بعد 288 يوما على اعتقاله المثير للجدل، عاد ملف السيناتور المعارض محمد ولد غده ومجموعته أمس للواجهة بعد أن أضافت النيابة العامة تهما جديدة ضد «س» لهذا الملف، تتعلق «بغسيل الأموال، والتهرب الضريبي، والتعدي على أملاك الشركاء».
وفسرت هيئة الدفاع عن عضو مجلس الشيوخ محمد ولد غده والمشمولين معه في الاتهام من شيوخ، وقادة نقابيين، وصحافيين ورجال أعمال معارضين، في بيان وزعته أمس إصدار النيابة العامة لاتهامات جديدة بأنه «يعود لإخفاق مصالح الشرطة في تجميع عناصر إثبات من هنا وهناك، يمكن أن تقدم للرأي العام، لإثبات تهمة الفساد ومن أجل الاستعاضة عن عدم المصداقية الذي تعاني منه الإجراءات الحالية سواء على المستوى الوطني أو الدولي بسبب طابعها السياسي المحض، الخارج عن القضاء».
وأكدت هيئة الدفاع «أن النيابة العامة أخرجت فجأة اتهامات جديدة، فطلبت على أساس محاضر أعدتها مصالح الشرطة بصفتها «قاضياً بالتفويض»، من قطب التحقيق، وحصلت منه، رغم عدم اختصاصه المادي للاستجابة لهذا الطلب، على فتح مسطرة جديدة تكون هذه المرة على أساس التهمة «بغسيل الأموال والتهرب الضريبي والتعدي على أملاك الشركاء» وذلك ضد المجهول «س» أي لا أحد معروفا بالتحديد أو هي ضد كل شخص، حسب تعبير الهيئة، ومع ذلك تم تفتيش منزلي السيدين بوعماتو والدباغ دون غيرهما من البيوت والمنازل مما يفيد أن «س» هذه ليست على درجة كبيرة من المجهولية».
«من جديد، تضيف هيئة الدفاع، فوّض قطب التحقيق السلطة الواسعة التي يتمتع بها إلى مصالح الشرطة الاقتصادية التي تقوم، حسب تقديرها الخاص أو بالأحرى بإيعاز من رؤسائها، بالتفتيش هنا وهناك، فتحتجز ما ترى حجزه وتضع اليد على ما شاءت أن تضعها عليه من وثائق أو ممتلكات وتستجوب هذا الرجل أو تلك المرأة».
وتوقعت هيئة الدفاع في بيانها أمس «تمديد فترة احتجاز السيناتور محمد ولد غده بعد انقضاء أجلها القانوني الأقصى»، كما توقعت «أن تتجه إجراءات تقييد الحرية المقررة ضد الشيوخ والصحافيين والقادة النقابيين للمصير نفسه، وتوقعت الهيئة أيضا أن يتم بلا ريب إصدار مذكرات توقيف دولية جديدة ضد السيدين رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو ومدير أعماله محمد ولد الدباغ، بحيث تكون هذه المرة معتمدة على أساس ما استحدث في حقهم من التهم».
«أمام هذه الخروق المتعددة لحقوق الدفاع، يضيف البيان، فإن فريق المحامين يطالب باستعادة قضاة التحقيق لمباشرة المسطرة بأنفسهم، وإلغاء جميع القرارات المخالفة للقانون التي اتخذتها مصالح الشرطة باسمهم ونيابة عنهم، مع منح الدفاع حرية الاطلاع على جميع الإجراءات المتخذة في المسطرة، والتصريح بألا وجه للمتابعة في حق كافة المشمولين في هذه المسطرة».
وأعادت هيئة الدفاع في بيانها التذكير بمجريات هذا الملف حيث أكدت «أنه تم في خرق سافر للقانون، يوم عطلة رسمية وخروجا على قواعد الحصانة التي نص عليها الدستور لصالح أعضاء البرلمان فتح التحقيق في الملف رقم RP 004/2017 ضمن خرق سافر للقانون استمر منذ أكثر من ثمانية أشهر في مسطرة تفتيش انتابها، على كافة محطاتها، انعدام ما يلزم قضائيا من شفافية، في بطء مريب يتخلله من حين لآخر تسرع في اتخاذ بعض القرارات».
