موريتانيا: نائبان من الحزب الحاكم يعيدان جدل مدد الرئاسة إلى الواجهة

خميس, 01/04/2018 - 00:56

« القدس العربي»: أشعل الخليل ولد الطيب والشيخ ولد أحمد وهما نائبان من كتلة الحزب الحاكم في موريتانيا أمس الجدل من جديد حول مأموريات الرئاسة بعد أن طالبا بإلحاح خلال أمسية سياسية نظمها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، بتغيير الدستور الموريتاني للسماح للرئيس محمد ولد عبد العزيز بالبقاء في الحكم.
وتحت تصفيق نواب الحزب وقيادييه، طالب النائب الخليل ولد الطيب وهو أحد مساعدي رئيس الجمعية الوطنية في كلمة ألقاها خلال أمسية الحزب «الرئيس محمد ولد عبد العزيز بفتح حوار سياسي من أجل تعديل الدستور وفتح أقفال المأموريات ليتمكن الرئيس من الترشح لمأموريات إضافية».
وقال «إن موريتانيا td حاجة لمواصلة الرئيس محمد ولد عبد العزيز للحكم حتى يكمل برنامجه المليء بالإنجازات والذي يجب أن يصل إلى مداه». 
وفي كلمة أخرى، أكد النائب الشيخ ولد أحمد «أن مواصلة الرئيس للحكم بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة ضرورة ملحة لا غنى عنها لاستكمال الإنجازات التي بدأها الرئيس والتي يجب على المجموعة الوطنية المحافظة عليها».
وقوبلت هذه الدعوات بهجوم كبير من طرف المدونين غير المصنفين في الأحزاب لكنهم معارضون للنظام الحاكم، حيث تساءل المدون البارز محمد المنى في تدوينة له قائلا « أتكون المطالبة بالمأمورية الثالثة، والحال هذه التي يعيشها الجميع، مكافأةً على مرْكَزة الفساد، وتوسيع دائرة الفقر والبطالة، والارتفاع المتزايد لمستويات التضخم والغلاء، علاوة على التردي المتواصل في جميع المرافق العمومية، وما حدث من تزويرٍ للاستفتاء وتصفيةٍ للشركات العمومية ومن استخدام انتقائي ل ـ«العدالة» ضد صغار الفاسدين من الموالين، فضلا عن محاصرة المعارضين السياسيين واستهدافهم بشكل دائم في أرزاقهم وأقوات أطفالهم؟! أبعد كل هذه الانتهاكات يطالبون بانتهاكٍ آخر بحق أكثر المواد حصانةً في الدستور؟»، يقول المدون.
وأضاف محمد المنى يقول « إذا كان الرئيس يؤمن بالديمقراطية حقا، ولديه أدنى شعور بالمسؤولية حيال الدستور الذي أقسم على احترامه (وهذا ما أفترضُه شخصيا)، فلا بد أنه شعر بالغضب والاستياء الشديدين من بعض مؤيديه الذين تملقوه ويتملقونه) بالحديث عن مأمورية رئاسية ثالثة؛ إذ أن ذلك يتعارض كليا مع منطوق الدستور ومفهومه، ويضرب قواعد النظام الديمقراطي وقيمه بعرض الحائط، ويعرِّض البلاد لقلاقل قد تفتح بابا واسعا على المجهول».
وتحت عنوان «هذه أمارات 2019/2018 الرئاسية»!، كتب المدون الإعلامي محمد محفوظ أحمد «من أعجب ما قرأته مؤخرا لأحد المخضرمين الذين جمعوا بين النظامين الانقلابيين ثم «الديمقراطيين» (1984/2008) وارتقوا فيهما بقولِ و»كتابة» السوء في الخصوم السياسيين قوله «لعشرية مقبلة، يجب أن يبقى محمد ولد عبد العزيز، عقلا وقائدا في المشهد، في جهازي التوجيه والقرار…».
وعلق على حملة مليون توقيع قائلا «يبدو أن صاحب حملة ملصقات «المأمورية الثالثة» قد اعتقد أن فخامة الرئيس لم ير ملصقه الذي غمر به أعمدة وشواخص الشوارع المحيطة بالرئاسة، ومنها إلى المطار».
«ولاعتقاده، يضيف المدون، بأن الرئيس ربما يركز نظره فوق مستويات العامة، فقد عاد صاحبنا بعماله وسُلَّمه وعلب غرائه ليضع مزيدا من الملصقات في أعالي تلك الأعمدة نفسها، خاصة أنه لاحظ تمزيق المارة بعضها؛ لكن لِمَ لا يوزع هذا الفائض على مناطق أخرى بدلا من تكديسها على الأعمدة ذاتها في الطرق نفسه؟!».
