تأجيل الاستفتاء حول الدستور الموريتاني إلى الخامس من أغسطس المقبل

سبت, 06/10/2017 - 03:52

أعلنت الحكومة الموريتانية أمس تأجيل الاستفتاء الخاص بالتعديلات الدستورية حتى الخامس من شهر أغسطس/آب المقبل بدل تاريخه الذي كان محدد وهو منتصف تموز/يوليو المقبل.
ويأتي هذا الإرجاء بينما ينشط الشيوخ الغاضبون وقياديو المعارضة في الداخل والخارج من أجل إسقاط الاستفتاء وإفشاله.وأكد محمد الامين الشيخ الوزير الناطق باسم الحكومة في تصريحات للصحافة أمس «أن قرار إرجاء الاستفتاء جاء استجابة لطلب من اللجنة المستقلة للانتخابات بغية التحضير الجيد لهذا الموعد الانتخابي».
وتعتقد أوساط المعارضة «أن سبب إرجاء الاستفتاء عن موعده ليس ما أعلنته الحكومة وإنما بسبب ضعف إقبال الناخبين على التسجيل في الإحصاء التكميلي ذي الطابع الانتخابي». وكانت المعارضة الموريتانية قد أكدت في بيان أخير لها «أن فترة 20 يوماً التي حددتها الحكومة لتحيين قائمة الناخبين، غير كافية لتجديدها».
وأوضحت «أن العدد المسجل حتى الآن لا يتجاوز 1.44 مليون ناخب في حين أن من يحق لهم الانتخاب يتجاوز عددهم 2.4 مليون». وتنتقد المعارضة هذا الاستفتاء وتعتبره غير شرعي لتنظيمه، حسب اعتقادها، خارج المسطرة المحددة في الدستور والاستعاضة عنها بالمادة (38) من الدستور التي تتعلق بالاستفتاء في الأمور التشريعية والتأسيسية وليس بتعديل الدستور الذي خصص له الباب الحادي عشر بمواده الثلاث.
 وتتعلق التعديلات الدستورية المقررة في الاستفتاء بإلغاء مجلس الشيوخ وتأسيس مجالس جهوية للتنمية عوضاً عنه، وتغيير النشيد والعلم الوطنيين وإلغاء محكمة العدل الخاصة والمجلس الإسلامي الأعلى. وصادقت الجمعية الوطنية على هذه التعديلات غير أن مجلس الشيوخ رفضها بشدة مؤكداً «أنها انقلاب على الدستور».
وانتقد مجلس الشيوخ الموريتاني في وثيقة عممها أمس على البرلمانات الإفريقية والعالمية المسار الذي سلكه الرئيس محمد ولد عبد العزيز في تنظيم هذا الاستفتاء. 
وأكد المجلس « أن الرئيس أعلن في شهر أيار/ مايو 2016، نيته إجراء بعض «الإصلاحات» يفترض أن تخرج البلاد من الأزمة السياسية التي تعيشها إثر انقطاع الحوار بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة الديمقراطية منذ الانتخابات العامة السابقة التي نظمت في سنة 2013». وأضاف مجلس الشيوخ في وثيقته «أن الرئيس، بدون أن يقوم بأي نقاش مع أي كان، لا في الأغلبية ولا في المعارضة الديمقراطية، عمد إلى فرض إجازة رغبته الأحادية بواسطة المشاركين في «حوار» تم عقده في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2016 بين أهم مؤيدي الرئيس داخل الأغلبية وجزء ضئيل من المعارضة تم انتقاؤه وفرزه على المقاس، بينما استبعد من «المناقشات» الأعضاء الأكثر تمثيلاً للمعارضة الديمقراطية والمجتمع المدني».
 وأكد الشيوخ «أن الرئيس توجه بعد ذلك لمراجعة الدستور طبقاً لبابه الحادي عشر، حيث استدعى دورة طارئة للبرلمان بتاريخ 22 فبراير/ شباط 2017، بيد أن مفاجأة ضخمة كانت في انتظار السلطة التنفيذية حيث رفض مجلس الشيوخ، بأغلبية 58 % من أعضائه، مشروع المراجعة الدستورية مما أسقط مشروع التعديل المذكور وكان يجب إذاً التخلي عنه بكل بساطة، وبينما كان الجميع يعرب عن ارتياحه لهذا الأداء الديمقراطي الجميل في بلد إفريقي وعربي لا تشيع فيه مثل تلك الممارسة، وإذا بمعسكر الرئيس، بعد أن أصبح كالمتمترس، يقرر فجأة تجاوز هذا الشرط والإلزام الدستوري، من خلال إطلاقه عبر تفعيل المادة (38) من الدستور التي تنص على الاستفتاء التشريعي والتأسيسي، لمسطرة مخالفة تماما على نحو صريح لمقتضيات وأحكام الدستور القاطع، وغير مسبوقة في التاريخ الدستوري للبلاد».
 وأوضح الشيوخ «أن الاستفتاء المنتظر سيجري في جو تطبعه التوترات والانقسامات العميقة حول الاستفتاء نفسه وحول مراجعة الدستور خارج ترتيبات المراجعة القانونية» مشددة على «أن الرئيس يخالف بتنظيمه استفتاء غير مجمع عليه، ليس فقط جزءاً لا يستهان به من أغلبيته وإنما أيضاً المعارضة الديمقراطية بكافة أطيافها»..» «واليوم، يضيف مجلس الشيوخ، فإن عدم الاستقرار يهدد الدولة بنشوب أزمة قد تفضي إلى نتائج بالغة الخطورة، سواء بالنسبة لموريتانيا أو مجموع دول المنطقة المعرضة لأنواع الأخطار، حيث أن الديمقراطية التعددية تواجه اليوم في موريتانيا خطراً حقيقياً، يهدد سلم وأمن الجميع، بينما ترتفع الأصوات من كل جانب مطالبة بحوار صادق بين الفاعلين السياسيين كافة، حوار يكون بناءً ومحترماً للدستور ولمبادئ الديمقراطية المعروفة عالمياً».
وتثير التعديلات الدستورية المقترحة ضمن الاستفتاء المنتظر، خلافاً بين النظام الموريتاني والمعارضة، حيث ترفضها الأطراف المعارضة، وعلى رأسها تكتل كبير يضم نحو 15 حزباً معارضاً ونقابات عدة وعدداً كبيراً من الشخصيات المرجعية.
ويؤكد هذا التكتل السياسي الكبير أن «السلطات تصر على تمرير التعديلات الدستورية ضد إرادة الأغلبية الساحقة من الشعب والطبقة السياسية»، بينما ترى الموالاة «أن التعديلات ضرورة سياسية وتنموية لا غنى عنها لتطور البلد وانسجام مؤسساته»

القدس العربي