أعداؤنا هم المستفيدون من إشعال الفتنة بينا / الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

خميس, 05/12/2016 - 13:43

هل في مد الجسور إلى الداخل،والشرق المنسي بالذات،وتصنيعه وحمل النور إليه وتفجير المياه فيه الخ...من بأس؟ كلا.

أوليس من حق رئيس الجمهورية أن يخاطب شعبه، فيعرض حصيلة عمل فريقه، ويقدم تقريرا عن حالة البلاد، ويعطي تصوره لآفاق المستقبل ممحصا تجربته

 العملية، ومحددا نقاط القوة ونقاط الضعف، ومقترحا ما يراه مناسبا من حلول وسياسات؟
بلى. ومن حق المعارضة الوطنية أيضا أن تنتقد وتقوّم وتقترح البديل.
هذا إذا كنا حقا وطنيين، ونعمل من أجل المصلحة الوطنيةالعليا، ونؤمن بالديمقراطية التي من أبجدياتها الحوار وقبول الآخر.
لقد خطب رئيس الجمهورية مطلع هذا الشهر في مدينة النعمة أمام شعبه. وكان خطابه في عمومه موضوعيا وإيجابيا وواعدا وصادقا. اللهم إلا إذا استثنينا تعميمه عندما وصف المعارضةبأعداء للشعب.ذلك أن من بين المعارضة - كما من بين الموالاة-فعلا من هم أعداء للشعب، ولكنّ من بينهم أيضا وطنيين وصالحين ومصلحين. وإذا كان انعدام رسم خط فاصل في صفوف الفريقين،وانتهاج أسلوب الاختراق والتقية من طرف المندسين فيهما، يجعل مهمة التمييز صعبة جدا بين العدو والصديق، فإن التبيّن والتحفظ والاستثناء من أوجب الواجبات. وما كان على الرئيس - في نظري- أن يعمّم.
ونظمت المعارضة مسيرةشعبية معتبرة،وعقدت مهرجانا في نواكشوط بعدخطاب الرئيس، لكنطابع الاستفزاز والتحريض طغى على خطابها. وما كان عليها:
-أنتتجاهل جميع ما ورد من إيجابيات في خطاب الرئيس إذا كانت حقا تنتمي لهذا الوطن؛ إذ كل عطاء خير.
-أن تشحن خطابها بالدفاع عن الدستور في مواجهة تغيير وهمي بغية إقحام مأمورية ثالثة لا يدعو لها الرئيس ولا يريدها.
- أن تسيء فهم وتفسير خطاب الرئيس فلا تحفظ منه غير دعوة صادقة للعناية بالأسرة، وتنظيمها، حرّفتها وجعلتها موجهة ضد شريحة معينة أو عنصر معين، بغية تعكير صفوالانسجام والتآخي بين المجتمع وخلق عداوة بين الرئيس وشرائح اجتماعيةلم تجد طوال تاريخ الدولة الموريتانية من يحمل همها ويخفف معاناتها وينهي تهميشها أكثر مما فعل هو.
-أن تدعو إلى العنف واحتلال القصر الرئاسي والإطاحة بالنظام الوطني. وليس ذلك لأن هذه الدعوات مخالفة للنهج الديمقراطي فحسب؛ بل ولأن المعارضة لا تملك الوسيلة لتحقيق ما تدعو إليه من شعارات ثورية في غياب وضع ثوري.
أيها السادة الفضلاء؛
إن الشعب وحده هو منيستطيع تجاوزالخط الأحمر الحقيقي. وما دامت أغلبيته مع الإصلاح فلن تضروه شيئا.يضاف إلى ذلك أن دعوات "الثورة" العاجزة و"المساءلة"وغيرها من الشعارات المتطرفة النشاز لا تخدم الديمقراطية؛ بل تضرها وتسيء إليها لأنها تثير حساسيات البعض وتبرر التعنت والخوف، وتجعل التفكير في مأمورية ثالثة ورابعة مشروعا؛ بدلا من إرساء صرح الديمقراطية والتناوب والتآخي العظيم. هل نسيتم درس حملة 1992 الدامي؟
نحن شعب واحد، ومن مصلحتنا في هذه المرحلة أن نتصالح ونتحاور ونتسامح ويقبل بعضنا البعض كي نبقى ونتقدم في هذا العالم الرهيب. وما سوى ذلك لا يخدم غير أعدائنا الحقيقيين؛ سواء أتستروا بستار الحرية والديمقراطية، أم تمترسوا خلف مجن حقوق الإنسان، أم برزوا عراة كما السيدانتوماس فريدمان وبرنار ليفي ومن ينتحل اسميهما للإساءة إلينا.