أطياف المعارضة الموريتانية تتجمع للتوحد والتشاور حول انتخابات 2019

سبت, 01/27/2018 - 00:11

تعقد المعارضة الموريتانية بكافة أطيافها المتشددة في مناوأة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم السبت في نواكشوط أول لقاء بين أطيافها لتنسيق الجهود تحضيرا لانتخابات 2019 الرئاسية التي يفترض أن ينتخب فيها رئيس جديد حسب الدستور.
وجاء هذا اللقاء بمبادرة دعا لها الإعلامي الموريتاني البارز والمدون النشط الدكتور الشيخ سيدي عبد الله واستحسنها الجميع وتجاوب معها قادة المعارضة، في ظرف تتعالى فيها أصوات مطالبة بولاية ثالثة (لا يسمح بها الدستور في نصه الحالي)، للرئيس محمد ولد عبد العزيز المنتهية ولايتاه منتصف السنة المقبلة.
وأعلن ولد سيدي عبد الله وهو أستاذ جامعي من أشرس وأنشط المدونين المعارضين للرئيس الحالي «عن نجاح الاتصالات التي أجراها على مدى عدة أسابيع بالقوى المعارضة الحزبية وغير الحزبية، من أجل تنظيم لقاء تشاوري وفتح نقاش سياسي يهدف الى توحيد الصف والعمل المشترك بين هذه القوى».
وقال «تقرر إجراء النسخة الأولى من هذا اللقاء يوم السبت الساعة الحادية عشرة صباحا في حضور قادة أحزاب المنتدى وقياديي كتله السياسية إضافة لحزب التكتل ممثلا برئيسه أحمد ولد داداه».
وأضاف «ستمثل المعارضة غير الحزبية بمجموعة من أصحاب الرأي والكلمة من المدونين والكتاب والناشطين في الشأن السياسي الوطني، تم إبلاغهم ببرنامج اللقاء ومكانه، وستمثل معارضة الخارج في شخص بعض نشطائها الموجودين هذه الأيام في العاصمة نواكشوط، من دون إغفال آراء ومشاركات من لم يتمكنوا من الحضور من خلال أفكارهم وخطاباتهم التي سيرسلونها عبر وسائط التواصل وستتم قراءتها أمام المشاركين «.
«إن هدفنا من هذا اللقاء الأولي، يقول ولد سيدي عبد الله، هو محاولة زرع الثقة بين الجميع وخلق مناخ جديد لقوى المعارضة مجتمعة تستطيع من خلاله تطوير نضالها وعملها، الشيء الذي سيكون أكثر تأثيرا في الساحة من عملها كأيدٍ متفرقة يصارع بعضها بعضا، ونحن نتمنى أن يكون هذا اللقاء فاتحة عهد جديد». وتفاعل كبار الكتاب والمدونين مع هذا الحراك الأول من نوعه حيث حللوا في مقالات ومعالجات واقع المعارضة والحالة السياسية الراهنة وتلاحق الاستحقاقات الانتخابية في السنتين الحالية والمقبلة وهو ما يضع موريتانيا، حسب هؤلاء الكتاب، أمام تحديات خطيرة.
وتحت عنوان «هل تمكن المراهنة على المعارضة لإحداث التغيير؟»، أكد السعد بن عبد الله بن بيه الكاتب والباحث البارز في مجال العلوم السياسية في قراءة سياسية للوضع في موريتانيا «أن النظام السياسي الموريتاني وصل لمنعطف جديد تتلاحق فيه الاستحقاقات السياسية، والشعب الموريتاني في أغلبيته الصامتة يعيش أشواق التغيير والإصلاح يائسا من طبقته السياسية، وهو وضع تدخله المعارضة في أغلبها بسجل غير نظيف من عدم فهم الواقع، وكونها أصبحت ناديا مختلطا لأشخاص وأفكار وقيم لا خيط ينظمها ولا منطق يمكنه أن يجمعها، معلنة في الظاهر حتمية التعاضد ولكن الخبرة تنبؤنا بأنهم ليسوا جميعا بل قلوبهم وأهدافهم شتى».
«هل نحن حقا، يضيف الكاتب، بحاجة لإعادة اختراع العجلة؟ وهل الرهان على أن تتطور المعارضة ممكن بعد؟ أو أن ديناميكيات الواقع والمجتمع لا تقبل التوقف والانتظار؟ وأن حاجتنا الحقيقية تكمن في استحداث أطر جديدة أكثر ملاءمة للعمل السياسي مما هو قديم وتقليدي».
