عبد الله مولود: لم يؤمن به أحد لحد الآن لكنه أعلن أنه «المهدي المنتظر» يوم الجمعة أمام جموع المصلين في مسجد ابن عباس وسط العاصمة نواكشوط.
لقد فوجئ المصلون برجل في الخمسين رث الثياب أشعث الرأس حاد الأظافر زائغ العينين، وهو يعلن رسالة المهدوية «أنا قادم لهذا الجامع من البرزخ وأنا المهدي الذي سيملأ الله بي الأرض عدلا كما ملئت جورا».
لم يتحرك أحد في الجامع لهذا الإعلان المثير، ولم يعلن أي أحد البيعة، وبعد دقائق أخذ المؤذن بيد الرجل وأنزله عن المنبر واقتاده خلف الصفوف.
بعد الصلاة تجمع حوله المصلون، لاحظوا، حسبما أكده أحد الحاضرين، أنه كان صامتا طول الوقت وأنه لا يرد على أسئلة الفضوليين.
السائد في المعتقدات المتداولة أن ظهور المهدي لن يكون في موريتانيا بل عند الركن اليماني من الكعبة المشرفة، لذا يؤكد الإمام الشيخ سيدي أعمر «أن ادعاء المهدوية هنا في هذه البلاد لا يستقيم لأن الأحاديث تؤكد كلها أن بيعة الإمام المهدي ستكون بين الركن والمقام وأنه متى ما بويع ستتحول السلطة إليه مباشرة على مستوى العالم».
ويؤكد علماء موريتانيون ناقشت «القدس العربي» أمس هذه القضية معهم «أن صريح الأحاديث المروية عن المهدي غير صحيح، وصحيحها غير صريح، لذا يجب التريث والتثبت».
وقد كثرت في العقود الأخيرة دعاوى المهدوية شرقا وغربا وخاصة في اليمن التي ورد ذكرها في بعض الأحاديث النبوية المشيرة لظهور المهدي، والكثيرون يعتقدون أن حرب السعودية على اليمن ستؤول إلى ظهور المهدي المنتظر الذي سيدك دولة آل سعود ويحكم القبضة على الجزيرة العربية.
ولم تكن جماعة «جند السماء» وحدها التي ظهرت في العراق خلال السنوات الأخيرة، فقد ظهرت جماعة في ذي قار والصبرة في جنوب البلاد، تحت مسمى «أنصار الحسن اليماني».
وفي عام 2012، ظهر رجل اسمه فاضل المرسومي الملقب بـ»الداعي الرباني» وقال إن الله أرسله لتوحيد المذاهب في فرقة واحدة، لكنه شارك في انتخابات مجالس المحافظات في قضاء الخالص قبل سنوات، ولم ينجح في الحصول على أصوات.
وفي لبنان كشف عن شخص يدعى عادل هزيمة، ويقول إنه القحطاني العراقي وزير المهدي على الأرض، فيما ظهر في اليمن شخص يزعم أنه المهدي المنتظر، ولكن بنسخته اليمنية، واسمه ناصر محمد القردعي، وهو يمسك بسلاح كلاشينكوف، ومتزنر خنجرًا يمنيًا، وهو يرسل خطابات إلى ملوك وزعماء عرب وأجانب، ويفاوض لإطلاق سراح ابن ثري يمني خطف مقابل شاحنة فيها زئبق أحمر، لأن باب الحشيشة أغلق. وفي مصر خرجت سيدة مصرية تدعى سهير عبد الرحمن صالح، وهي تقول في تسجيل فيديو أمام نقابة الصحافيين المصريين إنها «دابة الأرض التي وعد الله عباده بالظهور في آخر الزمان».
هكذا تدفع الأوضاع الصعبة في العالم العربي والإسلامي الكثيرين لدعوى المهدوية وهي في حقيقتها بحث عن الخلاص الغيبي في العالم المجهول، من براثن الظلم والجور ونيران الحروب وعذابات اللجوء والتشرد.
فهل سيهتم شيعة لبنان وإيران بمهدي موريتانيا الذي ما زال ينتظر البيعة لحد الآن، أم أن لديهم مهديهم المنتظر؟
نواكشوط ـ «القدس العربي»