موريتانيا: انتقاد متواصل لحملة الانتساب للحزب الحاكم والحزب يدافع ويهاجم معارضيه

اثنين, 04/02/2018 - 01:47

يستمر في المشهد السياسي الموريتاني وبخاصة في جانبه المعارض، جدل ساخن وتساؤل عن الأهداف التي يسعى إليها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وهو المغادر للسلطة قريبا، من وراء حملة تنشيطه للحزب الحاكم المتواصلة منذ أزيد من شهرين والتي توجت بحملة انتساب كبيرة للحزب تضع الدولة فيها حاليا كامل ثقلها وجميع مسؤوليها وموظفيها.
ويكثر التساؤل كذلك عن إطلاق الرئيس بصورة مبكرة للماكينة الانتخابية لغالبيته، وهو إطلاق تعتبره المعارضة سعياً لحسم الاستحقاقات النيابية والبلدية والرئاسية المقبلة، قبل أوانها.
وقد أربك إعلان الرئيس ولد عبد العزيز عن عدم سعيه للترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2019، المشهد السياسي وخلط الأوراق على موالاته كما على معارضته، حيث أدخل هذا الإعلان الموالاة في صراعات أجنحة يقود الوزير الأول يحيى ولد حدامين لواء منها، بينما يقود سيدي محمد ولد محم رئيس الحزب الحاكم لواء آخر، ويقود الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الأغظف كتيبة أخرى.
وضمن هذه الصراعات، يتمسك طيف كبير بالرئيس ولد عبد العزيز نفسه، ويواصل الضغط على الرئيس ليعدل الدستور ويتقدم لدورات رئاسية أخرى في الانتخابات المقبلة، بينما يتلمس ويبحث طيف كبير آخر عن المرشح الذي سيعينه الرئيس ولد عبد العزيز لخلافته والمعتقد على أنه سيكون قائد أركان الجيش الحالي الجنرال غزواني، حتى يبدأ الاصطفاف المبكر حوله. 
أما المعارضة فقد هزها إعلان عدم ترشح الرئيس لكونها جاءها وهي في مرحلة ضعف واضطراب ونقص في الوسائل واختلال في ميزان القوى بينها مع صف الرئيس الذي يملك الدولة برجالها ووسائلها، والذي بدأ معركته لترتيب مبكر ومتقن لخلافة ولد عبد العزيز. 
وضمن تدوينات كبار الساسة حول هذا الموضوع كتب محمد جميل منصور القيادي الإسلامي المحنك والرئيس السابق لحزب التجمع المعارض «نحن الآن في نهاية الشهر الثالث من سنة 2018، والراجح أنه في هذه السنة ستجرى انتخابات نيابية وجهوية وبلدية على أن يكون موعد الرئاسيات في السنة المقبلة 2019، والظاهر، يضيف ولد منصور، أن إمكانية إقدام النظام على انتهاك الدستور في ما يتعلق بالمأموريات تم تجاوزها وأن الرئيس الحالي سيغادر موقعه مع الرئاسيات القادمة».
وقال: «المؤكد أن قطاعا واسعا من الموريتانيين يتطلع إلى التغيير ويرى في موعد 2019 فرصة يلزم ألا تضيع وهذا ما يضع على القوى الديمقراطية والوطنية الجادة مسؤولية كبيرة تتطلب تفكيرا سياسيا غير تقليدي يقرأ الساحة قراءة سليمة ويشخص ميزان القوى الفعلي لا المرغوب، ويدرك أن مقتضى المرحلة ومطلوبها يتجاوز الأطر والحدود الموجودة الآن، ويوفر جواً مطمئناً وحاملاً للأمل في المنافسة القادمة».
«ويشمل هذا التفكير، يقول ولد منصور، الأطروحة المطلوبة والترجمة البشرية لها في خيار أو خيارات والمقاربة المعتمدة في التعاطي مع مشاكل البلد وتحديات المحيط من حوله أمنيا وسياسيا واقتصاديا.»
