مقتل صياد سنغالي يربك من جديد العلاقات بين موريتانيا والسنغال

خميس, 02/01/2018 - 02:38

استمرت في موريتانيا والسنغال علامات ارتباك في العلاقات سببها مقتل صياد تقليدي سنغالي بأيدي خفر السواحل الموريتانية، وذلك برغم أن رئيسي البلدين ناقشا الموضوع في أديس أبابا واتفقا على إطفائه.
فلم تهدأ بعد النفوس لحد مساء أمس في مدينة سنلويس السنغالية التي ينحدر منها القتيل فالو چاخاتي المنتمي لمجموعة صيادي «كت أندر» السنغالية العريقة التي تمارس منذ قرون أنشطة الصيد في مياه كانت دولية وتحول معظمها بعد ظهور الدول، إلى مياه إقليمية موريتانية يمنع الصيد فيها من دون ترخيص.
وانقطع الصيادون السنغاليون التقليديون عن الصيد في المياه الموريتانية السنة قبل الماضية بعد أن توقف الجانب الموريتاني عن تجديد الرخص التي كانوا يصطادون على أساسها ضمن سياسة جديدة أكدت الحكومة الموريتانية أن هدفها حماية الثروة البحرية.
واستمرت تظاهرات الاحتجاج في مدينة سنلويس السنغالية طوال يوم الاثنين ونهب المحتجون محال تجارية يملكها موريتانيون ووجدت قوات الأمن السنغالية صعوبات كبيرة في تهدئة المحتجين الغاضبين.
ووقعت الحادثة بينما كان الرئيسان الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والسنغالي ماكي صال في أديس أبابا مشاركين في قمة الاتحاد الأفريقي، ما منحهما فرصة للحديث عن هذه القضية والاتفاق على إجراءات إطفائها قبل أن تخرج عن السيطرة كما وقع عام 1989 في حادثة دموية بدأت بخلاف بسيط على مستوى الحدود بين منمين ومزارعين.
وأكد الرئيس السنغالي ماكي صال في تصريح بثه التلفزيون الرسمي أمس «إرادة السنغال الراسخة في اتخاذ خطوات من شأنها ضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث».
وقال الوزير المكلف بالاتصال في الرئاسة السنغالية الحاج حاميدو كاسي في تغريدة نشرها على حسابه على تويتر إن «الرئيس ماكي صال أجرى محادثات مع الرئيس الموريتاني على هامش القمة الأفريقية بأديس أبابا.»
وذكرت مصادر صحافية موريتانية «أن الحكومة السنغالية عززت أسطول قواتها البحرية بسفينة مراقبة على الحدود مع المياه الإقليمية الموريتانية، وذلك بعد حادثة مقتل الصياد».
ووصلت جثة الصياد السنغالي المقتول إلى العاصمة نواكشوط، حيث يتوقع أن تخضع للتشريح، في مكان لم يتفق الطرفان عليه وهل سيكون في نواكشوط أم بالعاصمة السنغالية داكار.
وأبلغت البحرية الموريتانية الجانب السنغالي أن إطلاق الرصاص باتجاه قارب الصيد كان يهدف إلى تعطيل القارب ولم يكن هدفه إصابة الصيادين.
وأكدت البحرية الموريتانية «أن القارب السنغالي الذي يقل صيادين سنغاليين عبر إلى المياه الإقليمية الموريتانية ولم يستجب للتحذيرات».
وأكد الباحث إسماعيل الشيخ سيديا الخبير في الشئون الأفريقية «خروج مظاهرات احتجاجية من قرية الصيادين في «گي اندر» متداخلة المنازل، للتنديد بموت صياد شاب في التاسعة عشرة من عمره يدعى فالو چاخاتي بأيدي القوات البحرية الموريتانية في المياه الإقليمية الموريتانية».
وقال «يرجح توقيف بقية الصيادين في القارب المخالف والمملوك للمدعو سيدنا سك وعددهم ثمانية من طرف خفر السواحل بحامية اندياگو الموريتانية».
