موريتانيا: الشيوخ المتمردون يعلنون معارضتهم لكل ما يقوم به الرئيس

خميس, 04/06/2017 - 03:08

 ازدادت حدة التجاذبات السياسية في موريتانيا بعد خروج الشيوخ المتمردين من صمتهم الذي تلا تصويتهم برفض تعديلات الدستور وإعلانهم أمس عن عدم دستورية الإجراءات التي اتخذها الرئيس لفرض إقرار التعديلات عبر استفتاء شعبي.

وأكد الشيوخ في بيان وزعوه أمس «أن لجنة المتابعة في مجلس الشيوخ (تضم الشيوخ المتمردين)، تدارست المرسومين المتعلقين بالاستفتاء اللذين أصدرتهما الحكومة خلال اجتماعها الأخير، وهي تعتبر أن هذين المشروعين غير دستوريين».
وأكدت اللجنة «أن مجلس الشيوخ لن يقبل التلاعب بالمؤسسات، ولا بالدستور المنظم لصلاحيات كل هذه المؤسسات، وأنه لا مهرب من الباب الحادي عشر من الدستور في أي خطوة تستهدف تعديل الدستور».
وأكدت اللجنة «أن عدد أعضاء مجلس الشيوخ الرافضين لأجندة الحكومة ازداد بانضمام مجموعة كبيرة من أعضاء الغرفة للجنة المتابعة ودعمهم لها».
وفي إطار تمرد الشيوخ ومعارضتهم لما يقوم به الرئيس الموريتاني، أعلن عضو مجلس الشيوخ الشيخ ولد حننا أمس في برنامج «كلام في السياسة» الذي تبثه قناة «الوطنية» الحرة، «أن الشيوخ صوتوا ضد التعديلات الدستورية بما تمليه عليهم ضمائرهم حيث اختاروا الانحياز للوطن ومصالحه».
وقال «إن التعديل الدستوري الذي عرض على البرلمان قد سقط نهائياً ويجب التخلي عنه بشكل واضح، كما يجب الانصياع لما آلت إليه الأمور في التصويت الديمقراطي الذي جرى داخل البرلمان».
وقال «إن التعديل الدستوري قد رفض من قبل المؤسسة التشريعية، ورفض الشيوخ تمريره ويجب التخلي عنه وليست هناك طريق آخر، فمجلس الشيوخ قام بدوره ولا يمكن للرئيس أن يحله».
وأكد ولد حننا «أن الشيوخ ليسوا طرفاً في الأزمة السياسية الحالية وليسوا جهة سياسية بل غرفة تشريعية وقد قامت بعملها، أما اللجوء إلى المادة (38) لتمرير التعديل فهو مخالف للمنطق والأعراف وللدستور».
وكان أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني قد بدأوا حراكهم المضاد في شهر أيار/مايو الماضي بعد إعلان الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن عزمه حل المجلس عبر استفتاء شعبي. وقام الحزب الحاكم بعد ذلك بتضمين إلغاء مجلس الشيوخ في مخرجات حوار نظم في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لكن الشيوخ كانوا بالمرصاد لمقترح حل المجلس حيث أسقطوا التعديلات.
واضطر الرئيس اعتمادًا على فتوى قانونيين «غير متسيسين» حسب وصفه، إلى اللجوء لتفعيل المادة (38) لتمرير التعديلات المثيرة، حيث دعا لاستفتاء تجري حالياً التحضيرات لتنظيمه رغم الجدل الدائر حوله من الناحية القانونية والدستورية.
وضمن التجاذب الذي أشعله الرئيس بالدعوة لاستفتاء شعبي، أعلنت مجموعة من كبار خبراء القانون الدستوري والمحامين الموريتانيين أمس عن تأسيس هيئة للدفاع عن الدستور وحمايته.
ووقع الخبراء بيانا تأسيسيا للهيئة أكدوا فيه «أن قرار الرئيس محمد ولد عبد العزيز تطبيق المادة (38) وإجراء استفتاء بموجبها بعد رفض الشيوخ تمرير التعديلات، قرار غير دستوري». ووصف الخبراء قرار الرئيس «بأنه خرق خطير للدستور الموريتاني ومغامرة قد يكون الغرض منها نزع القدسية عن الدستور والعبث به». ودعا الخبراء «الرئيس إلى العدول عن قراره الذي يعتبر مخالفا للدستور».
ووجهت المجموعة «نداء لجميع المحامين وأساتذة القانون في موريتانيا من أجل الالتحاق بمبادرتهم لتأسيس جمعية مستقلة للدفاع عن الدستور».
ومن أبرز المؤسسين لهيئة الدفاع عن الدستور، الأساتذة إبراهيم ولد أبتي محامي، ومحمد الأمين ولد داهي أستاذ قانون وخبير دستوري وأحد محرري دستور 1991، ولوغورمو عبدول محامي، ويربه ولد محمد صالح محامي.
وإذا كانت منابر معارضة الدستور قد شهدت ازدياداً نوعياً هذه الأيام، فإن أجندة الرئيس الخاصة بالاستفتاء لها أنصارها أيضا، حيث بدأ الوزراء وسياسيو الأغلبية في تنظيم مسيرات كبيرة لدعم الاستفتاء على المدن الداخلية.
وتؤكد هذه التجاذبات أن موريتانيا مقبلة على صيف حار جداً حيث يصر الرئيس على فرض تعديلاته عبر الاستفتاء ويصر معارضوه على إظهار عدم دستورية ذلك. وسيكون هذا التجاذب شاغلاً وطنياً للجميع طيلة السنتين اللتين تفصلان عن الانتخابات الرئاسية لعام 2019 التي يفترض أن ينتخب فيها رئيس آخر غير الرئيس الحالي ضمن اقتراع غير مجمع على آلياته وأدواته، قد يدخل البلد في حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار.

 

عبد الله مولود/ نواكشوط – «القدس العربي»: