عندما قررت الحكومة الموريتانية في العام 1981 تجريم الرق بعد مشاورات مع العلماء وأصدرت قانونها المجرم للاسترقاق طلبت من الولاة الاتصال بالوجهاء لشرح هذا القانون.
وفي الترارزة حينها تداعى الجميع إلى محاضرة حول الموضوع ألقاها المفوض محمدو ولد البار وكانت أساس مادة كتاب أصدره بعد ذلك بعنوان "معالم التحقيق في شرعية إنهاء الدولة للرقيق" والكتاب على صغر حجمه، فقد ملئ علما وتاريخا وخبرة وحسن أسلوب إضافة إلى كونه باكورة التآليف المناهضة للاسترقاق.
إن الأمر غريب جدا، عندما يتعلق بمفوض شرطة يمكن أن يحاضر ولكنه ليس غريبا بالنسبة لمحمدو ولد البار، محمدو ظاهرة فريدة، فقد خرج هذا الشاب البدوي من حي أهله في رقاب آلاك واغشوركيت متجها إلى المغرب لينهل من العلوم الشرعية واللغوية قبل أن يغادر إلى ليبيا ويحصل على ليصانص في العلوم الشرعية سنة 1966 وغادرها قبل أن يصل القذافي إلى الحكم بأشهر.
عاد إلى موريتانيا وعمل كاتب ضبط في سلك القضاء قبل أن يلتحق بجهاز الشرطة، ويعين مديرا جهويا في عدة مناطق من موريتانيا.
يذكر التاريخ لولد البار أنه أوقف سيارة الشرطة عند باب متجر "اسنيم" وحمل كل أكياس الخمر المكدسة في المتجر إلى حفرة، حيث حطمها هنالك وعندما احتج العمدة مولاي الحسن ولد الجيد، خاطبه المفوض قائلا "القانون يحرم وجود الخمور في أي منطقة من البلد، والشريعة قبل ذلك، ولذلك عليك الالتزام بالقانون".
وفي كيدي ماغا علم مدير الأمن الوطني أعل ولد محمد فال أن المدير الجهوي يصلي التراويح بالناس في أحد المساجد، فأرسل إليه ينهاه عن هذا العمل مذكرا بأن أفراد الشرطة ليسوا أئمة للتراويح، رد محمدو ولد البار "صحيح .. شرطي لا يحفظ القرآن لا يمكن أن يكون إماما للتراويح، وأنا أحفظ القرآن".
محمدو .. كاتب متميز ومؤرخ وذاكرة لجيل من المتميزين الذين خدموا الوطن بصمت وخرجوا إلى التقاعد بصمت حيث لا يملك منزلا ولا جاها باستثناء منزل متواضع في كزرة توجنين.
لكوارب