تشهد «خيام الإفطار» أو «موائد الرحمن» في موريتانيا هذا العام إقبالا كبيرا، مقارنة بالسنوات الماضية.
هذه الزيادة يعزوها متابعون إلى هجرة آلاف الأسر الفقيرة من القرى إلى المدن، خاصة العاصمة نواكشوط؛ بسبب موجة الجفاف الـتي تجـتاح الـبلاد.
وتشهد أنحاء واسعة من موريتانيا هذا العام موجة جفاف هي الأكثر حدة منذ سنوات؛ بفعل شح الأمطار في الموسم الماضي.
وتسبب شح الأمطار في نقص شديد في المساحات الرعوية واتساع دائرة التصحر في بلد يعاني أصلا من التصحر وانحسار الغابات والغطاء النباتي، وضعف المحاصيل الزراعية.
توزيع الأدوار
وحذرت هيئات دولية من مجاعة وشيكة في موريتانيا؛ بسبب موجة الجفاف الراهنة.
وأقامت جمعيات محلية المئات من «خيام الإفطار» في نواكشوط، عند ملتقيات الطرق وفي الساحات العامة وأمام المستشفيات.
ولوحظ ازدحام داخل هذه الخيام، مع قرب موعد الإفطار يوميا، بعد أن كان الإقبال عليها، خلال السنوات الماضية، متوسطا.
ويشرف على تقديم وجبات الإفطار في هذه الخيام شباب متطوعون ينشطون في جمعيات غير حكومية.
يتقاسم المتطوعون الأدوار في الخيام، لتسهيل عملية تقديم وجبات الإفطار.
منهم من يتولى الطبخ، ومن يجهز التمور ويوزعها، ومن ينشغل في تحضير الشاي، المعروف في اللهجة المحلية بـ «أتاي»، ويتناوله الموريتانيون بالتمر بعد الإفطار مباشرة.
يقول رئيس جمعية «بسمة وأمل» (غير حكومية)، محمد ولد محمد باباه، إن «عشرات الشباب المتطوعين يتركون أعمالهم وانشغالاتهم ويتفرغون، طيلة شهر رمضان، للعمل في تحضير وجبات الإفطار التي تقدم في هذه الخيام».
ويضيف أن «بعض الشباب يطبخون، وآخرون يعدون ويعلبون الحلويات، ومجموعات أخرى تنظف الخيام وتجهزها لاستقبال الضيوف».
ويشدد على أن «المتطوعين في مثل هذه الأعمال في تزايد مستمر، والشعب الموريتاني بدأ يتفاعل بشكل كبير مع هذه المبادرات».
ويلفت إلى أن «العديد من الناس يتبرعون بسيارتهم الخاصة لنقل الوجبات إلى خيام الإفطار المنتشرة في أحياء نواكشوط».
من معايشته اليومية، يقول نور الدين ولد باه، متطوع، للأناضول إن «الإقبال على خيام الإفطار هذه السنة كبير جدا».
ويوضح أنه «في الخيمة الواحدة يفطر نحو 300 شخص يوميا.. هذا عدد كبير مقارنة بالسنوات الماضية».
ويضيف أن «الوجبات التي تقدمها الجمعيات في هذه الخيام هي وجبات متكاملة (غذائيا)، ما دفع الكثيرين إلى الإفطار بها».
«عبد الرحمن»، وهو مستفيد من خيمة إفطار في نواكشوط، يرى أن «مثل هذه الخيام باتت ملاذا الفقراء العاجزين عن توفير وجبات إفطار».
ويتابع: «أرتاد خيمة إفطار منذ بداية شهر رمضان المبارك.. القائمون عليها يقدمون لنا وجبات متكاملة».
ويمضي قائلا: «إنهم شباب طيبون يستقبلوننا بابتسامة ويسعون إلى خدمتنا، إنه عمل رائع.. هذه الخيام مكان مريح ونظيف ومجهز بشكل جيد».
ويتمنى عبد الرحمن أن «يتم تعمم مثل هذه المبادرات على المدن والقرى الموريتانية.. فخيام الإفطار موجودة حاليا في العاصمة وحدها».
دعم حكومي
بموازاة المبادرات الأهلية تنفذ الحكومة الموريتانية، منذ بداية رمضان، برنامجا لدعم 3400 أسرة، عبر توفير المواد الغذائية بأسعار مخفضة، طيلة الشهر.
وتقول الحكومة إن المشروع يوفر الاحتياجات الأساسية من المواد الغذائية بأسعار مدعومة، عبر اثنتي عشرة نقطة بيع موزعة في أحياء نواكشوط.
وضمن هذا المشروع أعلنت الحكومة طرح 1360 طنا من السكر ومثلها من الأرز، و544 طنا من المعجونات الغذائية (المخبوزات).
إضافة إلى 300 طن من الزيوت النباتية، و100 طن من اللبن المجفف، و400 طن من البطاطس، و300 طن من البصل.
نواكشوط – من محمد البكاي: (الأناضول)
7akh