فجـر السبت الموافق لـ09 يونيو كنت عائـدا من حي كارفور قبيـل ذلك، كنت قـد توقفت قليلا أمام حانوت بجانب أحْرَايَثْ سَينْكَيْمْ كان باعته يتحلقون حول كلبة تحاول انقاذ صغارها اللذيـن صدمتهم للتو سيارة لا تلوي على شيء..! كان الموقف غريبا حيث يلتقط أحدهم صور جراء ميتة وكلبة ملتاعة كما كان مقــززا حيث تنطلـق قَهْقَهَاتْ أهل البُوتيكْـ، ركنت السيارة ونزلت متسائلا ومطالبا أولئك الأشخاص بالكف عن إهانة تلك الحيوانة..! وعندها انبرى أحد المارة للمهمة فصرخ في المجموعـة و وبخهم حتى تفرغوا وبقيت تلك الكلبة وسط الشارع تُغالب حيْرتَها و دُموعها !.
في تلك اللحظـة لـم أكـن أعرف أننـي سأكون على موعد مع الرُعْبِ فـي حـد ذاتـه .. وهـو ما أرويه لجمهور المُغردين والمدونين والصحافـة حتـى لا تضيع حقيقة الحادث المشؤوم والعبـر التي يجب أن ترافقنا إلى طريق السلامة.
في حدود الثانية وعشريـن دقيقـة .. فجـرا! أخذْتُ طريق المطار القديم انطلاقا من سوق لَكْبَيْـدْ بعـد أن ضبطت توليفة الرَادْيُو علـى منوعات "اذَاعَـة سْـوا"، وكنت أتجه ناحية تيارت..!
فـي منتصف الطريق رأيت شخصا يرتدي زيا أبيض ناصعا يحاول قطـع المُدرج LA PISTE لكن رفيقه الذي لـم أتبينه جيدا في تلك اللحظة كان عالقا به ويحاول إبقاءه واقفا حتى تمر السيارة؛ هكذا فهمت فيما بعد. أما فـي تلك اللحظـة فقـد قادنـي التفكير إلـى أنني قد أكون أمام كمين أعدته عصابـة سيما و أن المكان مهجور تماما والإنارة معدومة كما يندر أن تمر سيارة أحـرى أن يتواجد المُشاة!. خففت قليلا من السرعـة ثـم قمتُ بإدارة المقود ناحيـة اليسار حتـى أتجنب ما قَدْ يَعْتَرِض خط السيـر.
وفجـأة؛ حدث المكروه لقـد اصطدمت بالشـخص الثاني الذي يبدو أن رأسه سقـط على أرضية المُدرج مما تسبب له في جروح غائرة في الدماغ ورضوض اخرى بالغة على مستويات متفاوتة، هـرعتُ إليه مستطلعا كان المكان فارغا إلا من صديقه الذي تجمَدَ على الرصيف، كما اكتشفت خطورة المـوقف نتيجـة الحادث المروع.. لـم يكـن الشخص الثالث قادرا على مساعدتي حين طلبته بمعاونتي على اسعاف الضحية وحمله الى داخل السيارة فقـد ظـل يكرر : "لحقنا إلى أهلنا فـ الزعتر"!. قمت بالسيطرة عليه و وضعه في مقعد السيارة الأمامي قبل أن أحكم إغلاق الدفة عليه ثـم وضعت ضحيتي وسـط المقاعـد الخلفية للسيارة؛ كان المسكين يئن بشـدة كما تعرض لنزيف دموي حاد.
هرعت به فورا ودون انتظار أي عـون إلى المستشفـى العسكري بلكصـر كانت 10 دقائق كفيلة بوصولـي إلى بوابات المستشفى الرئيسية وهنالك خاطبني الحارس بأن الدخول ممنوع!؟ لكنه تراجع سريعا عندما بيَنْتُ له خطورة الحالة التي بين يدي.
امام الحالات المستعجلة؛ كنت أصيـح بالمُمرضين والمُسعفين مطالبا بإنقاذ المسكين ولو بجهاز اكسجين أو بواسطـة سيارة اسعاف وكان هؤلاء جميعا وبدون استثناء يكررون لا تتأخر سارع الى المستشفى الوطني او طب الكسور، من بين المترددين على المستشفى في تلك اللحظات المخرج السينمائي محمـد سالم دندو الذي بادر إلـى تحيتي قبل أن أغادر باتجاه المستشفى الموالي!
أوصلت الضحية الى طب الكسور والجروح حين كان ما يزال يتنفس وإن بصعوبـة، وهنالك بُذلت جهودا مُعتبرة لإنقـاذه بالرغـم من اشتكاء المُسعفين من قلة الامكانات ومطالبتهم بسيارة اسعاف من شأنها أن توصله الى المستشفى الوطنـي!. وفي هذه المحطـة سلمت نفسـي للشرطـة الوطنية وكذلك مفاتيـح السيارة و أوراقها مكتملة.
نقلنا الضحية على متن سيارة اسعاف مرة ثالثـة إلى المستشفـى الوطني وهنالك لفظ عبد الله ولد تاتا (23 سنة) أنفاسه سريعا متـأثـرا بالحادث أو بالإهمال أو بكلاهـما معا ؟
رحـم الله الفقيـد، فقـد كان شابا مقبلاً على الحياة و بـارا بوالديه كما كانت أسرته المنحدرة من مقاطعة كُوبَني أحْرَص الناس على سلامتـي النفسية وهُـم من بادروا بالعفـو وسحبِ الشكـوى رغـم خصاصتهم ومأساتهم.
الخلاصــة التي تعرفها شرطـة المرور ونجهلها نحــن هـي أن طريق مُدرج المطار القديم باتت طريقا للموتْ فحسب,
نقلا عن صفحة الإعلامي عبيد ولد إميجن