قدم حزب اتحاد قوى التقدم المعارض أمس ثالث عريضة طعن في تشكيلة اللجنة المستقلة للانتخابات بينما يقترب موعد الانتخابات العامة في موريتانيا المقررة في شهر سبتمبر/أيلول القادم.
وسبق لمؤسسة المعارضة الديمقراطية أن تقدمت بطعن أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا، مطالبة «بإلغاء المرسوم الصادر يوم 18 إبريل/نيسان 2018، كما تقدم حزب الحضارة والتنمية المنضوي في الغالبية بطعن مماثل ضد تشكيلة هذه اللجنة».
وأكد حزب اتحاد قوى التقدم في إيجاز نشره أمس «أنه تقدم بعريضة طعن بالإلغاء أمام الغرفة الإدارية في المحكمة العليا بنواكشوط ضد المرسوم رقم: 98/2018 القاضي بتعيين أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات»، مطالبا «بإلغاء المرسوم المذكور باعتباره قراراً إدارياً عديم الأثر لخرقه قوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية وتجازه حدود السلطة».
وأوضح الحزب «أنه بصدد توزيع العريضة على الأطراف المعنية بها وهي رئاسة الجمهورية واللجنة المستقلة للانتخابات والمجلس الدستوري».
وشكلت اللجنة المستقلة للانتخابات منتصف أبريل/نيسان الماضي بالتشاور بين السلطة وأحزاب الغالبية وأحزاب معارضة قبلت الحوار مع السلطة عام 2016 حول عدد من القضايا السياسية.
وستشرف هذه اللجنة على انتخابات نيابية وبلدية وجهوية مقررة هذا العام، وأخرى رئاسية مقررة، العام القادم.
وسبق لهيئة المعارضة الموريتانية وهي مؤسسة دستورية، أن تقدمت الشهر المنصرم للغرفة الإدارية بالمحكمة العليا بعريضة ضد رئاسة الجمهورية طالبت فيها بإلغاء القرار الإداري الصادر بتاريخ 18 أبريل/ نيسان 2018 والمتضمن تعيين لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات «لجنة الحكماء»، واعتباره عديم الأثر لخرقه قوانين الجمهورية وتجاوزه لحدود السلطة».
وطالبت العريضة بين أمور أخرى «بإعادة تعيين لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات وفق مقتضيات القوانين الموريتانية وإلزام الدولة الموريتانية ممثلة برئاسة الجمهورية بناء على ذلك باستقبال اقتراح زعيم المعارضة الديمقراطية المتعلق بتشكيلة لجنة التسيير باعتباره الحامي لحقوق المعارضة والمسهل لتمثيلها في المؤسسات الجمهورية وفقاً لما تنص عليه المادة 6 من قانون مؤسسة المعارضة».
وأسست هيئة المعارضىة الموريتانية طعنها الهادف إلى إلغاء المرسوم رقم 098 بتاريخ 18 أبريل/نيسان 2018 باعتباره قراراً إدارياً صدر مخالفاً لقوانين الجمهورية، على مجموعة من الوقائع والأسباب بينها مضمون قانون نظام المعارضة الديمقراطية الذي ينص على أن هيئة المعارضة مؤسسة من أجل تنسيق عمل التشكيلات السياسية المعارضة وحماية المعارضة وضمان حقوقها وتسهيل تمثيلها داخل المؤسسات الجمهورية. وانتقدت العريضة «إصدار رئاسة الجمهورية لمرسوم تشكيل لجنة الانتخابات من دون تشاور مع مؤسسة المعارضة الديمقراطية الممثل القانوني للمعارضة الديمقراطية والحامية لحقوقها والمسهلة لتمثيلها داخل مؤسسات الجمهورية وهو ما يجعل المرسوم معيبا بالتعسف والشطط في استعمال السلطة وخرق القانون، عدا كون إصداره مخالفة صريحة لأحكام القانون رقم 2018-005 المعدل لبعض أحكام القانون النظامي رقم 2012-027 بتاريخ 12 أبريل 2012 المتعلق بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات الذي ألزم رئاسة الجمهورية بتعيين لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات «لجنة الحكماء» بناء على التشاور وعلى المقترحات المقدمة من الغالبية والمعارضة، وهو ما لم يقع بالصيغ والإجراءات المنصوص عليها في القانون، حيث تنص المادة 6 على أنه «يتم اختيار الأعضاء المقترحين للتعيين بشكل توافقي من ضمن شخصيات توجد على قائمة من اثنين وعشرين عضواً يجري إعدادها بناء على اقتراحات الغالبية والمعارضة بواقع أحد عشر عضوا يقترحهم كل فريق سياسي.