وأوضح الخبير «أن المظاهرات التي وقعت في سنلويس لم تكن الأولى من نوعها كما أن الحادث البحري لم يكن الأول من نوعه، فالصيادون السنغاليون طالما تجاوزوا الحظر واستسمكوا حيث يجدون ضالتهم منذ الأزل، فالاتفاقية الثنائية المتعلقة بالصيد التقليدي بين البلدين معطلة، والجفاء السياسي بين داكار ونواكشوط يحمل رائحة السمك وهدير الأمواج».
وأضاف الخبير إسماعيل «الأحاديث الواردة من سينلويس تشبه فيها الليلة البارحة، تؤكد تكسير ونهب لمحال الموريتانيين المتناقصة في المدينة، ووجود حالة من الرهبة والاعتقالات في صفوف المخربين وارتباك لدى قوات أمن المدينة الساحلية السياحية».
وطالب عمر گي وزير الصيد السنغالي في تصريح مقتضب ومندد لإذاعة سنغالية خاصة وهو في طريقه إلى سين لويس للتعزية في الصياد القتيل، طالب «السلطات الموريتانية بتشريح مهني لجثة القتيل»، مذكرا بتجميد اتفاقية التعاون في مجال الصيد».
ومما كرر حوادث المطاردة والقتل، إصرار الصيادين السنغاليين الذين رحلوا من موريتانيا بعد قرار مرتنة الصيد (خمسة آلاف، حسب الرئيس السنغالي)، على دخول مناطق السمك في المياه الموريتانية الدافئة عبر المياه الدولية برغم تحذير سلطات البلدين لهم.
وغالبا ما تتم الاعتقالات والتوقيفات التي تقوم بها البحرية الموريتانية بسلاسة لكن حوادث إطلاق النار تحدث من حين لآخر وفي الغالب تكون ردات أفعال من قوات البحرية على محاولات من الصيادين السنغاليين للتصدي لهم لتغطية عملية الهروب للمياه الدولية.
ويتوقع الخبير إسماعيل «أنه إذا لم تنظم دوريات مشتركة بين البحريتين الموريتانية والسنغالية، وإذا لم يخفف من جو الاحتقان بين البلدين بتجديد الاتفاقيات الثنائية المجمدة، إذا لم يحدث شيء من ذلك، أن تستمر عمليات الكر والفر المشحونة، فلا الصيادون السنغاليون سيتخلون بسهولة عن تلك المصائد الكثيفة، ولا القوات البحرية الموريتانية ستترك عملها»، حسب تعبيره.
وتأتي هذه الحادثة أياما بعد مكالمة أجراها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مع نظيره السنغالي مكي صال، واعتبرها المراقبون مؤشرا واضحا على تحسن مرتقب في العلاقات بين نواكشوط وداكار التي تمر منذ فترة بمرحلة جمود وتوتر. 
ويجمع مراقبو هذا الشأن على أن العلاقات بين الرئيسين ولد العزيز ومكي صال ليست على ما يرام لأسباب غير مفهومة، مع أن الرسميين من كلا البلدين لم يفتؤوا يكذبون ذلك ويؤكدون بأنها علاقات أخوية وطبيعية. 
واشتد التوتر في العلاقات الموريتانية السنغالية بعد الأزمة الغامبية وصراع الوصاية على غامبيا، وزاد من توترها صداقات للرئيس السنغالي مع معارضين للرئيس الموريتاني يتقدمهم المصطفى الإمام الشافعي الذي سربت مؤخرا مكالمة بينه مع الرئيس السنغالي دعاه فيها الرئيس صال للمبيت معه في منزله الرئاسي.
ومهما كانت مظاهر التوتر الملاحظة منذ فترة في العلاقات بين نواكشوط وداكار، فإن الجوار مضافا للمصالح المشتركة يفرض على الرئيسين التفاهم المستمر والابتعاد عن الوترات. 
ومن أبرز ما هو منتظر في هذا الشأن البدء في استغلال حقل الغاز الضخم المكتشف على الحدود المشتركة قريبا من مصب نهر السنغال في المحيط الأطلسي.

القدس العربي