سبعة آلاف ميل بحري؛ هي المسافة التي تفصل نواكشوط عن واشنطن (جيئة وذهابا).. مسافةٌ تبدو بحسابات الجغرافيا عادية؛ لكنها بمقاييس الفوارق بين عالمنا "الثالث" وعالمهم "الأول" تعادل سنوات ضوئية..
***
شهدت العاصمة الموريتانية نواكشوط، وتحديدا في شمالها، يوم الأحد الموافق 29 يونيو 2025، سلسلة من الانقطاعات المفاجئة وغير المبررة للتيار الكهربائي، بلغ عددها ما بين عشر إلى اثنتي عشرة مرة خلال اليوم ذاته، تخللتها فترات قصيرة من إعادة التيار، قبل أن تختتم هذه المعاناة بانقطاع مطول دام أكثر من سبع ساعات متواصلة مساء يوم 30 يونيو.
في عالم تتسارع فيه التحولات وتتداخل فيه الأزمات، لم تعد السياسة رفاهًا نظريًا أو ترفًا مؤجلاً، بل أصبحت استجابةً مستمرة لتحصين الدول من آثار الارتدادات الإقليمية والدولية.
هل تغيّر شيء في موريتانيا؟ نعم، ولكن من دون ضجيج يسرف في التبشير ، بل بخطى هادئة تراكم الأفعال، وتعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس اكثر عدلا و واقعية.
أن تستعيد عادة انتزعتها منك مشاغل الحياة اليومية والتقدم في العمر، فتلك محمدة تستحق الامتنان لله عز وجل أولاً، ولمن له الفضل كوسيلة لاستعادة هذه العادة ثانياً.
في خطوة صادمة أثارت ردود فعل دولية واسعة، قررت حكومة المجر بقيادة فيكتور أوربان في أبريل 2025 الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ولم تكتفِ بذلك، بل وجهت دعوة إلى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل المطلوب للمحاكمة، في خطوة تُعد دعماً صريحاً لسياسات النظام الصهيوني الإجرامية.
ترتيبنا العالمي في تقرير مراسلون بلا حدود لحرية الصحافة (خمسون عالميا، الخامسة إفريقيا، الأولى عربيا) يمثل تراجعا كبيرا في مؤشر الحريات الإعلامية، وهو دون الانتكاسة بقليل.. لم نصل إلى الأحمر، ولكننا عند حاشيته البرتقالية..
تشهد قارتنا الإفريقية أزمات متلاحقة لا تنتهي: صراعات دامية، أوبئة متفشية، هشاشة اقتصادية مستشرية، وانهيار متواصل في أنظمة الحكم.
هذه العوامل مجتمعة دفعت الملايين إلى البحث عن ملاذات بديلة، أملاً في فرصة عيش كريم، ولو كان الثمن المخاطرة بالحياة عبر المحيطات أو التخفي في المجتمعات الأخرى.
حسناً فعلت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، بإشراف رئيسها الألمعي الدكتور خليفة الظاهري، أن اختارت عنواناً لمؤتمرها الثالث حول الدراسات الإسلامية موضوع «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك»، في سياق عربي ودولي تُطرح فيه بقوة هذه الإشكالية الفكرية والمجتمعية المحورية.