موسي فال يرد علي خطاب النعمة و يحدد استراتيجية المعارضة المستقبلية (نص المقابلة)

اثنين, 05/09/2016 - 10:28

اجري عضو مجلس الرؤساء في المنتدي الوطني للديمقراطية و الوحدة و رئيس الحراك من اجل التغيير الديمقراطي موسي فال مقابلة ستنشر نسختها العربية علي موقع الطواري بينما ستنشر نسختها الفرنسية علي موقع اكريديم و هذا نص المقابلة التي رد فيها علي خكاب رئيس الجمهورية في النعمة و ابرز اهم محاور استراجية عمل المعارضة في الفترة المقبلة :

سؤال: ما هي انطباعاتكم الأولى حول خطاب رئيس الجمهورية في النعمة ؟

جواب: انطباعي الأول هو أنني وجدت خطاب رئيس الدولة عدوانيا وحاقدا الى أقصى حد. كيف يمكن لرئيس دولة، يدعي الديمقراطية، أن يصف معارضته بأعداء الوطن؟ وكيف له أن يسمح لنفسه بأن يرمي هذه المعارضة، طيلة خطابه، بالكذب والزور؟ كيف له أن يتهجم صراحة على المرأة الموريتانية، نافيا قدرتها وحقها في أن تكون لها مواقف وآراء سياسية؟ كيف له أن يصف شريحة من أهم شرائح مجتمعنا بأنها تتناسل دون ضابط أو حدود كالحيوانات؟ كيف لرئيس دولة أن يتهكم بعبارات غير لائقة على دولة كبرى ظلت دائما تبرهن على قربها من بلادنا وصداقتها معنا؟

انطباعي الثاني هو خلو هذا الخطاب من أي جواب على اهتمامات هؤلاء المواطنين الذين تم تجميعهم من كل مكان للاستماع لخطاب لم يجدوا فيه في النهاية أي قرار يمكنه أن يخفف من معاناتهم اليومية. إن خيبة أمل هؤلاء يتقاسمها اليوم كل الموريتانيين الذين استمعوا لهذا الخطاب.

سؤال: لنتطرق الآن لمحتوى الخطاب، ولنبدأ بالقضية التي تشغل الرأي العام منذ عدة أسابيع، ألا وهي قضية تغيير الدستور؟

جواب: كما لاحظتم، كان هذا الخطاب نسخة من خطابات ما بعد انقلاب 2008. كانت تلك فترة المجابهة بين الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وجنرال قام لتوه بانقلاب على الديمقراطية ويريد أن يفرض نظامه على البلد. إن محتوى هذا الخطاب ونبرته وتشنجه، كل ذلك يدل على أنه يحمل مشروعا يريد رئيس الدولة أن يفرضه ضد إرادة المعارضة. ما هو كنه هذا المشروع؟ هل هو مأمورية ثالثة؟ حتى الآن لا أستطيع أن أجزم بشأن الصيغة المزمع اتباعها.

ما أستطيع أن أجزم به هو أنه يصر على الإبقاء على حكمه مهما كلف الثمن. إن هذا الاصرار الذي تم التعبير عنه في خطاب رسمي وعلني يعني أن رئيس الدولة أخذ على عاتقه مسؤولية ذات عواقب جسيمة. لقد كان الناس ينتظرون خطابا يدعو للمهادنة، خطابا يدعو لتهدئة المسرح السياسي، من أجل الاعداد لحوار مسؤول يمكن من رسم طريق توافقي للمراحل القادمة لتعزيز الديمقراطية في البلد. وعلى العكس من ذلك تم إعلان الحرب على المعارضة، في محاولة لفتح الطريق من أجل فرض خيار شخصي تسلطي.