«في الأخير، يقول الكاتب، وجب التنبيه على أننا نتكلم على المستوى الكلي لأداء المعارضة، والذي لم يكن موفقا في المحصلة العامة؛ وليس على مستوى التفاصيل التي شهدت نجاحات جزئية لا يمكن إنكارها إذ تظل المعارضة دائما قادرة بقليل من التخطيط المشترك وفهم المعطيات اللحظية تحقيق أمثالها، ولكن لا يمكن ووضع المعارضة كما وصفنا، تحقيق الهدف الكلي للديمقراطية الموريتانية، أي تحقيق التداول السلمي على السلطة». وزاد الكاتب «يظل السؤال الكبير: ما الذي يمكن أن تضيفه هذه المعارضة والتي تعتبر منتجا محضا للواقع الموريتاني المتأزم قيميا وفكريا وتنظيميا حتى لو وصلت للسلطة؟! وهذا السؤال هو مبعث التفكير لاستخراج نخب جديدة ذات نظرة جديدة ويمكنها أن تضيف جديدا».
وفي معالجة أخرى ذات صلة، كتب القيادي المعارض محمد الأمين ولد الفاضل «لكيلا نضيع فرصة 2019 فنحن نحتاج كقوى طامحة إلى التغيير إلى أن نحدد أولا من نحن؟ وما هو نمط التغيير الذي نسعى إليه؟ وبأية وسيلة سنحقق ذلك التغيير».
وأضاف «من نحن؟، فهل نحن مجرد معارضة تقليدية (أحزاب معارضة + حركات شبابية وحقوقية + عدد من الشخصيات المستقلة)؟ أم أننا لسنا مجرد معارضة تقليدية فقط، وإنما نسعى للتمدد والانفتاح حتى نستقطب أغلبية الشباب الموريتاني إضافة إلى الأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني التي غابت أو تم تغييبها في الفترات الماضية، هذا إضافة إلى الجاليات الموريتانية للخارج؟».
وحول أسلوب للتغيير، أوضح الكاتب «أن هناك ثلاثة أساليب يمكن من خلالها أن تحدث عملية التغيير، وهذه الأساليب هي: الانقلاب؛ الثورة؛ صناديق الاقتراع»، مضيفا «أما الأسلوب الأول وهو الانقلابات فعلينا أن نستبعده تماما، وذلك لما عرفته موريتانيا من تجارب عديدة مع الانقلابات وكلها أعطت نتائج كارثية، وهناك احتمال كبير في أن يكون الانقلاب المقبل انقلابا دمويا».
وقال «علينا أن نستبعد الأسلوب الثاني وهو الثورات لأنها قد تؤدي إلى تفكك البلاد وإلى دخولها في فتن لا أحد يتحكم في مسارها، ولنا في دول الربيع العربي عبرة، وهي الدول التي كانت أكثر تماسكا وأقوى لحمة من بلادنا، مع أن الثورة لا يمكن التخطيط لها وهي لا تأتي إلا بغتة نتيجة لشرارة معينة».
وأوصى الكاتب بالتوجه نحو «التغيير عن طريق صناديق الاقتراع أو التغيير الآمن والمتحكم فيه، وهذا هو الخيار والأسلوب الأمثل بالنسبة لموريتانيا، وهو يتطلب تكاثف جهود كل الطامحين إلى التغيير والعمل على الوقوف ضد أي تمديد للمأموريات وضد أية محاولة لتغيير النظام السياسي من نظام رئاسي إلى نظام برلماني، كما يتطلب الوقوف ضد توريث السلطة والعمل على فرض انتخابات شفافة لا تتدخل فيها الإدارة ولا الجيش لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، ثم البحث عن مرشح توافقي والعمل من أجل صياغة خطاب جديد للمعارضة يكون بمقدورهما أي المرشح التوافقي والخطاب المعارض أن يستقطبا المعارضة التقليدية بأغلب مكوناتها، والشباب الموريتاني الذي هو العمود الفقري في عملية التغيير، والأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني وهذه يجب استقطابها وهي التي ستصنع الفرق، إضافة للجاليات الموريتانية في الخارج ولجزء من الموالاة التقليدية».