المغرب يسحب قوّاته من منطقة الكركرات على حدوده مع موريتانيا استجابة لطلب أممي

اثنين, 02/27/2017 - 00:58

تشهد توترا مع جبهة «البوليساريو» ونواكشوط منذ قيام الرباط بتطهيرها من المهربين وتجار المخدرات

 

من محمود معروف: سارع المغرب إلى نزع فتيل مواجهة مسلحة كانت محتملة مع جبهة البوليساريو في منطقة الكركرات على حدوده مع موريتانيا، وقرر سحب قواته من المنطقة بعد دعوة من الأمم المتحدة.

وقال بلاغ لوزارة الخارجية والتعاون المغربية ظهر أمس الأحد، إن المغرب وبتعليمات من الملك محمد السادس، قرر إجراء انسحاب أحادي الجانب وبشكل فوري من منطقة الكركرات، بهدف احترام وتطبيق طلب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي عبر عن قلقه العميق إزاء تزايد التوترات في محيط الكركرات في المنطقة العازلة جنوب الصحراء.
وأكد بيان للمتحدث باسم الأمم المتحدة، يوم أول أمس الأول السبت أن الحركة التجارية في المنطقة لا يجب أن تعرقل بأي شكل من الأشكال، موضحا أن «عناصر مسلحة من كل من المغرب وجبهة البوليساريو لا يزالون على مقربة من بعضهم البعض، وهو الوضع الذي كانوا عليه منذ آب/ أغسطس 2016، والذي تراقبه خلال ساعات النهار بعثة الأمم المتحدة «مينورسو».
ودعا الأمين العام الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتجنب تصعيد التوترات من جانب الجهات العسكرية أو المدنية، مؤكدا أنه لا ينبغي عرقلة الحركة التجارية العادية، كما لا ينبغي اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييرا للوضع الراهن في القطاع العازل.
وحث غوتيريس بقوة الأطراف على سحب جميع العناصر المسلحة من القطاع العازل دون شروط وفي أقرب وقت ممكن، لخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار في سياق العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. كما دعا الأطراف أيضاً إلى التمسك بالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار واحترام نصه وروحه.
وقالت وزارة الخارجية المغربية إن المغرب أخذ علما، باهتمام، بتصريح المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بشأن الوضعية الخطيرة في منطقة الكركرات في الصحراء المغربية، وأنه يسجل توصيات وتقييمات الأمين العام، المنسجمة مع الشرعية الدولية، ويأمل أن يمكن تدخل الأمين العام من العودة إلى الوضعية السابقة للمنطقة المعنية، والحفاظ على وضعها، وضمان مرونة حركة النقل الطرقي الاعتيادية، وكذا الحفاظ على وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وتشهد منطقة الكركرات الواقعة جنوب الصحراء الغربية على الحدود الموريتانية المغربية توترا منذ قيام المغرب بتطهير المنطقة من المهربين وتجار المخدرات وتعبيد الطريق الرابط بين نقطتي الحدود (3 كلم ونصف) إلا أن جبهة البوليساريو التي تنازعه على السيادة على الصحراء الغربية وتسعى لإقامة دولة مستقلة عليها، اعتبرت الإجراءات المغربية انتهاكا لاتفاقية وقف إطلاق النار 1991 وأرسلت دوريات مسلحة بالقرب من العاملين المغاربة ثم أقامت نقاط مراقبة مسلحة بالإضافة إلى قيام إبراهيم غالي زعيم الجبهة بزيارة للمنطقة.
وقالت تقارير مغربية إنه في خضم هذا التوتر العسكري الميداني في منطقة الكركرات أشعرت القوات المسلحة المغربية القيادة العسكرية للمينورسو بتحركات جبهة البوليساريو، «المقصودة لخلق البلبلة في المنطقة» وذلك بعد ساعات قليلة من شكاية تقدم بها الدرك الملكي الحربي صباح الجمعة، للقيادة العسكرية للمينورسو.
وأضافت التقارير أن عناصر من البوليساريو اعترضت طريق شاحنات مغربية في منطقة الكركرات، ومنعوها من المرور نحو موريتانيا، بسبب حملها لأعلام مغربية، وظهر في شريط فيديو سائق شاحنة مغربي، يدعى أمغار عبد الكبير، يتحدث عن تعرضه للسب والشتم والتوقيف من طرف عناصر البوليساريو، بسبب رسم خريطة المغرب على ظهر شاحنته.
وتظهر الفيديوهات المتداولة، توعد عناصر من البوليساريو بزي عسكري السائقين المغاربة بعدم السماح لهم بالمرور إلا حين التخلي عن الأعلام المغربية، وعدم رسم خريطة المغرب على شاحناتهم.
ونبه الملك محمد السادس، يوم الجمعة الماضي في مكالمة هاتفية مع أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، إلى خطورة الوضع الأمني في منطقة الكركرات جراء توغلات عناصر جبهة البوليساريو. وأفاد بلاغ للديوان الملكي المغربي أن العاهل المغربي طلب من الأمين العام للأمم المتحدة، «اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من بعض الممارسات التي تهدد اتفاق وقف إطلاق الناري وحالة الاستقرار الإقليمي بالصحراء المغربية» مشيرا الى أن هذه الممارسات جاءت شهرا واحدا قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وذلك من أجل خلق البلبلة وإجهاض عودة المملكة».