وأضاف «الناس يريدون التغيير ويحتاجونه وأوضاع البلاد تقتضيه وتستلزمه وعلى الساعين إليه الحريصين عليه أن يعطوه ما يستحق تفكيرا وتقديرا وحنكة». أما زعيم معارضة الخارج سعد حمادي فقد ركز على ما يعتبره «تزويراً بالجُملة في حملة الانتساب للحزب الحاكم». وقال: «منذ أشهر، مرت حملة الانتساب التي نظمها حزب «تواصل» بهدوء، وفي جو ديمقراطي لم تشبه شائبة، وهو ما حصل أيضا مع حزب «تكتل القوى الديمقراطية» والكثير من الأحزاب الأخرى، لكن ما يحصل مع حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هذه الأيام هو مهزلة حقيقية وفضيحة يقشعر لها بدنُ أي مواطن لديه ذرة غيرة على هذا الوطن».
ورد محمد عبد الدايم الناشط في الموالاة على تدوينة سعد حمادي قائلاً: «للأسف، هذا تنقصه الموضوعية وهو استهزاء بمتابعيك، وهل حزب «تواصل» ومنتسبوه ينتمون للسويد مثلا؟، وهل التكتل ومنتسبوه ينتمون لسويسرا مثلا؟؛ هم جميعا وحزبنا حزب الاتحاد من نفس الطينة، التفكير نفسه الأسلوب نفسه، ونفس والممارسة والعقلية نفسها، وهذا ما نحاول أن نغير منه ما استطعنا، نحن أهل حزب الاتحاد أو نقلل منه على الأقل، ومن المبكر أن نقول إننا نجحنا في تنفيذ توصيات الأيام التشاورية، ومن المبكر أيضا أن يقول غيرنا أننا فشلنا في تغيير المسلكيات المتعلقة بالانتساب؛ فلننتظر حتى نهاية الحملة وفرز النتائج».
وكتب أعل ولد بكار منتقداً سياسات الرئيس في المرحلة الحالية قائلاً: «من التقاليد العسكرية: التمويه إن أراد فريق مقاتل الانسحاب من المعركة، فعادة ما يترك وراءه عناصر تقاوم بشراسة لتغطي خروجه من الميدان، ولعل هذا التكتيك هو ما يحضر له الآن من خلال تفعيل حزب الحكومة وإشاعة ان الجنرال سيرأسه في المستقبل». وأضاف ولد بكار: «من الصعب أن يبقى الجنرال عزيز في البلد بعد ما اقترفه من جرائم اقتصادية وتحد للناس ومن فتنة زرع بذورها». 
ورد رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم في تغريدة له قبل يومين على هذه التدوينات المنتقدة قائلاً: « لمن ينسجون إشاعات عن عملية الانتساب، ويتحدثون عن استخدام وسائل الدولة، أجزم لهم بأن حزب الاتحاد لم ولن يستخدم وسائل عمومية في أي عمل حزبي مهما كان، ونفاخر بأننا أول حزب حاكم كرس هذه الممارسة وأشاع هذه الثقافة، ويقدم لنا خدمة جليلة من يكشف بالدليل أي سلوك مخالف لذلك».
وفي خضم هذا الجدل كتب الإعلامي محمد حاميدو كانتي «هذا حزب يؤسسه الحاكم، ويشهد ارتفاعا لأشخاص وهبوطا، وهذا الحزب اصطلاحا هو حزب الشعب «وإن تعددت تسمياته» وهو تحت الرعاية السامية للجيش، يحافظ على كيان البلد ويحمي حوزته الترابية ويضمن وحدة شعبه، لا أحد يمكنه المزايدة على ذلك، على أي حال: من حلقت لحية جار له فليسكب الماء على لحيته، وفي المجمل هذا هو واقع حال السياسة في موريتانيا، في إيجاز غير مخل، فالمعارضة غارقة في مشاوراتها والحزب الحاكم فاتح باب الانتساب».

القدس العربي