قدم العلامة الشيخ محمد الحسن الددو، توضيحا حول حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، جاء في نصه:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد ظن بعض الإخوة تعارضا بين مقطعين تكلمت فيهما عن حكم الاحتفال بالمولد ففي الأول بينت أنه بدعة وفي الثاني فصلت فيه بحسب حال المحتفل فأحببت التنبيه إلى أنه لا تعارض بين المقطعين فالعبرة بالنية ( إنما الأعمال بالنيات ) فمن اعتقده عيدا ابتدع و من أراد الفرح بيوم وفاته كفر و من فرح بمولده كالفرح بيوم نجاة موسى فلا حرج بل ذلك من توقيره و تعزيره الذي أمر الله به و لا يقال لم يفعله السلف لأنه ثبت في صحيح مسلم جوابه صلى الله عليه و سلم عن صيام يوم الاثنين بأنه يوم ولد فيه وكون الصحابة و التابعين لم يخصوا هذا اليوم بشيء يجاب عنه بأن علاقتهم به صلى الله عليه وسلم أكمل فهو حاضر في أذهانهم و شعورهم و معرفتهم كل يوم يبكون عند ذكره بل يكون تأثرهم أبلغ من ذلك كما نقل مالك عن جعفر ابن محمد و محمد بن المنكدر و قد ذكر ذلك عياض في الشفاء.
أما من بعدهم فلم يعودوا يوقرونه هذا التوقير في كل حياتهم فاحتاجوا إلى الذكرى وهي تنفع المؤمنين.
وما تجدد لدي من العلم في هذه المسألة إلا أمر واحد و هو أن يوم وفاته لا يمكن حسابيا أن يكون يوم الثاني عشر بل إما الثالث عشر و إما الرابع عشر و إما الخامس عشر و إما السادس عشر لأن وقوفه بعرفة لا خلاف أنه تاسع ذي الحجة و قد تواتر أنه يوم جمعة و عليه فإن كان ذو الحجة ناقصا كان فاتح المحرم يوم الجمعة و إن كان تاما كان فاتح المحرم يوم السبت فإن كان المحرم ناقصا على احتمال بدئه بالجمعة يكون فاتح صفر السبت و إن كان تاما كان فاتح صفر الأحد و كذلك على احتمال بدء المحرم بالسبت عند نقصانه ففاتح صفر الأحد أيضا و عند تمامه فاتح صفر الاثنين .
فعلى احتمال كون فاتح صفر السبت فإن كان تاما ففاتح ربيع الاثنين و إن كان ناقصا الأحد وعلى اعتبار بدء صفر الأحد فإن كان تاما كان فاتح ربيع الثلاثاء و إن كان ناقصا ففاتح ربيع الاثنين، و على اعتبار فاتح صفر الاثنين فعلى نقصانه ففاتح ربيع الثلاثاء و على تمامه الأربعاء فربيع إذا إما أن يكون فاتحه الأحد فالثاني عشر منه الخميس أو فاتحه الاثنين فالثاني عشر منه الجمعة أو فاتحه الثلاثاء فالثاني عشر منه السبت أو فاتحه الأربعاء فالثاني عشر منه الأحد و على هذا فيوم وفاته صلى الله عليه و سلم إما الثالث عشر أو الرابع عشر أو الخامس عشر أو السادس عشر من ربيع الأول، وأرجحها الرابع عشر و حكاية الناس الإجماع فيها نظر لأن الإجماع حجة في الأحكام و لا يعتبر في العقليات ولا العاديات و إنما يقصد به هنا في الحسيات التواتر و لم تتوافر شروطه و الحساب قطعي ويمكن بالحساب تحديد احتمالات يوم مولده صلى الله عليه و سلم فهو يوم الاثنين في ربيع الأول قطعا والله أعلم.
كتبه محمد الحسن بن الددو الشنقيطي
يوم الاثنين الثاني عشر أو الثالث عشر من ربيع الأول عام 1438