وفي هذه الظروف، لم يبق أمام المعارضة سوى الاستعداد للمجابهة. وحسب رأيي فإننا بذلك ندخل في مرحلة جديدة من المواجهة مع النظام، وذلك في ظروف مغايرة تماما لظروف 2008-2009. فمن جهة، لم يعد ولد عبد العزيز ذلك الشخص المجهول من طرف المواطنين وقد ظهر أن الوعود التي كان يلوح بها لم يكن لها تأثير إيجابي يذكر على حياة الناس، والوضعية الاقتصادية الجيدة التي كان يمتطيها من 2010 الى 2014 لم تعد اليوم سوى ذكرى بعيدة.

أما القدرة الشرائية فقد عرفت تدهورا مطردا بفعل تزايد الضغط الجبائي وتدهور قيمة الأوقية. ومن جهة أخرى، فإن المعارضة أصبحت اليوم أكثر استعدادا منها سنة 2009، وقد زادرصيدها ومقدراتها بفعل السياسات التي ينتهجها النظام وانعكاساتها على حياة المواطنين.

سؤال: لقد قال الرئيس إن المعارضة هي دائما من يضع العراقيل أمام الحوار وذلك لأنها تطرح دائما شروطا غير مقبولة. ما ذا تقولون في ذلك؟

جواب: أود أولا أن أصحح بعض المغالطات. لم تكن عريضة المنتدى المقدمة كممهدات للحوار تتضمن المطالبة بإعادة أي موظف مفصول من طرف الدولة، وذلك على العكس مما قاله وكرره رئيس الدولة. وعلى العكس من ذلك فإن هذه العريضة تتضمن قضايا أخرى مثل مطالبته هو بجواب واضح حول إرادته في احترام عدد المأموريات الرئاسية، وحول الإعلان عن ممتلكاته، وذلك ما لم يقله ولد عبد العزيز، وربما تكون هذه النقاط، من بين أخرى، هي ما جعله يرفض ردا مكتوبا على عريضة المنتدى، رغم أن الأمر لا يعدو كونه مطالبةباحترام الدستور وتطبيق القانون.

أما القول بأن المعارضة هي من يضع العراقيل أمام الحوار، فيكفي للتأكد من عدم صحته، التذكير بأن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة كان قد رد كتابيا على المقترحات المكتوبة التي وصلته من السلطة. وعلى العكس مما قاله رئيس الدولة، فإن المنتدى لم يطالب بتطبيق كل ما جاء في عريضته قبل الدخول في الحوار، بل طالب فقط برد مكتوب عليه، ولا يزال ينتظر هذا الرد منذ ما يقارب سنة حتى الآن. ولا شك أنكم توافقون معي على أن من يرفض الرد كتابيا، سلبا أو إيجابا، على رسالة مكتوبة لا يمكن أن يوصف بحسن النية ولا يمكنه أن يصف خصومه بعرقلة الحوار. وعلى كل حال، ها هو النظام قد وضع بنفسه نقطة النهاية للمسار الذي كان قد بدأه مع المعارضة حول الحوار.

سوال: ومع ذلك، ها هو الرئيس يدعو لحوار جديد، فما هو موقفكم من ذلك؟

جواب: كما قلت سابقا، لقد عبر عزيز بوضوح من خلال خطابه عن ارادته في التحكم بصورة منفردة في تنفيذ أجندته الشخصية، وإقصاء المعارضة السياسية والقوى الاجتماعية في البلاد. وهذه الأجندة التي تتمثل في التمسك بالسلطة، بطريقة أو بأخرى، كان يتردد في تنفيذها بدون حوار مع المعارضة يقدم لها من خلاله تنازلات حول النظام الانتخابي والهيئات المشرفة على الانتخابات راجيا أن تكتفي المعارضة بهذه الاصلاحات أو، على الأقل، أن تنقسم بشكل كبير حولها. وكان ذلك سيشكل نوعا من المباركة لمساره في أجندته، وهو ما يفسر حمى الحوار التي لاحظها الجميع لدى النظام خلال الفترات الماضية. واليوم، وبعد أن تأكد عزيز من أن المعارضة قد استطاعت أن تصون وحدتها حول موقفها المبدئي من الحوار، يبدو أنه اتخذ قراره بالاندفاع، دون حساب للعواقب، في تنفيذ أجندته. إن الحوار الذي دعا له رئيس الدولة لن يكون سوى حوار داخلي، ولن تحضره أي معارضة مسؤولة وشريفة. وذلك على الأقل ما يبدو من نوايا مجمل الفاعلين السياسيين والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وتكتل القوى الديمقراطية.

