موريتانيا: فقهاء المعارضة الدستوريون يجمعون على بطلان الاستفتاء

سبت, 04/15/2017 - 02:22

قيادي في مجلس الشيوخ يلوح بمحاكمة الرئيس بتهمة الخيانة

 

 

 فيما أكد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أمس لإذاعة فرنسا الدولية ألا تراجع له عن الاستفتاء مطلقاً، أفتى عدد من كبار الفقهاء الدستوريين الموريتانيين المحسوبين على المعارضة ببطلان التفعيل الذي قام به الرئيس مؤخراً للمادة (38) من الدستور لتنظيم استفتاء حول مراجعة الدستور وذلك في ندوة فكرية نظمتها المعارضة تحت عنوان «تعديلات الدستور: المضمون والمسار».
وخلال الندوة التي تدخل ضمن خطة المعارضة المخصصة لإفشال أجندة الرئيس، أكد الفقيه الدستوري محمد الأمين ولد داهي (أحد محرري الدستور الحالي)، «أن قادة الحزب الحاكم لديهم قناعة واضحة بعدم قانونية الخيار الذي اتخذه الرئيس والحكومة بخصوص استفتاء الشعب حول مراجعة الدستور اعتمادا على المادة 38 من الدستور التي تندرج ضمن باب السلطة التنفيذية وليس ضمن الباب الحادي عشر الخاص بمراجعة الدستور».
وشدد ولد داهي على «أن من يقول بمطلق الحرية للرئيس بناء على المادة (38) لا يفهم فلسفة الدساتير ولا الهدف الذي من أجله وضعت الدساتير، والذي هو إحداث توازن بين السلطات بتقييد سلطة الحاكم المطلق أو الملك». وقدم الفقيه داهي أمثلة على المكابح التي تضمنتها دساتير عدد من الدول الغربية.
وفي مداخلة أخرى خلال الندوة التي حضرها قادة أطياف المعارضة ورجال الإعلام وعدد من الديبلوماسيين، أكد لوغرمو أستاذ القانون الدستوري ونائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض، «أن شخصيات من النظام أسرّوا له بعدم شرعية ما قام به الرئيس من تفعيل للمادة 38 من الدستور «، مضيفاً «أن الموضوع لا يتعلق بجدلية حول مواد في الدستور وإنما بوجود وبقاء ديمقراطية بلد بكامله»، مضيفاً «إذا كان ولد عبد العزيز يريد أن يسلم نفسه للمجهول فليسلمها وليرح الشعب من ترهاته».
وقال «إن اللجوء للمادة 38 من الدستور من أجل تمرير التعديلات الدستورية الحالية، يشكل خطراً كبيراً على موريتانيا»، مبرزاً «أن فرنسا فشلت في تجربة اللجوء للمادة 11 من الدستور المشابهة للمادة 38 من الدستور الموريتاني». 
  وأوضح لو غورمو «أن تصويت الشيوخ ضد التعديلات الدستورية أصاب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بـالصدمة وأصبح كالمشلول، ولكن أحد مقربيه همس في أذنه بالمادة 38 من الدستور على أنها حل لجميع المشاكل، وفجأة تحول ولد عبد العزيز إلى هذه المادة ودخل في مأزق وهو يحاول أن يحمل معه موريتانيا إلى المأزق نفسه». 
واستغرب لو غورمو من استشهاد أنصار النظام في دفاعهم عن اللجوء للمادة 38، بالتجربة الفرنسية، مضيفاً «اللافت هو أن فرنسا التي كانوا يصفونها دوماً بأنها استعمارية وامبريالية، تحولت بقدرة قادر إلى نموذج يقتدون به في تعديلاتهم الدستورية»، وفق تعبيره. 
وقال «منذ 1962 لم يلجأ الفرنسيون إلى المادة 11 إلا مرة وحيدة، وكان ذلك عام 1969 وطبعاً أثار ذلك اللجوء الوحيد الكثير من اللغط، وقد انتهى برفض الشعب الفرنسي للتعديلات الدستورية واستقالة ديغول من الرئاسة». 
  وأضاف «من أصل تسعة تعديلات دستورية في فرنسا لم يتم اللجوء للمادة 11 إلا مرة واحدة، وجاءت وسط احتجاجات واسعة وانتقادات حادة، حتى أن رئيس مجلس الشيوخ آنذاك وصف الجنرال ديغول بأنه دكتاتوري، مع أنهما من التوجه السياسي نفسه، أما المعارضة التي كان على رأسها فرانسوا ميتران فقد وصفت لجوء ديغول للمادة 11 بأنه انقلاب دستوري».    وخلص لو غورمو إلى القول إنه «ًحتى في فرنسا كان اللجوء للمادة 11 مثيراً للكثير من المشاكل القانونية والدستورية، ولا يمكن أبداً اعتباره مثالاً وتجربة يستلهم منها»، وفق تعبيره. 
وفي مداخلة ضمن هذه الندوة، لوح محمد ولد غده عضو مجلس الشيوخ الموريتاني والقيادي في منتدى المعارضة بإمكانية تحريك الشيوخ لمسطرة محاكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بتهمة الخيانة العظمى في حال أصر على المضي في مسار تعديل الدستور اعتماداً على المادة 38 من الدستور».
وقال «إن الشيوخ سيتقدمون بدعوى قضائية أمام محكمة العدل السامية من أجل محاكمة ولد عبد العزيز في حال إصراره على المضي في المسار غير الدستوري».
 وأعلن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة في نهاية ندوته القانونية عن رفضه «لإجراء أي استفتاء خلال الفترة القادمة»، محملاً «الرئيس محمد ولد عبد العزيز مسؤولية ما آلت إليه الأمور خلال الفترة الأخيرة، بفعل تملصه من الحوار وإجهاضه لأي تقارب محتمل مع المعارضة حول العديد من القضايا الملحة».
وقال يحيى ولد أحمد الوقف مسؤول التناوب الديمقراطي في المنتدى «إن المعارضة قدمت رؤيتها للرئيس بشكل رسمي وغير رسمي، لكنه تملص من الحوار الجاد في خطاب النعمة، وحدد أجندته بدون أدنى تشاور مع الأغلبية والمعارضة».
واعتبر الوزير الأول السابق ولد أحمد الوقف «أن التعديلات الدستورية الحالية تعديلات إقصائية مرفوضة وغير مقبولة من قطاع عريض من النخبة السياسية داخل البلد، كما أنها تشكل تهديدا لبعض القضايا الإجماعية الوطنية في موريتانيا».

نواكشوط – «القدس العربي»