وكان الجدل حول مأموريات الرئاسة قد هدأ قليلا بعد أن أشعلته السنة الماضية تصريحات لرئيس الحزب الحاكم وأخرى لرئيس الوزراء أكدا فيها بشكل واضح بقاء الرئيس محمد ولد عبد العزيز في السلطة بعد انتهاء آخر مأموريتيه الدستوريتين منتصف عام 2019.
وظلت الدعوة لفتح المأموريات حاضرة من خلال نشاط مكثف يقوم به الوجيه السياسي أحمدو ولد إياها عبر جمعه مليون توقيع للمطالبة بمأموريات إضافية للرئيس، وتوزيعه لآلاف الملصقات الداعية لذلك في شوارع العاصمة وخلال المناسبات السياسية.
وتنص المادة 29 من الدستور الموريتاني على اليمين الدستورية التي يقسم بها الرئيس على ألا يتخذ أو يدعم بصورة مباشرة أو غير مباشرة أية مبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مراجعة الأحكام الدستورية المتعلقة بمدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و28 من هذا الدستور.
وتنص المادة 26 على «انتخاب رئيس الجمهورية مدة خمس (5) سنوات عن طريق الاقتراع العام المباشر»، وتقول المادة 28 «يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة».
وأكد الرئيس محمد ولد عبد العزيز في تصريحات عدة أنه لا يرغب في الترشح لدولات أخرى وأنه سيحترم ترتيبات الدستور الذي ينص على ولاية رئاسية قابلة للتجديد مرة واحدة؛ وقال «إنه لن يترشح لولاية ثالثة ولا ينوي البقاء في السلطة بعد 2019، لكنه شدد تأكيده «أنه سيدعم بنفسه كمواطن له الحق في ذلك، مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة».
لكن المتداول لدى أوساط المعارضة هو أن التعديلات الدستورية التي أقرت من خلال الاستفتاء الأخير قد تقود لفتح أقفال مواد دورات الولاية في الدستور بشكل يسمح للرئيس محمد ولد عبد العزيز بمأموريات أخرى إضافية.
فبعد إلغاء غرفة الشيوخ وتحول البرلمان الموريتاني إلى غرفة واحدة، فقد أصبح من السهل تعديل الدستور عبر مؤتمر برلماني وفتح أقفال مدد الرئاسة أمام الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يسيطر على أغلبية مريحة في الجمعية الوطنية. 
وأكدت صحيفة «لوكلام» أعرق الصحف المحلية في تحليل خصصته لهذه النازلة «أن النظام قد فشل في تمرير الولاية الثالثة عبر الحوار الأخير وهو يبحث حاليا عن طريقة أخرى يفرض بها البقاء على رأس السلطة»، لكنها تساءلت قائلة «هل يقبل الموريتانيون ببقاء النظام خارج ما حدده الدستور؟ وهل سيقبل بذلك نشطاء المعارضة وأعضاء مجلس الشيوخ المتمردون؟».
وأكدت الصحيفة «أن رئيس الوزراء فجر قنبلة بإعلانه استمرار النظام الحالي بعد انتخابات 2019»؛ «إن هذا التصريح، تضيف الصحيفة، يؤكد طرح بعض من يعتقدون أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز مصمم على تولي مأمورية ثالثة، ولذا يجري الترتيب حاليا لفتح أقفال الدستور التي تمنع ولد عبد العزيز من ذلك، ولا شك أن قضية التعديلات الدستورية المثارة حاليا، هي بداية مغامرة طويلة لا يمكن لأي أحد أن يتنبأ بحجم أضرارها على موريتانيا التي تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية عديدة».
وكل ما يمكن قوله في هذا المضمار هو أن معارك انتخابات 2019 قد بدأت الآن، وإذا كانت تصريحات رئيس الوزراء ورئيس الحزب الحاكم وتصريحات النواب ستهدئ أنصار الرئيس ريثما تتهيأ خيارات الخلافة، فإنها في الجانب الآخر، ستوحد صفوف المعارضة مع المعادين لانقلاب 2008 لتتشكل بذلك جبهة قوية قد تتفق على مرشح واحد في انتخابات 2019 وهي الطريقة التي أوصلت مرشحي المعارضة الموحدين لكرسي الحكم السنة الماضية في كل من غانا وغامبيا.