سؤال: ماهي، حسب رأيكم، العواقب التي قد تترتب على هذا المسار؟

جواب: عندما يسد الطريق أمام التناوب الديمقراطي والسلمي على السلطة، كما يبدو ذلك هو الحال اليوم، لا محالة سيفتح الطريق أمام التغييرات غير الدستورية والتي قد تكون عنيفة وتعرض البلاد لكل المخاطر. وهذه المخاطر هي التي تعمل المعارضة لتجنبها للبلاد، وهذه المخاطر هي التي تنادي المعارضة ضمائر كل الموريتانيين، سواء من يوالون النظام أو من يعارضونه، لتفاديها لأن الأمر يتعلق بمصير الجميع.

سؤال: ما سيكون إذن موقف المعارضة وما ذا ستكون استراتيجيتها؟

جواب: أرى أن عزيز لم يترك خيارا آخر غير المواجهة السياسية، وقد أظهر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة استعداده لذلك من خلال المسيرة الضخمة التي نظمها في نواكشوط. ولا شك أنكم لاحظتم الحزم في خطاب المنتدى ومدى استعداده للنضال خلال هذه المسيرة. ومع تسارع وتيرة الأحداث خلال هذه الفترة الحاسمة لا شك أننا سنشهد تصعيدا للمجابهة. هذا اذا لم يعد النظام الى رشده من أجل تنظيم حوار جاد وشامل في جو يطبعه الهدوء والسكينة.

أما اذا استمر النظام في تنفيذ أجندته الحالية، فإنني أرى أن المعارضة عليها أن تعيد تنظيمها في وجه هذه المجابهة التي لا محيد عنها، كما عليها أن تعمل بكل قواها من أجل سد الطريق أمام استمرار حكم متسلط في البلاد. كما على المعارضة أن تتحالف مع كل القوى الديمقراطية وكل الوطنيين وكل من يهمهم مصير البلد للوقوف في وجه جنوح الحكم الفردي. وأرى أن السخط الشعبي العام، حتى في صفوف من يظهرون اليوم الى جانب النظام، يشكل مخزونا وطاقة هائلة لذلك.

سؤال: في مجال آخر، ما هو تعليقكم على النزوح نحو الذهب الذي يشكل أحد أهم مواضيع الساعة؟

جواب: كما تعلمون فان النزوح الى الذهب ليس ظاهرة جديدة ولا مجهولة. إننا نعرف المآسي والخسائر التي خلفتها "حمى الذهب" في كل الأماكن التي حلت بها. واذا كان بإمكاننا أن نفهم أن البطالة وهشاشة ظروف آلاف المواطنين في بلدنا تجعلهم يخوضون المغامرات، الا أننا لا يمكن أن نفهم أن تكون الدولة هي من يشجعهم على ذلك. إن جميع الخبراء الجيولوجيين الذين تمت استشارتهم أو الذين تحدثوا عن الموضوع قد عبروا عن شكوكهم وتحفظهم حول هذا الموضوع. ويجب أن يكون لدى المصالح المختصة في الدولة المعطيات الموثوقة التي يمكن أن تنير أصحاب القرار والمواطنين بهذا الخصوص، وبالتالي لا يمكننا أن نفهم كون الدولة تندفع خلف بعض باعة أجهزة البحث عن الذهب. إن الدولة، بتحديدها لمناطق للبحث وجبايتها لرسوم للترخيص وجمركة أجهزة اشترها مواطنون فقراء، قد دفعت بدون شك آلاف المواطنين نحو المغامرةوالافلاس. وحسب رأيي فانه على الدولة أن تتحمل التبعات التي ستنجم عن هذا التصرف الجنوني والتي لا يمكن الا أن تكون عواقب مأساوية.