وأضاف البيان «ففي الحالات النادرة التي استجاب فيها قطب التحقيق لطلبات الدفاع حول مسائل جانبية، تُلغي من دون تردد الهيئات القضائية الأعلى منه ، بقرارات مقتضبة وخالية من التعليل، كل ما ذهب إليه قطب التحقيق، و لم يتم إلى حد اليوم إعطاء رد ما على المذكرة التي قدمها الدفاع منذ 6/3/2018 إلى القاضي وهي المذكرة الرامية إلى الحصول على قرار شامل بألا وجه للمتابعة لغياب أي دليل ينهض للتهم، وبهذا الإجراء الغريب في تاريخ القضاء، تخلى القاضي، بالفعل، عن ملف أصبح مصيره في يد مصلحة شرطة تأتمر بأوامر وكيل الجمهورية وأوامر السلطة التنفيذية وتنتهي بنواهيهم، وهكذا أفرغت، من فحواها، طيلة فترة التحقيق، كافة الضمانات التي يمنحها القانون والاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، فالتحقيق لم يعد يقوم به قاض يفترض فيه الاستقلال عن السلطة التنفيذية، والتحقيق يجري لإثبات التهمة ولم يعد يجري إثباتا ونفيا، والقاعدة الحضورية الأساسية المبنية على الدليل مقابل الدليل والحجة بالحجة، تم خرقها، ولم يتمكن دفاع المتهمين من الاطلاع على الإجراءات التي باشرتها مصالح الشرطة باسم القاضي ونيابة عنه، وبكلمة واحدة أرسيت معالم محاكمة غير عادلة».
وكانت النيابة العامة قد أكدت في بيانها حول اعتقال السيناتور ولد غده « أنها فتحت تحقيقات ابتدائية معمقة وشاملة بعد التوصل بمعلومات موثقة عن قيام أشخاص متعددين بالتمالؤ والتخطيط لارتكاب جرائم فساد كبرى عابرة للحدود ومنافية للأخلاق والقيم السائدة في المجتمع ضمن تشكيل منظم يهدف إلى زعزعة السلم العام».
«وفي إطار تلك التحقيقات تم حتى الآن، تضيف النيابة، توقيف المشتبه به محمد ولد أحمد ولد غده، طبقا لأحكام وترتيبات القوانين المعمول بها، وأتيح له اللقاء بمحاميه ضمانا لحقوق الدفاع».
«والنيابة العامة، يضيف البيان، وهي تعلن للرأي العام فتح هذه التحقيقات الشاملة في جرائم خطيرة أخذت مسالك غير تقليدية، وغير مسبوقة في تاريخ البلد، تؤكد أن ظروف توقيف كل من تشملهم هذه التحقيقات ستكون كما كانت دائماً خاضعة لمقتضيات الشرعية التي تكفلها مقتضيات القوانين وتراقبها السلطة القضائية».
ويشمل ملف محمد ولد غده، إضافة لأعضاء مجلس الشيوخ المنحل وللنقابيين والصحافيين، رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو ومدير أشغاله محمد ولد الدباغ الموجودين خارج موريتانيا واللذين أصدر القضاء الموريتاني بحقهما مذكرات توقف دولية.
وللتذكير، بدأت تفاعلات هذه القضية يوم 17 مارس/ آذار 2017 تاريخ تصويت مجلس الشيوخ المنحل ضد تعديلات دستورية تقدم بها الرئيس للبرلمان، واضطر بعد إسقاطها في مجلس الشيوخ، لتمريرها عبر استفتاء شعبي نظم يوم الخامس من أغسطس/آب 2017 وقاطعته المعارضة.
القدس العربي