وأكدت العريضة «أن تعيين لجنة تسيير اللجنة المستقلة للانتخابات بموجب المرسوم 098-2018 بناء على مشاركة بعض الطيف المعارض في اقتراح لجنة التسيير وحرمان الطيف الأكبر من المعارضة من حقه في الاقتراح، يجرد هذه اللجنة من صفة السلطة الجماعية المنصوص عليها في المادة 6 من القانون النظامي رقم 005/2018 أعلاه، وهو ما يعني عدم أهليتها لتسيير مشهد انتخابي جماعي تقتضي فلسفة وجود اللجنة المستقلة للانتخابات في جميع الأنظمة الديمقراطية، طمأنة جميع المشاركين فيه وتبديد جميع مخاوفهم من عدم نزاهة وشفافية الانتخابات فيه، بل تعتبر الظروف التي اكتنفت تشكيل هذه اللجنة مقلقة، وتؤكد مخاوف المعارضة من وجود نية للتحكم والتزوير».
وإضافة لهذه العريضة التي تقدمت بها هيئة المعارضة، فإن منتدى المعارضة وهو تحالف كبير لأحزاب ونقابات المعارضة أعلن هو الآخر أنه «سيستخدم حقه عبر الطعن في شرعية اللجنة المستقلة للانتخابات».
وقال محمد ولد مولود الرئيس الدوري للمنتدى في تصريح أخير له: «نعتبر اللجنة المستقلة للانتخابات فاقدة للشرعية والمشروعية، لأن القانون المنشئ لها ينص في مادته السادسة على أنها تشكل من طرف الغالبية والمعارضة، وواضح للجميع أن الذين نصبتهم السلطة في مكان المعارضة ليسوا معارضين فهم يمثلون طرفاً واحداً مع الغالبية».
وأضاف «الذين شكلوا اللجنة المستقلة للانتخابات لا يملكون الصفة القانونية الشرعية التي تخولهم تشكيلها والاستئثار بذلك، ومن أقصى غالبية أحزاب المعارضة في موريتانيا لا يمكنه أن يدعي بأن اللجنة بتوليفتها الحالية لجنة شرعية ولا وطنية، فهي مشكلة من جهة واحدة». وقال: «إنما ذهبت إليه السلطة بخصوص تشكيلها المعلن للجنة المستقلة للانتخابات قرار خطير لكونه يدفع الانتخابات المقبلة لتكون انتخابات تطبعها النزاعات والمواجهات».
وانتقد ولد مولود «قيام النظام الحاكم بمسابقة الزمن من أجل تكريس المسار الأحادي من خلال تمرير النصوص المتعلقة بالاستحقاقات المقبلة والهيئات المشرفة عليها، من دون التشاور مع طيف واسع من القوى السياسية الفاعلة، وتهميشه وتجاهله، وإرغام عمال الدولة والوجهاء ورجال الأعمال، بالترغيب والترهيب، على الانخراط في حزب السلطة وخدمة مشروعها في فرض نفسها وإسكات كل الأصوات التي تطالب بالتغيير الديمقراطي في البلد».
وفي السياق أكد كان حاميدو بابا رئيس حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس المعارض «أن اللجنة المستقلة تفتقد الشرعية»، مبرزاً في تصريحات له أمس «أن أي انتخابات توافقية لا بد أن تشرف عليها لجنة انتخابية توافقية».
وقال: «ليس بالإمكان تجاهل منتدى المعارضة بثقله السياسي الكبير في انتخابات يراد لها أن تكون جادة، لأن اللجنة المستقلة هي من يتولى كافة مهام العملية الانتخابية من بدايتها حتى إعلان نتاجها».
واستغرب حاميدو بابا «تمسك النظام بتعيين ممثلي المعارضة في اللجنة المستقلة للانتخابات من المشاركين في حواره الخاص لعام «2016، مضيفاً: «أنه لا يمكن لأي قانون أن يمنح حقوق المعارضة بكافة أطيافها للأشخاص الذين حاوروا السلطة، وكيف يمكننا، في هذا الصدد، أن نقبل تجاهل النظام لمؤسسة المعارضة التي هي مؤسسة دستورية قائمة».
ويأتي تقديم هذه العرائض الرافضة لتشكيل لجنة الانتخابات من دون التوافق مع المعارضة ليعقد الأمور، بينما قطعت السلطات خطوات في التحضير للانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة سبتمبر/أيلول المقبل، إن لم يصدر قرار بالتأجيل.
القدس العربي