النوم والطعام والتدين.. هكذا يبدل رمضان حياة المسلمين

ثلاثاء, 06/06/2017 - 05:09

نمط حياة الأفراد والجماعة يتبدل جذرياً خلال شهر رمضان. فالشهر هذا يكسر الإيقاع الروتيني لحياة الأفراد وبالتالي الجماعة ككل بسبب خصوصيته.

الأسباب معروفة فتبدل مواعيد الوجبات بالإضافة الى الإنقطاع الكلي عن الطعام والشراب وطقوس العبادة والعادات الإجتماعية المرتبطة بالشهر.. كلها من شأنها أن تجعل الحياة في رمضان تختلف كلياً عن الحياة خارجه. الصيام في شهر رمضان يؤثر على نمط النظام الغذائي، نمط النوم، نمط النشاط اليومي والسلوك الاجتماعي. ولكن هذه التأثيرات ليست نفسها رغم أنها تندرج تحت العنوان العريض نفسه فهي تختلف بين مجتمع وآخر وبين مجموعة وأخرى داخل المجتمع نفسه. 

 

تغير نظام النوم

سنبدأ بتغير نظام النوم لانه بشكل أو بآخر يؤثر على كل جزئية أخرى متعلقة بيوميات رمضان. بشكل عام كل الدراسات التي أجريت أكدت بأن جودة النوم تقل في رمضان إذ يتأخر الصائم في الخلود الى النوم بحيث يكون المعدل العام بعد منتصف الليل كما يتأخر في الإستيقاظ. عدد ساعات النوم يقل خصوصاً وإن كان الصائم يعمل في مهنة تتطلب منه التواجد في مكان عمله باكراً. ساعات النوم خلال ساعات النهار تقل أيضاً ولكن الصورة كلها تنقلب رأساً على عقب أيام الإجازة إذ تبين بأن الصائمين يستغلون نهار إجازتهم كاملاً للنوم. 

 

مزاجك سيتأثر حكماً

سواء كنت من النوع الغاضب بشكل دائم أو النقيض كلياً مزاجك سيتأثر وبشكل كبير خلال شهر رمضان. هناك الأسباب البيولوجية المرتبطة بإنخفاض معدلات السكر في الدم والتي تجعل الشخص يشعر بالتعب والانهاك وتؤثر سلباً على مزاجه وهناك التأثير المباشر للحرمان من النوم. فحتى ولو كنت أكثر الأشخاص هدوءاً في مرحلة ما ستجد نفسك تنفعل لأتفه الأسباب. 

٥٠٪ من الصائمين سيعانون من الخمول 

الحركة بشكل عام تقل خلال شهر رمضان لأن الغالبية يصيبها الكسل وقلة النشاط وحتى الخمول خلال ساعات الصيام. وفق دراسة ميدانية أجريت قبل سنوات تبين بأن ٥٠٪ من الصائمين يتأثرون ويدخلون مرحلة الخمول مقابل ٥٠٪ لا يعانون منه على الإطلاق. 

الأسباب تعود لاختلاف القدرة على التأقلم، فكما هو معروف بعض الأشخاص يمكنهم التأقلم مع المتغيرات البدنية والنفسية أسرع من غيرهم. الإدمان على المنبهات أيضاً له دوره الكبير إذ أن الذين يدخنون ويعتمدون بشكل كبير على الكافيين سيشعرون بإنهاك شديد خلال ساعات الصيام. 

تراجع الإنتاجية.. بمعدلات مختلفة 

نعم هناك الكثير من النصائح التي تحاول أن تقدم لك المقاربة المثالية لجعل إنتاجيتك ترتفع أو أن تستمر بالمستوى نفسه خلال شهر رمضان، ولكنها ستتأثر بشكل سلبي ولكن حجم تأثرها يرتبط بما ذكر أعلاه أي بالقدرة على التأقلم وبنمط الحياة والاعتماد على المنبهات والادمان على النيكوتين. ولكن وبشكل عام وخلال النصف الأول من شهر رمضان الغالبية الساحقة من الصائمين تتراجع إنتاجيتهم.. فالسبب بيولوجي وخارج عن سيطرتهم لان الجسد يكون في مرحلة التخلص من السموم التي نزوده بها خلال العام ما يؤدي الى الشعور بالتعب وضبابية الدماغ. 

 

تغير النمط الغذائي .. ولكن 

بطبيعة الحال هذا أمر بديهي فالصيام قائم على الإنقطاع الكلي عن الطعام والشراب خلال ساعات النهار والإفطار عند غروب الشمس. ولكن ما يختلف بين مجتمع عربي وآخر هو النمط الغذائي بعد الإفطار، فبينما تزيد معدلات إستهلاك السعرات الحرارية في دول معينة تنخفض في دول اخرى وهذا مرده الى ثقافة غذائية رمضانية خاصة بمجتمع دون غيره. 

فمثلاً في الاردن ينقص معدل إستهلاك الأطعمة خلال شهر رمضان عن غيره من أشهر السنة، اما في تونس فلا تغير في عدد السعرات الحرارية المستهلكة رغم ان معدل إستهلاك الأطعمة يزيد. في المغرب تتبدل مكونات الأطعمة المستهلكة بحيث يزيد عدد السعرات الحرارية والسكريات. بشكل عام نمطك الغذائي محكوم بنمط غذائي عام ولكنك في نهاية المطاف تملك الخيار، فإما تسير مع التيار أو تعدله بما يتناسب مع احتياجاتك كشخص.

تحسن جذري في السلوك الاجتماعي

سواء كان الصيام بسبب العادة أو تماشياً مع الاجواء العامة أو إلتزاماً بما فرضه الله فإن الجميع ينخرط في أجواء شهر رمضان. الأجواء، بإستثناء بعض الغاضبين، لا يعكر صفوها شيء، فهي جميلة ومريحة وقائمة على إعادة إحياء العلاقات. 

تبادل الدعوات والزيارات هو العنوان العريض للشهر ما يعيد تقريب القلوب. كما نشهد خلال رمضان إقبالاً كبيراً على أعمال الخير ما يعزز التعاطف الجماعي. وحتى العادات التي يعتبرها البعض دخيلة على الشهر كالخيم الرمضانية والجلسات في المقاهي تلعب دورها بشكل أو بآخر بتحسين السلوك الاجتماعي، فهي جلسات تجمع الأصدقاء والأحبة.

 

تدين موسمي للبعض.. بداية جديدة للبعض الآخر

شهر رمضان هو شهر العبادة والغالبية الساحقة تتأثر بالأجواء الروحانية حتى الفئة غير المتدنية. الإلتزام المطلق بالواجبات الدينية حاضر وموجود ولكنه للبعض تدين موسمي ينتهي مع نهاية شهر رمضان وعليه فهم يعودون الى عاداتهم القديمة. ولكن شهر رمضان يكون وفي كل عام بداية جديدة لفئة معينة، فهم يتأثرون كثيراً بالروحانية التي يشعرون بها وبالسلام الداخلي والسكينة فيقررون أنهم يريدونها بشكل دائم وعليه يكملون الطريق الذي بدأوا به في شهر رمضان. 

الرجل