وأضاف بلاغ القصر الملكي أنه خلال «هذا الاتصال، أثار الملك انتباه غوتيريس إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركرات في الصحراء المغربية، بسبب توغلات متكررة للعناصر المسلحة للبوليساريو، وأعمالهم الاستفزازية» ودعاه إلى «اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوضع حد لهذا الوضع غير المقبول، والذي يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار، ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر».
وأورد الديوان الملكي بأن وزارتي الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية كانت قد أشعرت، في مناسبات عدة، المينورسو والأمم المتحدة بهذه الأعمال التي تتم بشكل مقصود، بهدف خلق البلبلة، وفي محاولة يائسة لنسف هذا المسلسل».
من جهتها قالت جبهة البوليساريو ان الأمين العام لمنظمة لأمم المتحدة استقبل يوم الجمعة في نيويورك ممثل جبهة البوليساريو البخاري أحمد الذي سلمه رسالة عاجلة من زعيم الجبهة إبراهيم غالي بشأن الخطر الفعلي المترتب عن استمرار وقف مسار السلام من طرف المغرب.
وقالت الجبهة ان اللقاء كان فرصة لمناقشة الوضع المتأزم على أرض الواقع إثر الاستفزازات المتعمد والمخطط لها من طرف المغرب في منطقة كركرات وقالت ان مسؤولية ما يقع على عاتق المغرب في حالة تصعيد الوضع في منطقة الكركرات.
ووجهت جبهة البوليساريو، قبل استقبال الأمين العام للأمم المتحدة لممثلها في نيويورك، رسالة إلى فلاديمير يلتشينكو، رئيس مجلس الأمن الدوري والممثل الدائم لأوكرانيا لدى الأمم المتحدة، تشكو فيها الوضع في منطقة الكركرات، كما تتهم المجلس بالخضوع لتوجيهات المغرب وطالبت بمواجهة التطورات الخطيرة للوضع بمنطقة الكركرات.
وأضافت أن «صمت» مجلس الأمن الدولي أمام التحولات التي تقع في منطقة الكركرات شجع المغرب على المضي قدما في تحدي خرق وقف إطلاق النار، من خلال الخروج خارج الجدار الأمني، جدار العار، إلى منطقة ممنوعة طبقا للاتفاق العسكري مع «المينورسو».
وقالت إن وضع منطقة الكركرات ليس سوى نقطة من صورة عريضة تتطلب تدخلا حازما وجادا وفعالا من مجلس الأمن الدولي، لحماية العملية السلمية برمتها، من خلال ضمان العودة الفورية لعناصر البعثة الأممية والتعجيل بالجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة بين الطرفين.
واتهمت الجبهة المغرب بترويج المخدرات في منطقة الكركرات، وبأن ما تقوله الرباط بشأن «بناء الطريق هناك لوضع حد للتجارة غير المشروعة بجميع أنواعها» ليس صحيحا، وأنه تم حجز 5 آلاف كلغ من الحشيش المغربي في كانون الاول/ ديسمبر الماضي غير بعيد عن الكركرات التي قال المغرب الاسبوع الماضي إن رجال الجمارك المغاربة في المنطقة تمكنوا من ضبط أطنان من الحشيش كانت مهربة نحو موريتانيا.
وتأتي هذه التوترات متزامنة مع هجوم دبلوماسي ملكي مغربي أساسه التنمية والاقتصاد نحو القارة الإفريقية وبعد أقل من شهر من التحاق المغرب بالاتحاد الافريقي الذي غاب عنه 32 عاما، لتصبح القارة الأفريقية ميدان مواجهة دبلوماسية بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
ودعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأحد، «المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته في التعجيل بحل قضية الصحراء عبر استفتاء أممي»، مجدداً دعمه لجبهة البوليساريو وقال في رسالة إلى زعيم الجبهة، إبراهيم غالي، بمناسبة الاحتفال بـ»الذكرى الـ41 لتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية» إن «المجتمع الدولي لزام عليه الاضطلاع بمسؤوليته، والتعجيل بإيجاد الحل لقضيته المشروعة في إطار منظمة الأمم المتحدة» لكي يتسنى للصحراويين تقرير مصيرهم «عبر استفتاء حر ونزيه، تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة، تطبيقا للوائح ذات الصلة لمجلس الأمن».
وقال تاج الدين الحسيني الخبير في العلاقات الدولية، إن المغرب يدق ناقوس الخطر لعواقب استفزازات البوليساريو وأن هذا التوتر أصبح يطرح نفسه بقوة خلال الأشهر القليلة الماضية، بسبب بسيط هو أن البوليساريو ومن ورائها الجزائر، تجاوزت المنطقة العازلة التي سبق للأمم المتحدة أن حددتها في إطار تنفيذ مخطط وقف إطلاق النار.
وأكد الحسيني «عندما كان المغرب بصدد تقديم طلب عودته إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، كانت الجبهة تعمل جاهدة على تحريك قواتها بشكل أكبر، وبعمليات استفزازية، رغبة منها أن تستفز المغرب، وتجره إلى معارك في عين المكان والتي يمكنها من خلالها عرقلة عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، لكن محاولاتها فشلت… وهي اليوم تسير في الاتجاه نفسه وهو الاستمرار في هذه العرقلة».

الرباط ـ «القدس العربي»