موريتانيا: الشيوخ يناقشون تعديلات الدستور ومعركتها تنتقل إلى القنوات الفضائية

أربعاء, 03/15/2017 - 00:59

 بينما بدأ مجلس الشيوخ الموريتاني أمس التحضير الإجرائي لمناقشة تعديلات الدستور، وفيما دخل بعثيو موريتانيا المنضوون في حزب الصواب على الخط المعارض لهذه التعديلات في بيان اصدروه أمس، انتقلت معركة تعديل الدستور المشتعلة حالياً بين النظام الموريتاني ومعارضته إلى القنوات التلفزيونية الخارجية، حيث دفع الطرفان بقيادييهم الأقدر على الإقناع إلى البرامج الحوارية في الشاشات المهتمة برصد تفاصيل أزمة موريتانيا السياسية.

وباندفاع كبير، دافع السفير مختار ولد داهي القيادي في الأغلبية الحاكمة أمس في حصاد «الجزيرة الإخباري»، عن التعديلات الدستورية فأكد «أن هذه التعديلات ثمرة لحوار نظم في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بلا سقف وبدون محاكمة للنيات، شاركت فيه الأغلبية وطيف واسع جداً في المعارضة وطيف من منصات المستقلين بعد أن دعا له الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لدى تسلمه مأموريته الثانية قبل عامين، وقد قاطعته مجموعة من المعارضة مأسوف عليها بعد تعاط سياسي مع الأغلبية استمر لسنتين دون جدوى».
وأشار إلى «أن هذا الحوار الذي شخص الواقع من جوانبه المختلفة السياسية والقانونية، تمخض عن تعديلات للدستور وإصلاحات للمنظومة الانتخابية وإصلاحات أخرى، انتقلت بعد أن أقرها الحوار الوطني الشامل إلى البرلمان، انسجاماً مع التقاليد الديمقراطية الصحيحة حيث نوقشت هذه المرة تحت قبة البرلمان بحضور الأغلبية وحضور المعارضة المحاورة وبحضور طيف المعارضة المقاطعة ممثلاً بنواب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية»، مضيفاً «أن هذه التعديلات أجيزت بأغلبية كبيرة في عملية تصويت صحيحة لا شية فيها».
وأكد داهي «أن حديث المعارضة عن تغيير العلم الوطني مغالطة كبيرة حيث أن العلم الوطني احتفظ به بالكامل دون تغيير وأضيفت له تحسينات في حدود 15 بالمئة من مساحته».
أما محمد جميل منصور رئيس حزب التجمع المعارض، فقد أكد في رد على ممثل الحكومة «أن المعارضة الموريتانية ترفض تعديلات الدستور لكونها غير واردة أو غير مستعجلة أو غير مفيدة او تذكي الصراع بين الموريتانيين».
وقال «أما كونها غير واردة فلأنها تجري في أجواء من الحدية السياسية وبدون أدنى حد من الوفاق والدستور ليس وثيقة عابرة تغير كل حول لكونه معبر عن الناس كلهم، وأما كون التعديلات غير مفيدة فلأنها لا تتضمن أي نقطة لتطوير الديمقراطية الموريتانية على الصعيد المؤسسي، وأما كونها مدانة فلأنها تستهدف رموزًا بينها تغيير العلم الذي شبت وشابت عليه المؤسسة العسكرية وتربى عليه الأطفال، ولا معنى لإضافة خطين أحمرين إلى العلم فهو يذكرني بعلم كوريا الشمالية وعلم الكيان الصهيوني ذات المستطيلات وهي أعلام غير جديرة بالتقليد». وأضاف ولد منصور «موريتانيا تحتاج لحوار جاد وملزم يحل المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطروحة، فالموريتانيون يحتاجون لمن يغير عالمهم لا لمن يغير علمهم»، حسب قوله.
وفي هذه الأثناء دعا بعثيو موريتانيا المنضوون في حزب الصواب أمس مجلس الشيوخ إلى إدراك ما تمر به البلاد من أجواء مشحونة ووضع سياسي مضطرب لا تبدو الحاجة فيه إلا إلى تخفيف التوتر والبحث عن صيغة تعيد الجسور بين مختلف أطراف الساحة، بدل إقصاء بعضهم لبعض، وهو ما يجعلنا نوجه النداء من جديد إلى هذه الغرفة المحترمة كي تعمل بدلاً من زيادة التشرذم على تهيئة الظروف لمناخ نقي، قادر على تأمين الوصول إلى الاستقرار السياسي ووضع أسس وقواعد وآليات ثابتة ومقبولة من طرف مختلف القوى العاملة في ساحة العمل السياسي».
وأضاف الصوابيون البعثيون في بيانهم «أن على مجلس الشيوخ أن يتجه لما يحفظ وجود موريتانيا ولما يساهم في تطور نظامها السياسي في ظل مؤسسات الدولة واحترام الدستور، وليس من ذلك قطعاً القمع والتنكيل بالمتظاهرين السلميين وفرض الأمر الواقع على شركاء الوطن والعمل السياسي».
وأكد البيان «أن الحوار هو أفضل آليات للبحث عن الاستقرار والتنمية وسد المساحات التي يمكن أن تتسلل من خلالها المشاكل الكبرى المؤدية لتشظي المجتمعات وتعميم الفوضى داخلها كما شوهد عياناً في بلدان عربية وإفريقية كثيرة فتحت فيها الخيارات الأحادية فرص التغييرات غير الديمقراطية في أحسن الأحوال، أو أوصلتها للفشل المؤدي إلى التدخلات الإقليمية الخارجية بجميع نماذجها المأساوية التي حصد ثمارها المرة كل من الطالب والمطلوب».
«من واجب كل القوى الموريتانية الحريصة على حاضر ومستقبل البلاد، يضيف البيان، خصوصاً من هم في موقع السلطة أن تقبل بالجنوح لمنطق التوافق السياسي حول مختلف الأمور العامة، الجوهرية، أحرى إن كانت مرتبطة بتغيير النظام السياسي للبلاد وبرموز سيادية قامت عليها الدولة وأصبحت جزءًا من وجدانها الوطني، والمعبر الأوضح عن انسجامها في الشعور والتضحيات والقيم المشتركة لما ترمز إليه من سيادة وانصهار المجتمع بمختلف مكوناته، في وقت ما زال يحتاج إلى جهد كبير في تحقيق انتقال نوعي من مجتمع تقليدي نحو آخر ينشد الحداثة على الاقل، ونحو دولة القانون والمؤسسات واستقرار النظام السياسي والانتقال السلمي للسلطة، عبر التداول الديمقراطي الذي ضَمِنَه الدستور، والفصل بين السلطات وقطع الصلة مع النظام الأحادي وسلطة الفرد».
واعتبر حزب الصواب «أن موافقة الغرفة السفلى على التغييرات الدستورية، تصرف حَكَمَ أصحابه منطق الشطب وفرض الأمر الواقع، الذي لم تنجب تجاربه الكثيرة إلا صيرورة المغالبة على السلطة بدل التراضي والتوافق حول آليات الحكم الديمقراطي الذي تستشير فيه السلطة معارضتها وتنصت فيه الأكثرية جيداً للأقلية وتتيح لها إمكانية أن تصبح أكثرية غداً، عكس منطق المغالبة الذي يقوم على الشطب ونسف ثقافة التعايش التي هي جوهر النظام السياسي الديمقراطي ومضمونه الفعلي، ومن خلاله يتجرع غالباً الممسك بالسلطة غداً، ما ابتهج بإرغام الآخرين على تجرعه اليوم».

عبد الله مولود/ نواكشوط – «القدس العربي» :