا .. التي لم تعد ناشئة .. أن تفرق بين جهات الاختصاص وأن تعرف أن عهد صحافة الإثارة قد ولى ..

 

وأن قراءنا الكرام يميزون بين الغث والسمين في نقل الخبر ..

 

فنحن بلاد المليون شاعر والمليون كاتب والمليار صحفي وعشرات القراء فقط ..

 

العملة النادرة لدينا هم القراء ..

 

فلا ينبغي أن نجعلهم يضربون صفحا عنا بما نتخم به صفحات مواقعنا من الأخبار التي ينقصها التحري والمهنية ...

 

تحدث الناقد الروسي جورج لوكاتش في القرن الماضي عما وصفه ب(الإله الخفي ..) ويعني به الكاتب ..

 

فشخصُ الكاتب ينبغي أن يكون خفيا في حالة نقل الخبر ..

 

ينبغي له أن يغيب أو أن يغيب نفسه, على الأقل, حتى ينقل الخبر ..

 

فإذا كان الصحفي هو مصدر الخبر وهو شاهد العيان وهو صاحب الموقف وهو بطل القصة .. فإن ذلك سيجعل القارئ في حيرة من أمره و سيجعله ينأى عن (البيانات) والمواقف التي يتبناها هذا الناشر أو ذاك ...

 

إنني لأتأسف عندما أجد صحفيا يشهر بأسرة ما أو بشخص ما ..

 

أو يكيل الشتائم لآخر ..

 

ولكنني لا أستغرب ذلك عندما أرى ذلك الصحفي يكيل الصاع صاعين لغريمه ..

 

وكأننا في حلبة صراع بين (جون سينا) مع أحد أبطال المصارعة الحرة التي ما هي سوى فن راق من (الفوتوشوب) ..!

 

فلا تستغربوا عناوين من هذا القبيل ولا تستغربوا (كلبا عض رجلا) بدلا من (رجل عض كلبا) ...!

 

                                                     سيدي محمد ولد متالي